«ميتافيرس»... تداخل عوالم الواقع والخيال

الجميع يسعى لامتلاكه... من «فيسبوك» إلى «مايكروسوفت»

«ميتافيرس»... تداخل عوالم الواقع والخيال
TT

«ميتافيرس»... تداخل عوالم الواقع والخيال

«ميتافيرس»... تداخل عوالم الواقع والخيال

تصدر «الميتافيرس» أخيراً المواضيع الأكثر حديثاً حول العالم وخصوصاً بعد إعلان كل من فيسبوك ومايكروسوفت عن مشاركتهما في هبته المقبلة. ولكن ما هو الميتافيرس؟ ومتى يصبح حقيقة؟
ابتدع الروائي نيل ستيفنسون مصطلح «ميتافيرسmetaverse » عام 1992 في روايته «سنو كراش» التي تخيل فيها شخصيات افتراضية حية تلتقي في مبانٍ ثلاثية الأبعاد وغيرها من بيئات الواقع الافتراضي.
ومنذ ذلك الحين، ظهرت تطورات كثيرة وضعت إشارات بارزة على طريق الميتافيرس الحقيقي، وهو عالم افتراضي إلكتروني يتداخل فيه الواقعان الافتراضي والمعزز مع شخصيات افتراضية هولوغرافية ثلاثية الأبعاد وفيديوهات وغيرها من وسائل التواصل. ومع توسعه المستمر، سيقدم الميتافيرس للناس عالماً بديلاً ذا واقعية مفرطة ليتعايشوا فيه.
عوالم متداخلة
تنتشر معالم الميتافيرس اليوم في عوالم الألعاب الإلكترونية كـ«فورتنايت» و«ماينكرافت» و«روبلوكس»، وتطمح الشركات المصنعة لهذه الألعاب للمشاركة في نشوء الميتافيرس.
> ما هو الميتافيرس؟ إنه مزيج من عناصر تقنية متعددة كالواقع الافتراضي والواقع المعزز والفيديوهات التي «يعيش» عبرها المستخدمون في عالم رقمي. يتخيل داعمو الميتافيرس مستخدميه وكأنهم يعملون ويلعبون ويبقون على اتصال بالأصدقاء ويشاركون في كل شيء... من الحفلات الموسيقية والمؤتمرات إلى الرحلات الافتراضية حول العالم. واعتبر ماثيو بول، الشريك الإداري لشركة «إيبيليون إنداستريز» في مقال نشره في فبراير (شباط) 2021 على موقعه الإلكتروني أننا «اليوم على أعتاب الإنترنت المقبل».
> ما هو الموعد المتوقع للقاء الميتافيرس؟ يقدر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لمنصة ميتا (فيسبوك سابقاً)، أن الأمر قد يتطلب بين 5 و10 سنوات قبل أن تصبح معالم الميتافيرس مألوفة بين الناس. ولكن مظاهر الميتافيرس موجودة حالياً وأبرزها سرعات النطاق العريض الفائقة وإكسسوارات الرأس المدعومة بالواقع الافتراضي والعناصر الإلكترونية التي تعمل طوال الوقت، ولو أنها ليست متوفرة للجميع.
نماذج المستقبل
ما هي أبرز الأمثلة على الميتافيرس؟ تجدون فيما يلي بعض النماذج القائمة اليوم والتي يمكن أن تكون ميتافيرس الغد:
> «ميتا» Meta: قام عملاق التقنية الذي عرف سابقاً باسم «فيسبوك» باستثمارات كبيرة في الواقع الافتراضي ومنها استحواذه على نظارة «أوكيولوس» عام 2014. يتخيل ميتا عالماً افتراضياً تتصل فيه شخصيات افتراضية في العمل والسفر أو الترفيه باستخدام إكسسوارات رأس مدعومة بالواقع الافتراضي.
يبدي مارك زوكربيرغ تفاؤلاً كبيراً حيال الميتافيرس لإيمانه بأنه قادر على الحلول محل الإنترنت الذي نعرفه. وفي مؤتمر إعلانه عن تغيير اسم شركته الشهر الفائت، قال زوكربيرغ: «سيقدم المحيط والمنصة المقبلان إنترنت أكثر انغماساً وتجسيداً حيث يستطيع المستخدمون التواجد في قلب التجربة، وليس فقط مشاهدتها، وهذا ما نسميه ميتافيرس».
> مايكروسوفت: يستخدم عملاق البرمجة الصور المجسمة منذ زمن وهو حالياً في خضم تطوير تطبيقات واقع مختلط وممتد بالإضافة إلى منصته الخاصة «ميش» Microsoft Mesh التي تجمع العالم الحقيقي مع الواقعين المعزز والافتراضي. استعرضت شركة مايكروسوفت في أوائل هذا الشهر خططها لإدخال واقع مختلط يتضمن صوراً مجسمة (هولوغرام) وشخصيات افتراضية إلى تطبيقها «مايكروسوفت تيمز» العام المقبل، الذي سيشهد أيضاً إطلاق فضاءات استكشافية افتراضية ثلاثية الأبعاد متصلة ببعضها في مجالي تجارة التجزئة والعمل.
