إدارة بايدن «تتنصل» من سياسات ترمب في سوريا

تعديلات في نظام العقوبات على النظام

TT

إدارة بايدن «تتنصل» من سياسات ترمب في سوريا

على مدى شهور، راقب المجتمع الدولي والمهتمين بالشأن السوري، خطوات الإدارة الأميركية الجديدة في تعاملها نحو هذه الأزمة، واستشرت الأقاويل يمينا وشمالاً حول الرغبة الأميركية في تجاهل الملف بخلاف ما كانت عليه الإدارة السابقة، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية رسمياً تعديلاتها في قانون العقوبات على سوريا بالسماح «بالتعاملات المحدودة» مع النظام، تحت غطاء الدعم الإنساني للجماعات غير الحكومية.
في البيان الصادر الأربعاء من وزارة الخزانة، أعلنت الإدارة أن التعديلات؛ تضمن قدرة وكالات الإغاثة على تقديم المساعدة الإنسانية دون التعارض مع العقوبات الأميركية الحالية، وسوف يسمح لتلك المنظمات «غير الحكومية» بالمشاركة في استثمارات جديدة في سوريا، وشراء المنتجات البترولية السورية لاستخدامها في سوريا، «وبعض المعاملات مع عناصر من الحكومة السورية». وحددت الوزارة في البيان، الأنشطة «غير الهادفة للربح» في سوريا بـ6 أنشطة، والسماح بالاستثمار الجديد في سوريا، مثل أولاً شراء المنتجات البترولية المكررة ذات المنشأ السوري لاستخدامها في سوريا، ثانياً بعض المعاملات مع عناصر من الحكومة السورية، مقيدةً تلك المعاملات والأنشطة الجديدة المسموح بها، أن تكون «فقط لدعم الأنشطة غير الهادفة للربح»، والمصرح بها بموجب القانون العام، بما في ذلك المشاريع الإنسانية التي تلبي الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وثالثاً بناء الديمقراطية، ورابعاً المشاريع الداعمة للتعليم، خامساً مشاريع التنمية غير التجارية، التي تعود بالنفع المباشر على السوريين، وأخيراً أنشطة دعم الحفاظ على مواقع التراث الثقافي وحمايتها.
التعديلات الجديدة على قانون العقوبات، لم يكن القرار الوحيد الذي اتخذته إدارة الرئيس بايدن، بل جاء بعد عدد من القرارات من بينها وقف تمديد عمل شركة «دلتا كريست» في التنقيب واستخراج النفط من الآبار الموجودة في شرق البلاد، تحت المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد)، وكذلك الوقوف على الحياد من عدم منع بعض الدول العربية من التطبيع مع نظام الأسد، وأخيراً عدم تعيين مبعوث خاص لسوريا خلافاً على ما كانت تعمل عليه الإدارة السابقة.
أحد أهم الأمور التي لا تزال الإدارة الأميركية تدعي الحفاظ عليها وعدم تغييرها هو «قانون قيصر»، والذي يهدف إلى حماية المدنيين في سوريا، حيث يسمح القانون الأميركي من الحزبين بفرض عقوبات على أي شخص، سوري أو أجنبي، يقدم المساعدة للعمليات العسكرية للنظام أو قطاعات البناء والهندسة والطاقة والطيران في الدولة، وخلال الأشهر الستة الأخيرة من ولاية إدارة ترمب، استخدمت قانون قيصر وسلطات أخرى لإصدار أكثر من 100 عقوبة على النظام السوري وعناصره، وأفراد من عائلة الأسد، وفي ظل الإدارة الحالية، أصدر الرئيس جو بايدن حتى الآن جولة واحدة من العقوبات المتعلقة بسوريا، حيث عاقب عدداً من مسؤولي سجون النظام وجماعة معارضة سورية مدعومة من تركيا في يوليو (تموز) الصيف الماضي.
بسام بربندي المعارض السوري والدبلوماسي السابق في السفارة السورية في واشنطن، رأى أن الخطوات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية في تخفيف بعض العقوبات من أجل عمل المنظمات الإنسانية في سوريا، هي دليل على انتهاج الإدارة الأميركية لتخفيف العمل باستخدام أداة العقوبات في السياسة الخارجية، واللجوء إليها عند الحاجة وليس الاستخدام العشوائي لها، إضافة إلى التزاماتها في المساعدات الإنسانية، والسماح بعمل وعبور المساعدات الإنسانية من وإلى سوريا، «وهذا خط الإدارة السياسي وليست مؤامرة»، حيث طلبت وزارة الخارجية 125 مليون دولار كمساعدات اقتصادية لسوريا للسنة المالية 2022.
وقال بربندي لـ«الشرق الأوسط»، إن الأهم هو استمرار عبور المساعدات الإنسانية من تركيا إلى سوريا، وضمان استمرار التوافق بين الروس والأميركان، وعدم التعرض لتلك المساعدات في الفترة المقبلة، والتي سوف تشهد انتهاء العمل بهذا الأمر العام المقبل، معتبراً أن روسيا تريد بالمقابل من الأميركيين تساهل في الأمور الأخرى لاستمرار التوافق بينهما، «لذلك الاستثناءات الجديدة تسهل من عبور الأموال للتعافي المبكر، وتسهل عمل المنظمات والتحويلات المالية إلى سوريا».
بدوره، رأى هيكو ويمين، مدير برنامج سوريا في مجموعة الأزمات الدولية، أن إعلان إدارة بايدن مؤشر آخر على ابتعادها المستمر عن سياسة ترمب بشأن سوريا، وذلك بإظهار المزيد من «المرونة»، حول «رسم الخط الفاصل بين ما يعتبر تعافياً مبكراً وبالتالي يقع ضمن الاستثناء الإنساني، وما يعتبر إعادة إعمار».
وقال خلال تصريحات مع صحيفة «ذا ناشيونال»، إنه «من الناحية النظرية، يمكن لهذه الخطوة أن تعزز الدفاع عن هيكل العقوبات في سوريا من خلال تركيزها على نظام الأسد وليس الشعب، ويمكنك تحديد هذا التمييز وربما أيضاً تقليل بعض الانتقادات الموجهة لنظام العقوبات».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.