«قطع أشجار للتدفئة» بالسويداء يفجّر توتراً جنوب سوريا

قطع أشجار الزيتون جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
قطع أشجار الزيتون جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«قطع أشجار للتدفئة» بالسويداء يفجّر توتراً جنوب سوريا

قطع أشجار الزيتون جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
قطع أشجار الزيتون جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

شهدت السويداء اضطراباً أمنياً وإطلاق نار كثيفاً على طريق دمشق - السويداء، بعد قيام أهالي من بلدة مفعلة بقطع الطريق، مساء الاثنين احتجاجاً على اقتحام «قوات حفظ النظام» لمشفى السويداء الوطني واعتقال أربعة من أبناء البلدة، بينهم مطلوبون بتهمة قطع الأشجار للتدفئة.
ويعاني السوريون من أزمة حادة بتوفر مواد الطاقة والوقود اللازم للتدفئة مع ازدياد ساعات تقنين الكهرباء في مناطق النظام إلى أكثر من خمس ساعات قطع مقابل أقل من ساعة وصل، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الحطب كأحد بدائل مازوت التدفئة المنزلية، ليصل سعر الطن الواحد من الحطب إلى أكثر من 700 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 200 دولار أميركي، وهي تكلفة باهظة قياساً إلى متوسط الرواتب والأجور التي تتراوح بين 60 و100 دولار أميركي. ومع انخفاض درجات الحرارة زادت عمليات التحطيب الجائر للأشجار الذي يعاقب عليه القانون السوري.
وأفادت مصادر محلية في السويداء بأن اثنين من الأربعة الذين اعتُقلوا كانوا قد أُصيبوا إصابات طفيفة في إطلاق نار عليهم لدى قيامهم بعملية تحطيب للأشجار في محيط نقطة عسكرية تابعة لجيش النظام على طريق قنوات، وأكدت المصادر «أنهما كانا يحطبان الأشجار بهدف تأمين تدفئة لعائلاتهما وليس للاتجار بها».
وتم إسعاف المصابين إلى مشفى السويداء الوطني وتزامن وصول أهاليهما من بلدة مفعلة إلى المشفى مع اقتحام دورية من عناصر حفظ النظام لقسم الإسعاف بغرض توقيف المصابين، ما فجّر مناوشات بين الأهالي وعناصر حفظ النظام تطورت إلى اشتباك بالأيدي ثم تلاها إطلاق نار كثيف من الأمن الذي اعتقل المصابين مع شابين آخرين.
من جانبها، ذكرت شبكة «السويداء 24» الإخبارية المحلية المعارضة أن «عشرات من أقارب المعتقلين توجهوا لقطع طريق دمشق - السويداء، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، لكن دوريات أمنية باغتتهم بإطلاق النار فاندلعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين عناصر الأمن والأهالي أدت لتضرر منازلٍ في المنطقة». وأضافت أن الاشتباكات استمرت لربع ساعة، بعدها انسحب الفريقان من طريق دمشق - السويداء.
وحسب الشبكة، جاء التدخل الأمني المباغت بعد ورود «تعليمات جديدة من دمشق، تتعلق بالملف الأمني» بمحافظة السويداء وذلك بعد أسبوعين من عقد اجتماع مغلق للجنة الأمنية في السويداء.
وجاءت تلك الاضطرابات بعد ساعات قليلة من أداء محافظ السويداء نمير حبيب مخلوف، اليمين الدستورية أمام الرئيس السوري، صباح الاثنين، الذي زوّده بتوجيهاته، في أول منصب سياسي يشغله، بعد شغله عدة مواقع اقتصادية، أبرزها مدير الشركة السورية لنقل النفط، ومدير شركة «كونسروة جبلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.