قوات محلية نظامية في درعا تداهم مزارع وتجمعات بدوية

دمشق تفرج عن معتقلين من جنوب سوريا

أحد التجمعات البدوية بريف درعا الشرقي (اللجاة برس)
أحد التجمعات البدوية بريف درعا الشرقي (اللجاة برس)
TT

قوات محلية نظامية في درعا تداهم مزارع وتجمعات بدوية

أحد التجمعات البدوية بريف درعا الشرقي (اللجاة برس)
أحد التجمعات البدوية بريف درعا الشرقي (اللجاة برس)

شهدت محافظة درعا خلال اليومين الماضيين عمليات مداهمة لعدد من المزارع وتجمعات العشائر البدوية في مناطق متفرقة من المحافظة، حيث نفذت مجموعات محلية تابعة لجهاز الأمن العسكري عملية مداهمة لبعض المزارع الموجودة على أطراف المدن والبلدات، والخيام التي يقطنها البدو بين بلدتي المسيفرة والغارية الشرقية والمسيفرة وصيدا في الريف الشرقي من محافظة درعا. بينما داهمت مجموعات محلية أخرى خياما في السهول بين خربة غزالة ومدينة داعل وريف درعا الأوسط.
وقالت مصادر محلية في درعا إن «اشتباكات وقعت بين مجموعة محلية تابعة لجهاز الأمن العسكري من بلدة أم ولد بريف درعا الشرقي وشابين اثنين من العشائر البدوية متحدرين من محافظة السويداء صباح يوم الاثنين، على الطريق الواصل بين بلدة أم ولد وجبيب بريف درعا الشرقي المتاخم للسويداء، من العاملين في تجارة المحروقات بالسوق السوداء بين محافظة درعا والسويداء، وذلك بعد رفضهما الوقوف بسيارة كانا يستقلانها محملة بجرات الغاز على حاجز تابع لمجموعة الأمن العسكري. وعند ملاحقتهما جرت اشتباكات أدت إلى مقتل أحد الشابين واعتقال شقيقه، المقربين من القيادي السابق في فصيل لواء العمري المعارض في منطقة اللجاة، والمتهم بالانتماء لـ(حزب الله) بعد اتفاق التسوية 2018. وإصابة اثنين من عناصر مجموعة الأمن العسكري». كما قتل شاب من أبناء العشائر أثناء مداهمة قوى محلية يقودها المدعو عماد أبو زريق تابعة لجهاز الأمن العسكري خياما لنازحين من عشائر السويداء، على الطريق الواصل بين بلدة خربة غزالة ومدينة داعل يوم الجمعة، واعتقال شقيقه وشاب آخر.
وتضاربت الروايات عن هذه الحملات الأمنية التي يقوم بها جهاز الأمن العسكري في درعا، منهم من اعتبرها عمليات ملاحقة لمطلوبين أو رافضين للتسوية متخفين بين التجمعات والمزارع ما عرضها لمثل هذه المداهمات والملاحقات، فيما قال آخرون إن المزارع التي تعرضت مؤخراً لعمليات مداهمة تقع على مقربة من نقاط عسكرية تعرضت لعمليات استهداف من قبل مجهولين، وأخرى قريبة من طرقات تتعرض فيها فصائل التسويات وقوات عسكرية نظامية لعمليات اغتيال واستهداف.
واستنكرت عشائر البدو في درعا المداهمات التي نفذتها المجموعات المحلية التابعة لجهاز الأمن العسكري، «نتيجة لعدم توضيح أسبابها والقيام بانتهاكات شملت عمليات قتل وسلب خلال المداهمات». وأكدت أن عشائر البدو في السهل والجبل جزء لا يتجزأ من أرض حوران، وأنهم محافظون على وحدة النسيج الاجتماعي في المنطقة، ودعوا إلى عدم الانجرار وراء أي فتنة تسعى إليها بعض الجهات.
وبحسب ناشطين في درعا، فإن المجموعات المحلية في الريف الشرقي العاملة ضمن جهاز الأمن العسكري بعد اتفاق التسوية عام 2018، يقودها قادة سابقون في المعارضة أبرزهم عماد أبو زريق في بلدة نصيب الحدودية مع الأردن، ومحمد اللحام في بلدة أم ولد المحاذية للسويداء وهم من القيادات التي غادرت قبيل سيطرة النظام السوري على المنطقة عام ٢٠١٨، ثم عادوا إلى محافظة درعا، ليقودوا هذه المجموعات لصالح جهاز الأمن العسكري. وقالت شبكة «درعا 24» المعنية بنقل أخبار درعا المحلية إن دوريات النظام تشن حملات دهم وتفتيش بشكل دوري على المزارع وخيام النازحين من عشائر البدو في درعا، وتجري خلالها عمليات تفتيش دقيقة للخيام، إضافة إلى التدقيق على البطاقات الشخصية، وكان آخرها تفتيش جميع الخيام المنتشرة على الطريق الواصل بين بلدتي المسيفرة والغارية الشرقية بريف درعا الشرقي، في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
واستكمالاً لعملية التسوية الأخيرة أفرجت السلطات السورية عن دفعة ثالثة من المعتقلين وعددهم 25 شخصاً، ولم يتضح بعد ما إذا كان جميعهم من أبناء المحافظة أم لا، وتجري مراسم الإفراج عنهم في صالة المجمع الحكومي في مدينة درعا، وبحضور محافظ درعا الجديد لؤي خريطة ورئيس اللجنة الأمنية اللواء مفيد حسن وأمين فرع درعا بحزب البعث حسين الرفاعي، وغيرهم من الشخصيات الأمنية والعسكرية.
وكان قد أفرج عن 25 معتقلا من أبناء محافظة درعا في 14 الشهر، وعن 6 آخرين في السابع من ذات الشهر، ليصبح عدد المفرج عنهم ٥٦ معتقلا معظمهم من الفارين عن الخدمة العسكرية والمعتقلين بعد اتفاق التسوية عام ٢٠١٨ بحسب ناشطين في درعا، وتقول جهات حكومية في درعا إنهم ممن غرر بهم ولم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين وذلك في إطار اتفاق التسوية الذي طرحته الدولة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.