المعطلون ينظمون «يوم غضب» ضد الرئيس التونسي

جانب من الاحتجاجات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من الاحتجاجات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
TT

المعطلون ينظمون «يوم غضب» ضد الرئيس التونسي

جانب من الاحتجاجات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من الاحتجاجات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)

نفذت تنسيقيات «الانتداب حقي» أمام مقرات الولايات (المحافظات) التونسية أمس «يوم غضب»، تعبيراً «عن رفضها وصدمتها من القرار الرئاسي»، وأعلنت تمسكها بالقانون عدد 38 المتعلق بتوظيف من طالت عطالتهم من خريجي الجامعات، ومواصلة الاحتجاج حتى إسقاط هذا القانون بعد تخلي الرئيس قيس سعيد عنه، وتأكيده بأنه أصبح «غير قابل للتنفيذ».
واعتبرت بسمة الزرقاني، المتحدثة باسم العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات، في تصريح إعلامي، أن تحركاتهم كانت سلمية منذ انطلاقها، وأكدت أن تصريح رئيس الجمهورية «شكّل خيبة أمل لجميع المعطلين عن العمل، وهو يعد تنكراً منه لتعهداته تجاه الشباب». منتقدة عبارة «الشعب يريد»، التي كانت شعار الحملة الانتخابية للرئيس سعيد سنة 2019، وقالت إنها «باتت عبارة فضفاضة لأن الشعب يريد الشغل والعيش الكريم».
وطالب عدد كبير من المحتجين اتحاد الشغل (نقابة العمال) بالتدخل لحل هذا المشكل، خاصة بعد نجاحه في تسوية ملف عمال الحضائر.
وكان الرئيس سعيد قد ردّ على الجدل الدائر حول عدم تفعيل قانون 38 الخاص بانتداب من طالت عطالتهم في القطاع العام، بقوله إن عدم إصدار أوامر ترتيبية لهذا القانون بعد عام من المصادقة عليه من قبل البرلمان، يؤكد على أن «من وضعوا هذا القانون كانوا يعلمون جيداً أنه لا يطبق»، على حد تعبيره. وصرح بهذا الخصوص: «نحن نصارح الشعب بالحقيقة ولا نخدعه بنصوص قانونية لا تطبق... هم يوهمون الشعب ويبيعونه الأحلام باسم تشريعات ليس بالإمكان تطبيقها».
وانتقد الرئيس سعيد التعليقات والمواقف المتعلقة بمقترح تشكيل شركات أهلية تستوعب العاطلين من خريجي الجامعات التونسية، قائلاً إنه يمكن إحداث شركات أهلية بقانون خاص لخلق الثروة بأدوات جديدة، وهو مقترح قوبل بالرفض من قبل العاطلين من أصحاب الشهادات الجامعية.
ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد استجاب من خلال قراره عدم انتداب خريجي الجامعات في القطاع العام، وتوجيههم نحو القطاع الخاص، لتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي اشترط الضغط على كتلة الأجور في القطاع الحكومي، كشرط من بين شروط التفاوض لمواصلة تمويل الاقتصاد التونسي المتأزم.
وتشير إحصائيات المعهد التونسي للإحصاء (حكومي) إلى أن نسبة 30.1 في المائة من خريجي الجامعات عاطلون عن العمل، وأن أغلبهم فقد الأمل في الالتحاق بوظائف حكومية، بسبب تقدمهم في السن، وأن بعضهم تجاوزت بطالته 20 سنة.
في غضون ذلك، كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) عن ارتفاع غير مسبوق لنسق الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية في تونس، مشيراً إلى تسجيل 800 تحرك خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأكثر من 1000 تحرك احتجاجي خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وتعود أسباب هذه التحركات، بحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى التردد السياسي في التعامل مع الحراك الاجتماعي، وغياب التحاور بين الفاعلين في السلطة والمواطنين، مع تواصل التحركات الاحتجاجية وحالات الاحتقان، وتمددها في البلاد، مقابل تواصل صمت السلطات المعنية، وغياب الحلول لامتصاص الغضب.
من ناحية أخرى، قرر توفيق شرف الدين، وزير الداخلية التونسية، إنهاء مهام 34 إطاراً أمنياً بمصالح ديوان الوزير. فيما قالت وزارة الداخلية إنهم يتمتعون بمنح وامتيازات دون مباشرة أي مأمورية.
وكان شرف الدين قد اتخذ قراراً منذ عودته إلى نفس الحقيبة الوزارية، بأن تكون أوّل مهمّة تدقيق يمضيها تتعلق بمصالح ديوان وزارة الداخلية، بهدف «إضفاء مزيد من النجاعة على عمل مختلف المصالح بالدّيوان وضبط المهمّات بكلّ دقة، وترشيد النفقات والمحافظة على المال العام».
ووفق بلاغ وزارة الداخلية، فإن هذه القرارات تأتي في إطار تكريس الشفافية وإرساء الحوكمة الرشيدة داخل الوزارة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.