تشافي يجسد العصر الذهبي لبرشلونة... لكن الزمن تغير

المدرب الشاب يواجه مهمة صعبة بعدما أصبحت السرعة والقوة البدنية تتفوقان على الجوانب الفنية والاستحواذ

برشلونة فرط  في حسم  تأهله لدورالـ16 بدوري الأبطال في أول مباراة قارية بقيادة تشافي (رويترز)
برشلونة فرط في حسم تأهله لدورالـ16 بدوري الأبطال في أول مباراة قارية بقيادة تشافي (رويترز)
TT
20

تشافي يجسد العصر الذهبي لبرشلونة... لكن الزمن تغير

برشلونة فرط  في حسم  تأهله لدورالـ16 بدوري الأبطال في أول مباراة قارية بقيادة تشافي (رويترز)
برشلونة فرط في حسم تأهله لدورالـ16 بدوري الأبطال في أول مباراة قارية بقيادة تشافي (رويترز)

عاد تشافي إلى «كامب نو»، لكن كمدير فني يسعى لإعادة برشلونة إلى المجد من جديد. لقد كان تشافي لاعباً من الطراز العالمي يلعب بطريقة رائعة، ويضع دائماً مصلحة الفريق نصب عينيه، وكان يقدم كل الدعم الممكن لزملائه داخل الملعب من خلال اللعب كمحطة في وسط الملعب، وكان يعد لهم المشهد بكل دقة وكأنه مايسترو فرقة موسيقية، وكان دائماً يجد الحلول اللازمة للخروج من المواقف الصعبة. وكان من المستحيل استخلاص الكرة منه، حتى وهو محاط بعدد كبير من لاعبي الفرق المنافسة.
وعندما كان تشافي في قمة عطائه الكروي، كان لا يمكن هزيمة المنتخب الإسباني، الذي حصل في تلك الفترة على لقب كأس الأمم الأوروبية، وكأس العالم، ثم كأس الأمم الأوروبية مرة أخرى. وفي المبارتين النهائيتين لكأس الأمم الأوروبية عامي 2008 و2012. صنع تشافي بمفرده أربعة أهداف. وعلاوة على ذلك، سيطر تشافي على دوري أبطال أوروبا لفترة مع برشلونة - فاز بلقب البطولة الأقوى في القارة العجوز مرتين، ووصل إلى الدور نصف النهائي أربع مرات أخرى. وقال المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، بعد سنوات من خسارة فريقه لنهائي دوري أبطال أوروبا 2011 أمام برشلونة عندما كان يقدم الكرة الهجومية الجميلة المعروفة بـ«التيكي تاكا»: «لقد كان هذا أفضل فريق واجهناه على الإطلاق».
وفي خط الوسط، كان تشافي يكمل أندريس إنييستا بشكل مثالي، حيث كان تشافي يلعب دور اللاعب الذي يسرع وتيرة اللعب، في حين كان «الرسام» إنييستا يستحوذ على الكرة بشكل خيالي. وكان اللاعبان يقسمان العمل بينهما في وسط الملعب، بالشكل الذي يقوم به لوكا مودريتش وتوني كروس في ريال مدريد. وهناك قاسم مشترك آخر بين تشافي وتوني كروس، وهو القدرة على إرسال كرات طولية بدقة فائقة.
لقد كان تشافي مناسباً تماماً لفلسفة برشلونة. وتحت القيادة الفنية لجوسيب غوارديولا، استوعب تشافي وإنييستا وكارليس بويول وليونيل ميسي، الذين كانوا أفضل لاعبي كرة القدم في العالم في ذلك الوقت، مثالية غوارديولا، الذي يرى أن كل لاعب يمكنه القيام بكل شيء داخل المستطيل الأخضر. وتمكن هؤلاء اللاعبون معاً من خلق حالة من التوازن العجيب بين الهجوم والدفاع ونقلوا الفريق إلى مستوى جديد. والغريب أن هؤلاء اللاعبين كانوا من أصحاب البنية الجسدية الضعيفة (باستثناء بويول) لكنهم أثبتوا أن حجم الجسم ليس مهماً، سواء في الدفاع أو الهجوم.
في ذلك الوقت، كان بإمكاني الانتقال إلى برشلونة، ومن المؤكد أنني كنت سأحظى بتجربة رائعة للغاية لو لعبت إلى جانب هؤلاء اللاعبين العظماء. إنني أنظر إلى الوراء الآن والدموع في عيني، لكنني أبتسم أيضاً. فعندما كنت لاعباً صغيراً في ميونيخ، كنت أرغب حقاً في الفوز بدوري أبطال أوروبا مع نادي بايرن ميونيخ. وبالتالي، لم أكن لأسامح نفسي أبداً لو لم أكن هناك من أجل الفوز بهذا اللقب على ملعب ويمبلي في عام 2013. في ذلك الوقت، كان برشلونة نموذجاً يحتذى به للعالم بأسره من ناحية أخرى؛ حيث كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (اليونيسيف) هي الراعي الرسمي لقميص الفريق.
لكن الزمن قد تغير، وفقد المديرون الفنيون بعضاً من نفوذهم، وأصبح اللاعبون يلعبون دوراً أكبر في حسم النتائج. لقد كانت آخر مرة فاز فيها برشلونة بلقب دوري أبطال أوروبا في عام 2015. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن النادي الكتالوني من الوصول إلى المباراة النهائية، بل على النقيص تكبد الفريق خسائر ثقيلة للغاية، مثل الخسارة أمام بايرن ميونيخ بثمانية أهداف مقابل هدفين، والخسارة أمام ليفربول برباعية نظيفة، والخسارة أمام روما بثلاثية دون رد، والخسارة أمام باريس سان جيرمان بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، ثم الخسارة بثلاثية نظيفة في لشبونة. هذا هو الجانب السلبي لكرة القدم، التي تتطلب دائماً أفضل تقنية ومستوى من الذكاء من الجميع.