بالإضافة إلى ذلك، تتعاون الشركة اليوم مع الجيش الأميركي لتطوير إكسسوار الرأس «هولولينس 2» المدعوم بالواقع المعزز المصمم لتدريب الجنود وتحضيرهم للقتال. وأيضاً، تملك الشركة منصة «إكس بوكس لايف» التي تصل الملايين من محبي ألعاب الفيديو حول العالم ببعضهم البعض.
تقنيات الألعاب
> {إيبيك غيمز Epic Games} يقول تيم سويني، الرئيس التنفيذي للشركة المطورة لـ«فورتنايت»: «ليس سراً أن «إيبيك» استثمرت في بناء الميتافيرس، «فقد عمدت الشركة إلى تنظيم حفلات موسيقية يحييها أشباه آريانا غراندي وترافيس سكوت، بالإضافة إلى إعلانات ترويجية للأفلام وإطلاقات موسيقية وحتى تجسيد انغماسي لخطاب «لدي حلم» لمارتن لوثر كينغ جونيور من عام 1963. وتعمل الشركة حالياً على تطوير بشر رقميين بصور واقعية بواسطة برنامجها «ميتا هيومن كريايتور» الذي قد يشكل وسيلة تتيح لكم تخصيص شبيهكم الرقمي مستقبلاً في عالم الألعاب المفتوح.
> {روبلوكس oblox»: تضم هذه المنصة التي تأسست عام 2004 الألعاب المدفوعة بوجود المستخدم كعروضات تجسيد الأدوار كـ«بلوكس بورغ» و«بروك هيفن» حيث يستطيع المستخدمون بناء المنازل والعمل واللعب. تجاوزت قيمة «روبلوكس» السوقية عتبة الـ45 مليون دولار بعد أن أصبحت متوفرة للجميع هذا العام. وبعد إطلاقها في سوق الأوراق المالية في مارس (آذار)، نشر مؤسسها ورئيسها التنفيذي دايفيد باسزوكي تغريدة شكر فيها كل ما ساعد في «تقريب المنصة خطوةً إضافية من تحقيق رؤيتها للميتافيرس». ومنذ ذلك الحين، دخلت الشركة في تعاون مع شركة «فانز» لابتكار «عالم فانز»ـ وهو عبارة عن متنزه افتراضي للتزلج اللوحي يستطيع فيه اللاعبون ارتداء معدات فانز الجديدة. كما فتحت «حديقة غوتشي المحدودة» حيث يستطيع المستخدمون تجربة وشراء الملابس والإكسسوارات لشخصيتهم الافتراضية.
> {ماينكرافت Minecraft}: تقدم هذه اللعبة نسخة رقمية من لعبة «ليغو» وعالم افتراضي آخر يعشقه الأطفال لأنه يتيح لهم ابتكار شخصيتهم الرقمية الخاصة وبناء الشكل الذي يتمنونه. يزيد عدد مستخدمي «ماينكرافت» منذ أغسطس (آب) بمعدل 140 مليون مستخدم نشط شهرياً. واكتسبت المنصة خلال الجائحة شعبية كبيرة لدى الأطفال الذين زاد اعتمادهم على الاتصالات الافتراضية.
> شركات أخرى. وبادرت شركات أقل شهرة أيضاً إلى إطلاق عوالمها الإلكترونية الخاصة ومنها عالم الفانتازيا «سكوند لايف» الذي تأسس في 2003 ودخل هذا العام عقده الثاني كواقع بديل.
بدورها، تملك المنصة الإلكترونية «نووير» فضاءات افتراضية دائمة ومؤقتة – للاستخدام العام أو الخاص – لإقامة الحفلات الموسيقية والمهرجانات والاجتماعات والمؤتمرات.
وكانت «ويندميل فاكتوري»، شركة الإنتاج التي بدأت تطويرها قبل عام في نيويورك، قد صممت مشاريع للمغنيين ليدي غاغا و«ناين إنش نايلز».
وأخيراً وليس آخراً، افتتحت منصة «ذا سنسوريوم غالاكسي» في بداية هذا العام واحدةً من مجرتين تضمان عدة عوالم إلكترونية متصلة تستكشف بواسطة إكسسوار للرأس أو كومبيوتر مكتبي. تركز هذه المجرة، التي منحها المطورون اسم «بريزم»، على الموسيقى – أي منسقين موسيقيين وفرق افتراضية في بيئات مستوحاة من المستقبل.
* «يو إس إي توداي»
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

