الصدر يستقبل والدة متظاهر مغيّب

بعد أن تنازل عن حقه في مقاضاة ناشط هاجم أسرته

TT

الصدر يستقبل والدة متظاهر مغيّب

استقبل زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بمكتبه في محافظة النجف، أمس، والدة الناشط سجاد العراقي الذي اختطف في سبتمبر (أيلول) 2020، من قبل جماعة مسلحة بمدينة الناصرية جنوب البلاد وما زال مصيره مجهولاً.
يأتي استقبال الصدر والدة العراقي بعد يوم واحد من تنازله عن حقه في مقاضاة الناشط أحمد الوشاح الذي هاجمه وآل الصدر في إحدى غرف منصة «كلوب هاوس»، وأثار غضباً واسعاً داخل صفوف «التيار الصدري».
وذكر المكتب الإعلامي للصدر في بيان، أنه «أمر بمتابعة ملف (سجاد العراقي) من خلال الجهات الرسمية والقانونية وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لعائلته».
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أرسل، نهاية سبتمبر (أيلول) 2020، قوة خاصة من جهاز مكافحة الإرهاب معززة بالطيران الحربي إلى الناصرية في محاولة لإطلاق سراح سجاد العراقي، ثم قام بعد ذلك بزيارة شخصية إلى منزل أسرته من دون أن تسفر جهوده عن إطلاق سراحه من قبل الخاطفين.
وكان ناشطون اتهموا عناصر تنتمي إلى «منظمة بدر» التي يقودها هادي العامري بالتورط في قضية الاختطاف، لكن المنظمة نفت صلتها بالخاطفين.
من جهة أخرى، استقبل مقتدى الصدر، أول من أمس، الناشط أحمد الوشاح الذي حضر لتقديم الاعتذار إلى الصدر عن «الانتقاد الكلامي المسيء» الذي وجهه له ولأسرته. وعقب اللقاء، قامت اللجنة القانونية لـ«التيار الصدري» بالتنازل عن الدعوى القضائية التي أقامها ضد الوشاح وفق المادة «433» من قانون العقوبات العراقي التي تتعلق بالقذف والتشهير ويدان المتهم بها بعقوبة لا تقل عن السجن لمدة سنة واحدة ولا تزيد على 5 سنوات.
ويرى مراقبون أن الصدر، وفي إطار سعيه لتشكيل الحكومة المقبلة باعتبار فوز كتلته بـ73 مقعداً برلمانياً، يمارس نوعاً من «الدبلوماسية الناعمة» مع جماعات الحراك الاحتجاجي بعد أن اختلف وخاض معها صراعاً عام 2020، أدى إلى اتهام جماعات الحراك أتباعه بالتورط في مهاجمة العديد من خيام الاعتصام في محافظات النجف وبغداد وذي قار وغيرها، التي أسفرت عن مقتل وجرح أعداد غير قليلة من المتظاهرين. وسبق أن تحدثت تقارير صحافية عن مفاوضات للصلح يجريها تيار الصدر مع جماعات الحراك.
وما زالت والدة الناشط مهند القيسي تتهم الصدر وأتباعه بالتورط في قتل ولدها في النجف بعد أن هاجم الصدريون ساحة الاعتصام هناك، مطلع فبراير (شباط) 2020.
ومع بقاء حادث مقتل مهند القيسي وحوادث أخرى حاضرة في ذاكرة جماعات الحراك، فليس من الواضح ما إذا كان الصدر سينجح في طي صفحة الخصومة مع اتجاهات غير قليلة داخل الحراك، وبالتالي نجاحه في إقناع «حركة امتداد» المنبثقة عن «حراك تشرين» التي فازت بـ9 مقاعد برلمانية، في التحالف مع الكتلة الصدرية في البرلمان.
وكانت المتحدثة باسم «امتداد» منار العبيدي، ذكرت، أول من أمس، في تصريحات أن حركتها حسمت أمرها بالنسبة لمسألة الانضمام إلى المعارضة في البرلمان المقبل، وأضافت: «هدفنا بناء العملية السياسية بالشكل الصحيح بعيداً عن التوافقات، ولسنا بصدد أي تقارب مع الأحزاب القديمة المشاركة في إدارة الدولة؛ لأنها مساهمة في الفساد وهدر المال العام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.