لقد تراجعت جاذبية برشلونة، وأصبحت طريقة اللعب التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة بنسبة 70 في المائة أو أكثر موضع شك وتساؤل. وبالفعل في عامي 2010 و2012، لعب كل من إنتر ميلان وتشيلسي بطريقة دفاعية بحتة وتمكنا من إقصاء برشلونة من الدور نصف النهائي. واليوم، أصبح الجميع يلتزم بطريقة «عودة جميع اللاعبين وراء الكرة» في حال خسارتها من أجل تأمين النواحي الدفاعية في المقام الأول. وأصبحت الحلول الفردية عاجزة عن فك الشفرات الدفاعية للفرق التي تدافع من داخل منطقة جزائها. وبدلاً من ذلك، أصبحت الفرق التي تلعب بطريقة هجومية تعتمد على اللياقة البدنية العالية والكرات الثابتة والهجمات المرتدة السريعة.
وبالتالي، أصبحت كرة القدم أكثر سرعة، وأصبحت تعتمد بشكل أكبر على القوة واللياقة البدنية العالية. وحتى غوارديولا تكيف مع هذا الوضع الجديد وغير طريقة لعبه مع مانشستر سيتي، وأصبح يهتم بشكل أكبر بالنواحي الدفاعية. وأصبحنا نرى الآن أبطالاً جدداً داخل ملاعب كرة القدم، مثل ترينت ألكسندر أرنولد، وبول بوغبا، وفينيسيوس جونيور، وألفونسو ديفيز، وإيرلينغ هالاند، الذين يشبهون في قدراتهم البدنية العداء يوسين بولت، وليس مثل تشافي قصير القامة البالغ طوله 1.70 متر.
والآن، يلعب ميسي مع باريس سان جيرمان. هناك، في الواقع، منافسة اقتصادية جديدة. ففي عام 2011. كان برشلونة وريال مدريد هما من يحققان أعلى إيرادات في العالم، ثم يأتي بعدهما مانشستر يونايتد (365 مليون يورو) وبايرن ميونيخ (320 مليون يورو) وآرسنال وتشيلسي (250 مليون يورو). أما اليوم، فيتم ضخ استثمارات كبيرة في كثير من الأماكن الأخرى. ففي أوروبا وحدها، هناك نحو 10 أندية يبلغ حجم إيراداتها السنوية نحو نصف مليار يورو. وفي الوقت نفسه، يتنافس ضعف عدد هذه الأندية على التعاقد مع أفضل اللاعبين في العالم. وأصبح عدد كبير من الأندية مملوكاً لأثرياء، بما في ذلك نيوكاسل يونايتد الآن.
وكان لهذا تأثير كبير أيضاً على المديرين الفنيين، الذين أصبح يتم التعاقد معهم مثل النجوم. ففي السابق، تحول آرسين فينغر وأليكس فيرغسون ويوهان كرويف إلى ما يشبه مؤسسات كاملة في أنديتهم بسبب فلسفتهم التي تعتمد على التحكم في كل شيء في النادي. وفي الدوري الألماني الممتاز، سيحتفل كريستيان سترايش بعامه العاشر على رأس القيادة الفنية لنادي فرايبورغ. هل هناك من يتذكر غاي رو، الذي تولى المساعدة في تدريب أوكسير خلال الفترة بين عامي 1964 و2000؟ لقد حظى سترايش ورو بتقدير كبير للغاية في ناديي أوكسير وفرايبورغ.
وحتى المدير الفني الألماني يورغن كلوب كان بحاجة إلى أربع سنوات حتى يتمكن من قيادة ليفربول للفوز بالبطولات والألقاب. لكن الوقت تغير كثيراً، وأصبح إعطاء المديرين الفنيين الوقت الكافي هو الاستثناء الآن. وفي برشلونة، استمر سلفا تشافي أقل من عامين معاً في قيادة الفريق. ويتناوب معظم أفضل عشرة مديرين فنيين في العالم حاليا، مثل ماوريسيو بوكيتينو أو توماس توخيل أو أنطونيو كونتي أو كارلو أنشيلوتي، كل موسمين أو ثلاثة مواسم على الأندية التي تمتلك أكبر قدر ممكن من القدرات المالية في لندن ومدريد وباريس. وبالتالي، أصبحت الأولوية لهؤلاء المديرين الفنيين تتمثل في خلق أجواء جيدة وأن يكونوا محبوبين من النجوم البارزين.
يقول المدير الفني الفرنسي زين الدين زيدان، الذي فاز بدوري أبطال أوروبا ثلاث مرات متتالية مع ريال مدريد خلال الفترة بين عامي 2016 و2018، عن نفسه: «من الناحية التكتيكية، أنا لست أفضل مدير فني». لقد قاد زيدان ريال مدريد عندما كان النادي في أوج قوته. وهذا هو الآن العامل الحاسم، وليس التطور طويل المدى لفكرة اللعب، وحتى ليفربول يعتمد على الذكاء الاصطناعي لوضع الخطط المتعلقة بالفريق!
من المؤكد أن تشافي يمتلك الكاريزما التي تؤهله لقيادة ناد مثل برشلونة، خاصة أنه لا يوجد سوى القليل من الأشخاص الذين ارتقوا إلى المستوى المثالي الذي وصل هو إليه مع برشلونة، فهو يجسد الفترة العظيمة التي مر بها العملاق الكتالوني في عصره الذهبي. والآن، من المفترض أن يعيد تشافي برشلونة إلى القمة لكن في ظل ظروف مختلفة، وهي مهمة صعبة ومعقدة للغاية.