تكنولوجيا تقدم «غوغل» التحديثات في الوقت الفعلي والخرائط التفاعلية وخدمات البث ومساعدي الذكاء الاصطناعي لمتابعي الأولمبياد (غوغل)

«غوغل» تعزز تجربة زوار ومتابعي أولمبياد باريس عبر تقنيات وتحديثات خاصة

بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة والمنصات الرقمية لـ«غوغل»، يمكن لمشجع أولمبياد باريس في جميع أنحاء العالم البقاء على اتصال واطلاع طوال المباريات.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

بعد أسبوع من الأزمة المعلوماتية العالمية التي تسببت بها، أعلنت «كراود سترايك» عودة 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» للعمل.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)

25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

يلعب توافر نقاط الـ«واي فاي» المجانية دوراً مهماً، وخاصة أثناء الأحداث العامة الكبيرة، لكنها تطرح مخاطر التهديدات الإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
TT

4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)
ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

في ذروة منافسات بطولة أوروبا لكرة القدم، منتصف الشهر الماضي، فوجئ ملايين البولنديين بعطل حرمهم من مشاهدة الشوط الأول من مباراة بلادهم أمام هولندا. بعدها بأسبوع، تكرر الأمر، وإن لوقت أقصر، خلال المواجهة مع النمسا.

اتضح أن الواقعتين اللتين استهدفتا شبكة التلفزيون الوطنية «تي في بي»، عبارة عن هجمتين سيبرانيتين من نوع يعرف بـ«الهجوم الموزع لحجب الخدمة» DDoS، وهو استهداف يغرق المواقع والخوادم بزيارات مصطنعة لتعطيل الوصول إلى خدماتها.

عشية دورة الألعاب الأولمبية في باريس، يتوقع المسؤولون عن تأمين هذا الحدث الرياضي العالمي سيبرانياً، أكثر من 4 مليارات حادث، استعدوا لمواجهتها بأول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد وبفرق «استخبارات» ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، يوضح إريك غريفيير، مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» التي تتولى إدارة مركز الأمن السيبراني الموحد للأولمبياد، أن دورة ألعاب طوكيو عام 2021 شهدت حوالي 450 مليون حادث سيبراني. لكن «حجم الحوادث السيبرانية المتوقعة للألعاب الأولمبية الحالية أعلى بعشر مرات على الأقل، مما يستلزم نموذجًا أكثر كفاءة».

«قمرة قيادة» للكشف والاستجابة

حتى أولمبياد طوكيو، كان كل شريك تقني مسؤولاً عن تدابير الأمن السيبراني الخاصة به. إلا أن هذا العام يمثل المرة الأولى التي يشرف فيها شريك واحد للأمن السيبراني على الحدث بأكمله.

ويشير غريفيير إلى أن «وجود مركز تشغيلي واحد للأمن السيبراني يسمح بتنسيق أفضل واستجابة أكثر كفاءة للحوادث»، لافتاً إلى أن هذا القرار يعتمد على نماذج ناجحة في قطاعات أخرى، بما في ذلك القطاع المصرفي ودوري كرة القدم الأميركي حيث تتولى شركته أيضاً مسؤولية الأمن السيبراني.

