إيران تعلن إرسال قطع بحرية إلى باب المندب.. وسط شكوك حول ستار لإمداد الحوثيين بالسلاح

خبراء عسكريون وصفوه بـ«الاستعراض الإعلامي»

صورة وزعتها وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية للسفينة الحربية {البرز} قبل خروجها من المياه الإيرانية (أ.ب)
صورة وزعتها وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية للسفينة الحربية {البرز} قبل خروجها من المياه الإيرانية (أ.ب)
TT

إيران تعلن إرسال قطع بحرية إلى باب المندب.. وسط شكوك حول ستار لإمداد الحوثيين بالسلاح

صورة وزعتها وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية للسفينة الحربية {البرز} قبل خروجها من المياه الإيرانية (أ.ب)
صورة وزعتها وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية للسفينة الحربية {البرز} قبل خروجها من المياه الإيرانية (أ.ب)

استمر الموقف المصري بعدم الإعلان أو التعليق بشكل رسمي على مجريات العمليات الخاصة بعملية «عاصفة الحزم» أو تطوراتها، التزاما بأدبيات عسكرية تقضي بأن قيادة التحالف هي التي تصدر أي تفاصيل بشأن العمليات. إلا أن خبراء عسكريين في مصر أكدوا أن ما ذكرته وكالة «فارس» الإيرانية، شبه الرسمية، أمس، من أن طهران أرسلت سفنا حربية إلى مضيق باب المندب لتأمين مصالحها، قد يكون تحت ستار معين وهو إمداد الحوثيين بأي نوع من الإمدادات.
وأضاف الخبراء العسكريون لـ«الشرق الأوسط» أنه مطلوب من قوات التحالف العربي المشترك التي تقودها المملكة العربية السعودية، لحماية الشرعية في اليمن في إطار عملية «عاصفة الحزم»، مراقبة هذه المجموعات البحرية الإيرانية، لافتين إلى أنه غير مسموح بوجود أي قطعة بحرية تمثل أي عدائيات في المضيق أو بالقرب منه.
ونقلت وكالة أنباء «فارس» عن قائد القوة البحرية للجيش الإيراني، الأدميرال حبيب الله سياري، أن «المجموعة الـ34 الاستطلاعية للقوة البحرية الإيرانية اتجهت إلى خليج عدن ومضيق باب المندب». وأضاف أن توجه المجموعة البحرية التي تضم الفرقاطة اللوجيستية بوشهر والمدمرة البرز، لمضيق باب المندب، يأتي «لتوفير الأمن لخطوط الملاحة البحرية الإيرانية وصون مصالح إيران في المياه الدولية الحرة»، موضحا أن «مهمة هذه المجموعة البحرية تستغرق نحو 3 أشهر».
ومنذ بدء عمليات «عاصفة الحزم»، التزمت القاهرة بصمت رسمي حول تفاصيل العمليات أو التعليق على أي تطورات، احتراما للأدبيات العسكرية التي تقضي بأن قيادة التحالف هي فقط المخولة بالإدلاء بأي بيانات عسكرية عن العمليات.
من جهته، وصف الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء نبيل ثروت، الأنباء الإيرانية بـ«الاستعراض الإعلامي»، وقال إن «قول إيران بأنها تريد توفير الأمن لخطوط الملاحة البحرية غير دقيق، لأن العالم كله يحمي مضيق باب المندب، فلا أحد يستطيع أن يمسه بسوء، ولا يمكن لأي دولة عمل قلاقل هناك، لأنها ملاحة دولية».
لكن اللواء ثروت أبدى تخوفه من أن تكون هذه الأنباء تحت ستار معين، بأن تؤدي هذه المجموعة لإمداد الحوثيين بالأسلحة مثلا أو أي إمدادات أخرى، لافتا إلى أنه غير مسموح بوجود أي قطعة بحرية من خارج القوات المتعارف عليها بالمنطقة في المضيق أو بالقرب منه.
وقال الخبير الاستراتيجي والعسكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات التحالف العربي المشترك مستيقظة جدا، وهدفها ألا تصل أي إمدادات للحوثيين، وإن ذلك الهدف ضمن الخطط العسكرية ومعمول به تماما: لا إمدادات.. لا برا ولا جوا ولا بحرا».