مقالات ذات صلة

يامال: كنت أفكر في التسجيل وليس التمرير لرافينيا

رياضة عالمية يامال يحتفل أمس مع زملائه بفوز برشلونة (رويترز)

يامال: كنت أفكر في التسجيل وليس التمرير لرافينيا

أشاد معلّقون «بتمريرة مُذهلة» قدّمها يامين يامال لزميله رافينيا ليفتتح التسجيل في فوز برشلونة 3-1 على بنفيكا، في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، أمس الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتليتيكو مدريد (د.ب.أ)

سيميوني: أثق في تجاوز الريال... وأتطلع لنهائي دوري الأبطال

يشعر دييغو سيميوني، مدرب أتليتيكو مدريد، بثقة كاملة في قدرة لاعبيه على تعويض تأخره بهدف واحد أمام ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية أوريلين تشواميني لاعب وسط ريال مدريد (رويترز)

تشواميني: لن نلعب على التعادل في معقل أتلتيكو

رفع أوريلين تشواميني، لاعب وسط ريال مدريد، راية التحدي قبل مواجهة أتلتيكو مدريد في ديربي العاصمة الإسبانية بإياب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية كيليان مبابي مهاجم ريال مدريد (رويترز)

مبابي يغيب عن التدريبات الجماعية قبل مواجهة أتلتيكو

غاب النجم الهجومي الفرنسي لريال مدريد الإسباني كيليان مبابي، عن التدريبات الجماعية، الثلاثاء، قبل مواجهة الديربي أمام أتلتيكو.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية طبيب الفريق الأول لبرشلونة الراحل كارليس مينارو جارسيا (نادي برشلونة)

كارليس مينارو غارسيا... الطبيب الذي أحبه الجميع

بمجرد وصول فريق برشلونة بأكمله إلى غرفة تبديل الملابس، أُبلغوا بوفاة طبيب الفريق الأول للنادي، كارليس مينارو جارسيا، عن عمر يناهز 53 عاماً.

The Athletic (برشلونة)

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.