تراجع الليرة التركية «ينعش» العملة السورية في إدلب

تجار يغلقون محلاتهم في شمال غربي البلاد

سوريون يتسوقون في إدلب شمال غربي البلاد (الشرق الأوسط)
سوريون يتسوقون في إدلب شمال غربي البلاد (الشرق الأوسط)
TT

تراجع الليرة التركية «ينعش» العملة السورية في إدلب

سوريون يتسوقون في إدلب شمال غربي البلاد (الشرق الأوسط)
سوريون يتسوقون في إدلب شمال غربي البلاد (الشرق الأوسط)

دفع هبوط قيمة الليرة التركية المتداول بها بدلاً عن العملية السورية المحلية في مناطق المعارضة السورية شمال غربي سوريا، عدداً من أصحاب المهن والمحال التجارية إلى إغلاق محالهم وورشاتهم الصناعية، نتيجة الخسائر المادية التي تعرضوا لها، إثر تراجع أسعار الليرة التركية وانهيار قيمتها أمام الدولار الأميركي.
وقال جمعة أبو زيد، صاحب ورشة لصناعة وتعبئة الحبوب في سرمدا شمال إدلب، إنه خلال الأيام الأخيرة الماضية، ومع الهبوط الحاد لليرة التركية في قيمتها وأسعارها أمام الدولار الأميركي «بدأ عدد كبير من الصناعيين والتجاريين في مناطق الشمال السوري، بتقليص كميات الإنتاج إلى أقل من النصف لمختلف السلع التجارية (الصناعية والغذائية)، بسبب الخسائر التي لحقت بهم وكساد كميات كبيرة من الإنتاج لديهم، فيما ذهب البعض إلى إغلاق محاله التجارية خشية تدهور قيمة الليرة التركية أكثر من ذلك».
وكانت وكالة الصحافة الألمانية أعدت تقريراً عن أثر تراجع العملة التركية على الوضع في إدلب.
وأضاف، أنه مع بدء تراجع قيمة الليرة التركية بدأ بتقليص كمية تعبئة الحبوب الغذائية (الزيوت النباتية والسمون والسكر والرز والفاصولياء والعدس وغيرها من السلع)، إلى النصف تقريباً، ويعود ذلك إلى تراجع الطلب عليها في الأسواق نظراً لارتفاع أسعارها بنحو 40 في المائة تقريباً، حيث ارتفع سعر علبة السمنة سعة 2 ليتر من 35 ليرة تركية إلى 55 ليرة، وكيلو الزيت النباتي من 15 ليرة تركية إلى 22 ليرة، بينما عبوة القهوة 200 غرام من 18 ليرة تركية إلى 24 ليرة، والسكر من 7 ليرات إلى 11 ليرة تركية ومثله الأرز، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المواد البترولية في شركة (وتد) العاملة في شمال غربي سوريا، والذي أسهم أيضاً برفع أسعار المواد التجارية والاستهلاكية، حيث ارتفع سعر ليتر البنزين من 9.14 ليرة تركية إلى 11.32 ليرة، وسعر ليتر المازوت (الديزل) من 8.50 إلى 10 10.45 ليرة، الأمر الذي أثر على أجور النقل والإنتاج وأسهم بارتفاع أسعار السلع التجارية والغذائية (المحلية والمستوردة) في الأسواق.
من جهته، قال سعيد المصري، وهو موظف لدى شركة تجارية خاصة لصناعة الملابس، في منطقة أعزاز شمال حلب، أنه مع هبوط قيمة الليرة التركية تراجعت قيمة الراتب الشهري الذي يحصل عليه كل العاملين والموظفين في القطاع الخاص أو العام، فقد كان راتبي الشهري 800 ليرة تركية أي ما يعادل 100 دولار قبل أشهر، أما اليوم فقد أصبح راتبي يعادل 60 دولاراً فقط، فهذا المبلغ بالطبع غير كافٍ لأن يمكن أسرة مثل أسرتي مؤلفة من 5 أفراد العيش الكريم، لا سيما أن ثمة مخاوف تخيم على عقولنا خشية هبوط قيمة الليرة التركية أكثر من ذلك مستقبلاً، أو يقرر أصحاب الشركة إغلاقها خشية تراكم الخسائر المالية.
وأضاف، أنه مع ارتفاع أسعار السلع والأدوية في السوق شمال غربي سوريا، فإن أسعار أجور العمال ما زالت كما كانت عليه قبل الغلاء، حيث لا يتجاوز سعر أجر العامل الحر اليومي (المياوم) 30 ليرة تركية فقط دون زيادة، فهذه الشريحة من المواطنين هي الأكثر تضرراً من الغلاء، حيث لم يعد ما يحصلون عليه من أجور مالية في العمل يومي، هذا إن توفر العمل يومياً، يكفي حاجتهم اليومية من المستلزمات الحياتية الأساسية لحياتهم، فمنهم من لديه أب أو أم أو طفل مريض بحاجة إلى الدواء والغذاء المعين.
وقال أديب الحسن وهو ناشط حقوقي في إدلب، إنه مع تراجع قيمة الليرة التركية وتخطي سعر صرفها أمام الدولار الأميركي الـ13 ليرة مقابل الدولار الواحد، قام عدد كبير من أصحاب المحال والمخازن التجارية إلى التلاعب بالأسعار واحتكار السلع، ما دفع بـ(حكومة الإنقاذ) التي تدير الوضع الإداري في إدلب إلى عقد اجتماعات متواصلة بحثاً عن وسائل تخفف من انعكاسات انهيار الليرة التركية وأثرها على المواطن، حيث بدأت الجهات المسؤولة عن الرقابة التموينية في حكومة الإنقاذ خلال اليومين الماضيين، تسيير دوريات والتشديد على مراقبة الأسعار لكافة السلع بما فيها البترولية، حيث قامت بكشف عدد من المحطات لبيع المحروقات قامت باحتكار كميات كبيرة من البنزين والمازوت لديها، وتمت كتابة ضبوط تموينية وإحالة أصحابها إلى القضاء، وكذلك عدد من أصحاب المحال التجارية للسلع الغذائية والدوائية.
وكانت مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا، اعتمدت الليرة التركية قبل نحو عام ونصف كعملة متداول بها في الأسواق بديلاً عن (الليرة السورية) العملة المحلية السورية، التي شهدت حينها تراجعاً حاداً في قيمتها السوقية ووصل سعر صرف الدولار الواحد حينها إلى نحو 3500 ليرة سورية، ما ضاعف ذلك من مأساة المواطن السوري وتأثر الحركة الاقتصادية والتجارية في مناطق المعارضة حينها.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.