الرئيس الإسرائيلي يكرم «غلاة المتطرفين» المستوطنين في الخليل

وسط انتقادات واسعة من نواب اليسار والعرب

TT

الرئيس الإسرائيلي يكرم «غلاة المتطرفين» المستوطنين في الخليل

وسط انتقادات شديدة للمستوطنين واعتداءاتهم الدموية على الفلسطينيين وممتلكاتهم ونعتهم بالإرهابيين، قرر الرئيس الإسرائيلي، يتسحاك هيرتسوغ، تكريم مجموعة من غلاة المتطرفين المستوطنين في قلب مدينة الخليل، وذلك بالحضور إليهم وإشعال «نور الحانوكا» في الأسبوع المقبل، ما دفع عدداً من نواب الكنيست (البرلمان) من أحزاب اليسار اليهودي وكذلك نواب الأحزاب العربية توجيه انتقاداتهم لهيرتسوغ، إذ اعتبرها بعضهم نفاقاً للمستوطنين، وطالبوه بإلغاء هذه الزيارة.
وقال النائب موسي راز، من حزب ميرتس، إن «هيرتسوغ اختار مصرف المجاري في العمارة. إنه يكرم أسوأ مجموعة مستوطنين في المناطق المحتلة، التي تسيطر على الحرم الإبراهيمي، وأكثر ما يبرز عن هؤلاء المستوطنين أن من بين صفوفهم خرج الطبيب باروخ غولدشتاين، الذي نفذ مذبحة الخليل في سنة 1994 وقتل بيديه 29 فلسطينياً، وبسببه قتلت قوات الجيش 20 فلسطينياً آخر. لقد كانت تلك مجزرة رهيبة، بدلاً من إخلاء المكان من هؤلاء المستوطنين». وأضاف «حرصت حكومات إسرائيل على معاقبة الضحية، فكرست الاستيطان اليهودي في الخليل، أكبر مدينة فلسطينية في الضفة الغربية، وضيقت على سكان الحي وأغلقت الشارع المركزي في المدينة وفرضت على الفلسطينيين تقاسم الحرم الإبراهيمي مع المستوطنين».
وقال راز إن مهمة الرئيس هي أن يكون نموذجاً في توحيد صفوف المواطنين، ولكنه في هذه الحالة يتحيز لمجموعة خلافية نشاطها يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة. وقال النائب يائير غولان، من الحزب نفسه، إن «إسرائيل تحتاج إلى من ينقذها من نفسها ومن المتطرفين الذين يسعون لضم الضفة الغربية على نحو ثلاثة ملايين فلسطيني إلى تخومها، والقضاء بذلك على الحلم الصهيوني بإقامة دولة يهودية».
المعروف أن هيرتسوغ كان رئيساً لحزب العمل اليساري. وقد انتخب لرئاسة الدولة بأصوات غالبية نواب الكنيست، ومن ضمنهم نواب اليسار والأحزاب العربية لفلسطينيي 48، ومنذ انتخابه يحاول استقطاب جميع الإسرائيليين حوله، على اختلاف مشاربهم ومواقفهم السياسية. وبادر، الشهر الماضي، إلى زيارة مدينة كفر قاسم واعتذر باسم إسرائيل عن المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل سنة 1956، وتعرض بذلك لانتقادات من اليمين المتطرف. ويبدو أن خطوته هذه جاءت للتوازن مع الطرف الآخر للخريطة الحزبية.
وفي مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي قام بزيارة مستعمرة «هار براخا»، المقامة على أراضي الفلسطينيين المحتلة في منطقة نابلس، وافتتح فيها مؤسسات تعليمية بمناسبة انطلاق السنة الدراسية. وقد هاجم خطوته الفلسطينيون واليسار الإسرائيلي، واعتبروها نفاقاً للمتطرفين. وقال نواب اليسار إنهم يفهمون رغبته في إقامة علاقات مع المستوطنين، ولكن هناك مستوطنات أخرى أقل تطرفاً كان بإمكانه زيارتها بلا مشكلة. وقالت حركة «سلام الآن» إن «هذه المستوطنة حاضنة لغلاة المتطرفين اليهود، الذين يبادرون بشكل منهجي لتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين وتخريب مزروعاتهم. وزيارة هيرتسوغ، نفاق منه للمتطرفين وتشجيع لهم في اعتداءاتهم». وذكرته بتصريحات سابقة له قبل انتخابه رئيساً، إذ دعا الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو إلى «تجميد البناء في المستوطنات، وشدد على ضرورة الدفع بحل الدولتين ووقف مخطط الضم». كما دعته إلى تحمل المسؤولية والنظر إلى الواقع وعدم العمل على إفشال أي حل سياسي، من خلال مثل هذه الزيارات التي ترسخ الاستيطان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».