مدير الأعمال والتكنولوجيا في «سيسكو فرنسا» إريك غريفيير متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (سيسكو)

يعد نظام الكشف والاستجابة الموسع XDRعنصراً محورياً في استراتيجية الشركة الأمنية. وينوه غريفيير إلى أن ذلك النظام يعمل بمثابة «قمرة قيادة شاملة» ويجمع البيانات من مختلف المصادر. كما يسهل التحقيقات من خلال ربط الأحداث، ويقوم بأتمتة الاستجابات للتهديدات المكتشفة. ويضمن هذا «رؤية شاملة لمشهد الأمن السيبراني ويتيح إدارة التهديدات بشكل استباقي»، حسب قوله. وتغطي مجموعة الأمن السيبراني الشاملة تلك جميع جوانب البنية التحتية الرقمية للألعاب الأولمبية، من أمان الشبكة والسحابة والتطبيقات إلى برامج حماية المستخدم النهائي.

ما دور الذكاء الاصطناعي؟

في مجال الأمن السيبراني، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في إدارة كميات هائلة من البيانات وتحديد التهديدات المحتملة. يقول غريفيير لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع توقّع وقوع 4 مليارات حادث، فإن إزالة الضوضاء أمر بالغ الأهمية». ويضيف أن كل حل يستخدمه مركز الأمن السيبراني للأولمبياد يشتمل على شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي لأتمتة معالجة هذه الحوادث، مما يسمح للمحللين بالتركيز على التهديدات الحقيقية.

ومن أمثلة ذلك بيئة تحليلات الشبكة الآمنة التي تجمع وتحلل حركة المرور على الشبكة لتحديد الأنماط غير المتوقعة. ويشير غريفيير إلى أنه من خلال بناء نماذج للسلوك النموذجي، «يمكن اكتشاف الانحرافات التي قد تشير إلى هجوم محتمل». ويعتبر أنه بينما يمكن أن تولد نتائج إيجابية كاذبة، فإنها توفر طبقة أساسية من الأمان من خلال الإشارة إلى أي أنماط غريبة لمزيد من التحقيق.

يتعمق أليكسي لوكاسكي، المدير الإداري ومستشار أعمال الأمن السيبراني في شركة «بوزيتيف تكنولوجيز»، في الدور المعقد الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المهاجمين صقلوا مهاراتهم ويمكنهم من خلال الذكاء الاصطناعي أن يكونوا أكثر فعالية.

يُستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لإدارة كميات البيانات الهائلة وتحديد التهديدات المحتملة في مراقبة الأمن السيبراني (شاترستوك)

ويشير إلى انتشار مقطع فيديو مزيف يُزعم أنه من وكالة المخابرات المركزية الأميركية على الإنترنت قبل بدء الألعاب الأولمبية يحذر الأميركيين من استخدام مترو باريس بسبب خطر وقوع هجوم إرهابي. كما ظهر فيلم وثائقي مزيف منسوب إلى «نتفليكس» يظهر فيه الممثل الأميركي توم كروز يدين قيادة اللجنة الأولمبية الدولية.

ويعتبر لوكاسكي أن المعلومات المضللة هي التغيير الرئيسي في استغلال الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارة خلال هذه الألعاب الأولمبية. ويحذر من أن ملايين الناس سيسافرون إلى باريس من دون معرفة المدينة أو المناطق المحيطة بها جيداً. وقد يواجهون محاولات التصيد الاحتيالي بجميع أشكاله، كالتطبيقات المزيفة، والمواقع المزيفة لبيع التذاكر، وحجز الفنادق، والمواصلات، إضافة إلى البث المزيف ونتائج الأحداث الرياضية المزيفة. هذه تهديدات تقليدية وستركز على أكبر حدث رياضي هذا العام لتجبر المستخدمين على التخلي عن بياناتهم الشخصية وأموالهم وخصوصيتهم.