في السياق ذاته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء طلعت مسلم، إن «ما رددته إيران من إرسال مجموعة بحرية لها لباب المندب جزء منه قد يبدو طبيعيا في مثل هذه الظروف المتوترة التي تعيشها المنطقة، واحتمال تعرض خطوط البحرية الإيرانية للتهديد لحماية خطوطها؛ لكن هذا لا يمنع أن هذه العملية وهي تنفذ مهامها - التي تدعيها إيران بصون مصالحها في المياه الدولية – قد تستخدم لمهام أخرى، مهام لا يدخل فيها الصراع المسلح، مثل الحصول على معلومات أو المراقبة أو سحب إيرانيين وإجلاء مدنيين».
وحول إمكانية تزويد هذه المجموعة للحوثيين بالسلاح، قال اللواء مسلم «حتى يحصل الحوثيون على السلاح لا بد لهم أن يخرجوا لها في المياه الدولية، وليس في المياه الإقليمية.. وهذا غير متاح للحوثيين»، مضيفا أنه «على قوات التحالف العربي المشترك مراقبة هذه المجموعة البحرية الإيرانية، وأنه في حالة اختراقها خطوط الأمن فيجب إنذارها في البداية، وإن لم تستجب يمكن منعها أو تهديدها». وقال اللواء طلعت مسلم، لـ«الشرق الأوسط»: «على التحالف العربي المشترك أن يأخذ هذه التحركات الإيرانية بمحمل الجد؛ وألا يغفل عنها». ويعد مضيق باب المندب البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، مما يجعل له أهمية استراتيجية لكل دول العالم. وهو رابع أكبر نقطة لشحن النفط في العالم من حيث الكمية، حيث يمر منه نحو 3.8 مليون برميل يوميا، ويبلغ اتساع باب المندب 23.2 كم، في ما بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيعان غربا، وتطل 3 دول على المضيق هي اليمن وإريتريا وجيبوتي. كما أن المضيق هو حلقة الوصل بين الشرق والغرب في التجارة الدولية، ويتحكم الممر بالتجارة العالمية بين 3 قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وبحسب الخبراء العسكريين، فإن الحركة في المضيق مراقبة عن قرب عبر قوات دولية، وتقع على ضفته الغربية قواعد عسكرية بحرية أميركية وفرنسية، وهو ما لا يمكن معه السماح بأي تهديد استراتيجي للمضيق ولا لحركة التجارة فيه.
وعلى صعيد ذي صلة بالأوضاع في اليمن، قالت وزارة الخارجية المصرية إن الوزير سامح شكري أجرى مساء أول من أمس اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف، تناول التنسيق القائم بين مصر وروسيا حول إجلاء المصريين من اليمن والجهود المشتركة في هذا الشأن.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي إن «عدد المصريين الذين تم إجلاؤهم من اليمن منذ بدء الأزمة حتى الآن قد تجاوز الألف مواطن»، مشيرا إلى أن البعثة القنصلية المصرية على الحدود السعودية اليمنية والتابعة للقنصلية المصرية في جدة، قد أنهت إجراءات وصول أكثر من 220 مواطنًا إضافيا أول من أمس من منفذ الطوال البري، ليتجاوز عدد من وصلوا إلى المملكة السعودية وحدها الـ800 مصري، ليضاف هذا العدد إلى من تم استقبالهم بالفعل في جيبوتي وعمان، حيث لا يزال عشرات من المصريين يتدفقون إلى معبري المزيونة وصرفيت على الحدود اليمنية العمانية، بالإضافة إلى الإجلاء البحري من ميناء عدن على متن سفن تجارية تابعة لدول صديقة.
وأشار عبد العاطي إلى أن الخارجية وبعثاتها في السعودية وجيبوتي وسلطنة عمان تواصل الجهد لاستقبال المصريين وإنهاء إجراءاتهم وتسفيرهم إلى مصر، وذلك على الرغم من الظروف الصعبة والاستثنائية التي تتم فيها عملية الإجلاء، نظرا للظروف الميدانية المعقدة في اليمن، موضحا أن الاتصالات لا تقتصر فقط على تلك الدول وإنما تشمل العديد من دول العالم التي تقوم بعمليات إجلاء للمدنيين من اليمن مثل روسيا.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.