حملات تجنيد حوثية تستهدف الشبان وصغار السن في إب

حالة من الرعب تعيشها الجماعة مع اقتراب القوات المشتركة من المحافظة

TT

حملات تجنيد حوثية تستهدف الشبان وصغار السن في إب

تواصل الميليشيات الحوثية من أيام شن حملة تجنيد إجبارية بحق الأهالي والسكان في قرى ومناطق واسعة بمديريات محافظة إب ذات الكثافة السكانية العالية، بالتزامن مع اشتداد معارك الساحل الغربي وتلقي الانقلابيين ضربات موجعة كبدتهم على إثرها خسائر بشرية كبيرة.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر قبلي في محافظة إب ، لـ«الشرق الأوسط» بأن مشرفي الجماعة وقادتهم يواصلون تنفيذ حملة استهداف وتجنيد قسرية بحق سكان المحافظة جلهم من الشبان والأطفال. وكشف المصدر عن توجيهات أصدرها قبل أقل من أسبوع القيادي في الميليشيات المدعو محمد علي الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تحض فيها أتباع الجماعة في محافظة إب على اليقظة والجاهزية العالية ومواصلة عملية التجنيد الجديدة بصفوف المواطنين بغية التصدي للتقدمات صوب المحافظة التي ما تزال تحرزها القوات المشتركة.
وقال المصدر القبلي، الذي طلب حجب اسمه لدواع تتعلق بسلامته إنه وبموجب تلك التوجيهات سارعت قيادات الجماعة في إب بينها المدعو عبد الواحد صلاح المنتحل لصفة المحافظ ويحيى اليوسفي المعين مشرف عام للمحافظة بتنفيذ زيارة ميدانية إلى مديريات المربع الغربي وعقد لقاءات مع مشايخ وأعيان تلك المناطق من أجل استمرار عملية التجنيد.
وأضاف أن «غالبية وجهاء وأعيان تلك المديريات اعتذروا عن حضور اللقاءات مع القيادة الحوثية، رافضين بشكل مطلق مطالب الجماعة بالقيام بالتعبئة والتحشيد إلى جبهاتها».
وأسفرت حملة الاستهداف الحوثية تلك حسب المصدر عن تجنيد الجماعة منذ بداية انطلاقها لأكثر من 80 شخصا أغلبهم شبان وأطفال صغار سن ومهمشون من قرى تابعة لمديريات: (فرع العدين ، حزم العدين ، مذيخرة ، العدين ، وغيرها).
وطبقا للمصدر، أوعزت الجماعة للموالين لها من الوجهاء والمشرفين المختصين بعملية الاستقطاب والتجنيد البدء بتوزيع المجندين الجدد (الذين لم يخضعوا لأي تدريبات عسكرية) إلى المناطق الحدودية مع مديريتي الجراحي وجبل راس، في محاولة منهم لإيقاف التقدم العسكري للقوات المشتركة والمقاومة التهامية التي باتت على مقربة من مناطق تابعة لثلاث مديريات بمحافظة إب.
وعلى صعيد متصل، كشفت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن حالة من الرعب والارتباك ما تزال تعيشها الجماعة ومسلحيها مع اقتراب القوات الحكومية من مديريات المربع الغربي لمحافظة إب.
وتحدثت عن وجود استحداثات حوثية حالية في بعض النقاط داخل مدينة العدين خارجها وفي مديريات المربع الغربي وعلى امتداد الطريق الرابط بين العدين في إب ومحافظة الحديدة، منعا لهروب مقاتليها من جبهة الساحل بعد التقدم الملحوظ والمتزايد للقوات المشتركة.
وفي مديرية فرع العدين المحاذية لجبل راس والجراحي في الحديدة ، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة الانقلابية كثفت على مدى اليومين الماضيين من نشر العشرات من المجندين الجدد في مواقع جديدة واستحداث نقاط وخنادق بعدد من البلدات والقرى والعزل بالمناطق الغربية لمديرية الفرع (غرب إب) تحسبا لوصول أبطال القوات المشتركة.
وأوضحت أن الجماعة وبسبب موجة الهلع التي دبت بصفوف مقاتليها استحدثت أول من أمس عدة نقاط بمنطقة «روينة» بعزلة العاقبة بالمديرية نفسها المتاخمة لعدة مناطق تابعة لمحافظة الحديدة.
وفي مديرية العدين، جنوب غربي إب، لجأت الجماعة كعادتها ونتيجة الهزائم التي تلقتها وما زالت بجبهات الساحل الغربي وغيرها، إلى استخدام أئمة المساجد والخطباء وإلزامهم عبر توجيهات طائفية بحشد مقاتلين جدد للقتال بصفوفها، وفق ما رواه سكان محليون بعدد من مديريات المحافظة.
وتحدث البعض من سكان العدين، لـ«الشرق الأوسط»، عن تكثيف خطباء الجماعة بعدد من مساجد المدينة وبناء على تعليمات حوثية، من خطابات التعبئة القتالية والتحريض والطائفية في خطبة الجمعة المنصرمة.
وتأتي حملات الاستهداف والتجنيد الحوثية الحالية بحق سكان إب، في وقت لا تزال فيه عدد من مناطق المحافظة تستقبل وبشكل يومي العشرات من مواكب القتلى، الذين غررت بهم الجماعة، ولقوا حتفهم بجبهات عدة.
وكانت مصادر محلية في إب كشفت خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»، عن مصرع عدد من عناصر الجماعة من أبناء إب بنيران الجيش اليمني المسنود بطيران التحالف العربي في عدة ميادين وجبهات قتالية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.