تعاون قضائي عراقي ـ إيراني لاستكمال التحقيق في مقتل سليماني

اجتماع الوفدين العراقي والإيراني في بغداد (القضاء الأعلى)
اجتماع الوفدين العراقي والإيراني في بغداد (القضاء الأعلى)
TT

تعاون قضائي عراقي ـ إيراني لاستكمال التحقيق في مقتل سليماني

اجتماع الوفدين العراقي والإيراني في بغداد (القضاء الأعلى)
اجتماع الوفدين العراقي والإيراني في بغداد (القضاء الأعلى)

اتفق ممثلون عن القضاء العراقي والإيراني على التعاون ومواصلة الإجراءات والتحقيقات القضائية المتعلقة بحادث مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس «هيئة الحشد» العراقي أبو مهدي المهندس، بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي في يناير (كانون الثاني) 2020. وجاء الاتفاق بعد جولة ثانية من المحادثات أجراها الطرفان في بغداد أمس (الخميس).
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، استقبل، أول من أمس، وفداً قضائياً إيرانياً قدم إلى العراق لمتابعة حادث المطار. ويترأس الوفد الإيراني معاون النائب العام لمحافظة طهران، مصطفى سيد أشرفي، ووكيل المحكمة الدولية، ويضم المستشارين القانونيين للوفد، ومستشار الدائرة القانونية العامة للشؤون الدولية في وزارة الخارجية.
وصدر عن اجتماع أمس بيان مشترك أكد فيه الجانبان على «اتخاذ كل الإجراءات القضائية والقانونية الممكنة لملاحقة ومعاقبة المنفذين والعناصر المتورطة في الجريمة ومواصلة وتعزيز التعاون الثنائي لاستكمال التحقيقات القضائية الجارية بين البلدين».
وشدد على «ضرورة استخدام جميع الإمكانيات والطاقات المتاحة لتوفير واستكمال المعلومات المطلوبة وفقاً لاتفاقية التعاون القانوني والقضائي في القضايا الجنائية بين حكومتي العراق وإيران». وكشف البيان عن جولة تالية من المباحثات تجرى الشهر المقبل في العاصمة الإيرانية طهران لاستكمال التحقيقات القضائية الجارية.
ورغم أن مجلس القضاء الأعلى أعلن نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2020 أن التحقيق في الحادث وصل إلى «مرحلة متقدمة»، فإنه أحجم بعد ذلك التاريخ عن الإعلان عن أي تطورات جديدة. وتردد في حينها أن القضاء العراقي؛ الذي تولي التحقيق لأن الحادث وقع داخل الأراضي العراقية، أورد نحو 35 شخصاً؛ على رأسهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وحملهم مسؤولية مقتل سليماني والمهندس. لكن تفاصيل دقيقة لم تصدر عن القضاء الذي اكتفى بالقول وقتذاك إنه «جمع الأدلة من خلال تدوين أقوال المدعين بالحق الشخصي والاستماع إلى شهادات شهود الحادث من موظفي مطار بغداد الدولي ومنتسبي الأجهزة الأمنية فيه، بغية إنجاز التحقيق على أتم وجه».
وكذلك قامت محكمة التحقيق بتدوين أقوال المسؤولين في مطار بغداد الدولي وبعض منتسبي شركة «G4S» البريطانية المسؤولة عن أمن المطار.
كذلك قام القضاء في حينها، بتدوين أقوال الممثل القانوني لوزارة الخارجية العراقية والممثل القانوني لسفارة إيران في بغداد الذي طلب الشكوى بحق كل من يثبت ارتكابه الجريمة أو تورطه فيها نيابة عن ذوي المقتولين.
ويستبعد معظم خبراء الشأن القانوني قدرة القضاء العراقي أو الإيراني على محاسبة أي من المتهمين في قضية مقتل سليماني والمهندس، خصوصاً الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي أصدر أوامر القتل. وقبل الحادث كانت الولايات المتحدة الأميركية تضع كلاً من سليماني والمهندس على لوائح الشخصيات المتهمة بالإرهاب. وتتهمهما برعاية فصائل وميليشيات مسلحة قامت بشن هجمات عديدة على القوات العسكرية والمصالح الأميركية في العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.