آلاف المحامين يتظاهرون في الجزائر اليوم احتجاجاً على «إلغاء الحماية»

الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
TT

آلاف المحامين يتظاهرون في الجزائر اليوم احتجاجاً على «إلغاء الحماية»

الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)
الرئيس عبد المجيد تبون (رويترز)

أعلن «اتحاد منظمات المحامين الجزائريين» عن تنظيم مظاهرة اليوم الخميس أمام مقر «المحكمة الدستورية»، وذلك للاحتجاج على الالتماس الذي رفعته وزارة العدل إليها قصد إلغاء مادة في قانون المحاماة توفر للدفاع الحماية وكامل الحرية في تنظيم وعرض مرافعاته أمام المحاكم.
ويعكس مسعى الوزارة، حسب محامين، انزعاج السلطات من حدة مرافعات الدفاع عن معتقلي الحراك تجاه المسؤولين المدنيين، خصوصاً ضد الأجهزة الأمنية.
ودعا «الاتحاد»، في بيان، المنخرطين فيه (نحو 40 ألف محام) إلى مقاطعة العمل القضائي اليوم والأحد المقبل، تعبيراً عن تذمره مما وصفها بأنها «حملات توحي بوجود إرادة مبيتة للتضييق على ظروف ممارسة المحاماة واستقلالها»، لافتاً إلى أن «الدفع بعدم دستورية المادة (24) من القانون المنظم لمهنة المحاماة» يعدّ أول عمل يرفع إلى «المحكمة الدستورية» التي تم تنصيبها منذ أسبوع، والتي جاء بها التعديل الدستوري في 2020 بديلاً لـ«المجلس الدستوري».
وتنص المادة المثيرة للجدل على «استفادة المحامي من الحماية التامة للعلاقات ذات الطابع السري، القائمة بينه وبين موكله، وضمان سرية ملفاته ومراسلاته، وحق قبول أو رفض الموكل». كما تشدد على أنه «لا يمكن متابعة المحامي بسبب أفعاله وتصريحاته ومحرراته، في إطار المناقشة أو المرافعة في الجلسة».
وجرت متابعة محامين على أفعال جزائية، يعتقد قياديون في «الاتحاد» أنها «تخفي إرادة واضحة في عقابهم، بسبب انخراطهم في الحراك الشعبي المعارض للسلطة، ونضالهم من أجل التغيير». وقد سجنت محكمة بأقصى الشرق في يونيو (حزيران) الماضي محامياً وحقوقياً يدعى عبد الرؤوف أرسلان، بتهمة «دعم منظمة انفصالية إرهابية»، وهي «حركة استقلال منطقة القبائل». وقال زملاء المتهم إنه نشر فيديو على المنصات الرقمية الاجتماعية دافع فيه عن موكليه المعتقلين من أعضاء في التنظيم الانفصالي؛ الذي تلاحقه الأجهزة الأمنية في معاقله ببلاد القبائل.
كما أعلن «اتحاد المحامين» رفضه الشديد تصويت البرلمان على فرض أعباء ضريبية مرتفعة على «أصحاب الجبة السوداء»، وذلك في إطار قانون موازنة 2022 الذي يتضمن رفع الدعم عن العديد من المنتجات والخدمات، مما يعني توقع ارتفاع فاحش في الأسعار بدءاً من العام الجديد.
بحسب بيان «الاتحاد»؛ فقد «ساوى قانون الموازنة بين المحامي والتاجر والصناعي، فيما يتعلق بالضرائب؛ دون مراعاة مساهمة المحامين في السير الحسن لمرفق العدالة».
إلى ذلك؛ قالت «منظمة العفو الدولية»، أمس، بموقعها الإلكتروني إنه «يتعين على السلطات الجزائرية اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لقتل النساء»، وذلك عشية «اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة».
ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية عن موقع «فيمنيسيد»، الذي يهتم بالتجاوزات بحق النساء، إحصاء قتل 49 امرأة منذ بداية 2021، مقابل 54 حالة خلال عام 2020. ومع ذلك؛ فإن الأرقام أقل بكثير من الواقع؛ وفقاً لمنظمات حقوق النساء، لأنها لا تمثل سوى عدد الحالات التي جرى إحصاؤها، حسب «العفو الدولية» المعروفة اختصاراً بـ«أمنيستي».
وأكدت حسينة أوصديق، مديرة مكتب المنظمة في الجزائر، أنه «رغم فظاعة هذه الجرائم، وتعبئة الجمعيات والفنانين والرأي العام على مدار السنة، فإن السلطات الجزائرية لم تدن علناً هذه الجرائم التي ترتكب ضد النساء، لمجرد أنهن نساء. وبالنظر إلى خطورة الوضع، أصبح عاجلاً أن تقوم الحكومة بحماية النساء، وأن تلتزم باتخاذ جميع التدابير اللازمة لإنهاء قتل النساء».
كما دعت «أمنيستي» السلطات إلى «السهر على تقديم المسؤولين عن جرائم قتل النساء، وجميع أشكال العنف الأخرى ضد الجنس اللطيف، إلى العدالة». وطالبت بـ«اتخاذ التدابير اللازمة لتمكين النساء ضحايا العنف من الوصول إلى العدالة بأمان، والحصول على الإيواء المناسب، والمساعدة النفسية الاجتماعية والدعم القانوني».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».