«فريق استخبارات» التهديدات السيبرانية

عند السؤال عن أنواع التهديدات السيبرانية التي قد تواجهها الألعاب الأولمبية، يجيب غريفيير بأن المخاطر الأساسية قد تتمثل في انقطاع المسابقات والبث، ما يؤثر بشكل مباشر على نجاح الحدث وإيراداته. ويتابع أن التهديدات الأخرى قد تتراوح من سرقة البيانات ونشر برامج الفدية إلى التخريب. ويوضح أن «فريق استخبارات التهديدات (سيسكو تالوس) يراقب باستمرار الأنشطة التي قد تشير إلى تهديدات محتملة».

تلعب وحدة استخبارات التهديدات هذه دوراً محورياً في حماية الألعاب الأولمبية. وقد تم تكليف هذا الفريق بمراقبة التهديدات الإلكترونية العالمية وتوفير المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب لاستباق الهجمات المحتملة.

ويلفت غريفيير إلى أن شركته تراقب منذ أوائل عام 2022، «كل خطأ يمكن أن يحدث»، ومن خلال دراسة كيفية عمل مجرمي الإنترنت «يمكن توقع تحركاتهم بشكل أفضل وتنفيذ تدابير مضادة فعالة، لضمان بقاء الفريق متقدماً بخطوة على التهديدات المحتملة، وتحديد أي نشاط مشبوه ومعالجته بسرعة».

أبعاد سياسية

ويحذر باولو باسيري، أخصائي الاستخبارات الإلكترونية في شركة «نيت سكوب»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من دور مجرمي الإنترنت خلال فترات الاهتمام الإعلامي العالمي بالأحداث الرياضية الدولية، ويؤكد على أهمية وجود أنظمة أمنية واسعة النطاق وشاملة.

انقطاع المسابقات والبث مخاطر أساسية تهدد الألعاب الأولمبية على الصعيد السيبراني (شاترستوك)

ويقول إن الأحداث الرياضية تشكل فرصة لمجرمي الإنترنت لتطبيق تقنياتهم على أكبر عدد ممكن من الناس وتعطيل المنظمات من أجل المطالبة بفدية أو إيصال رسالة. وبالتالي فإن قضية الأمن السيبراني تشكل مصدر قلق رئيسياً.

ويشير باسيري إلى برنامج Olympic Destroyer الضار الذي اتهمت الولايات المتحدة الاستخبارات الروسية بتطويره وكان مسؤولاً عن تعطيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 في كوريا الجنوبية. ويعتبر أن «خطر حدوث اضطرابات مماثلة أصبح اليوم أكثر أهمية بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي في أجزاء مختلفة من العالم».

دور الاستجابة للحوادث

في حالة وقوع حادث إلكتروني، يُعد وجود خطة قوية للاستجابة للحوادث أمرًا بالغ الأهمية. وقد نفذت «سيسكو» إطار عمل شامل للاستجابة للحوادث للتعامل مع التهديدات المحتملة. ويشرح غريفيير أن خطة الاستجابة للحوادث تتضمن طبقات متعددة من الدفاع، من الاكتشاف الأولي إلى العلاج، وأن فريقه يجري تدريبات ومحاكاة منتظمة لضمان استعداده للاستجابة لأي موقف.

تم تصميم هذه التدريبات لاختبار جاهزية فريق الأمن السيبراني والتأكد من اتباع جميع البروتوكولات بشكل صحيح بما في ذلك خروقات البيانات وهجمات برامج الفدية واختراقات الشبكة، لتقييم قدرات الاستجابة. ويساعد هذا في تحديد أي ثغرات في الدفاعات وتحسين استراتيجيات الاستجابة، بحسب وصفه.

لكن غريفيير يوضح أن التعاون الفعال بين اللجنة الأولمبية الدولية ومختلف شركاء التكنولوجيا «هو مفتاح نجاحنا» في مهمة التأمين، مشيراً إلى أنه «من خلال مشاركة المعلومات والعمل معًا، يمكننا حماية الحدث بشكل أفضل من التهديدات السيبرانية. إنه جهد جماعي، ويلعب الجميع دوراً حاسماً في ضمان أمن الألعاب الأولمبية».

مع إشعال الشعلة الأولمبية لروح المنافسة، سترسم الدروس المستفادة والابتكارات التي تم تطويرها للألعاب الأولمبية 2024، شكل ممارسات الأمن السيبراني للأحداث المستقبلية بهذا الحجم.