وزراء يرفضون قرارات البرهان ويقدمون استقالاتهم لحمدوك

الإفراج عن بعض قيادات الأحزاب السودانية

احتجاجات في الشارع رافضة للتفاوض مع الجيش (أ.ف.ب)
احتجاجات في الشارع رافضة للتفاوض مع الجيش (أ.ف.ب)
TT

وزراء يرفضون قرارات البرهان ويقدمون استقالاتهم لحمدوك

احتجاجات في الشارع رافضة للتفاوض مع الجيش (أ.ف.ب)
احتجاجات في الشارع رافضة للتفاوض مع الجيش (أ.ف.ب)

قدم 12 وزيراً ينتمون إلى تحالف «الحرية والتغيير»، أمس، استقالاتهم لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مؤكدين عدم اعترافهم بقرارات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، التي تضمنت في الشهر الماضي حل حكومتهم، فيما رفض وزير التجارة علي جدو تقديم استقالته، وتعذر الاتصال بوزيري الصناعة، وشؤون مجلس الوزراء، المعتقلين لدى السلطات منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكشف وزير سابق في الحكومة الانتقالية، لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الوزراء أبلغهم أن بعض الشخصيات السياسية وقعت باسم تحالف «الحرية والتغيير» على الاتفاق السياسي الذي توصل إليه مع قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان. وأضاف الوزير أن حمدوك طلب اجتماعاً مع المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير»، الذي من المقرر أن يتم اليوم (الثلاثاء) للتشاور معهم، مشيراً إلى أن حمدوك أجرى خلال إقامته الجبرية نقاشات موسعة مع الكثير من القوى السياسية. وذكر المصدر أن حمدوك يرى أن هذا الاتفاق إطاري قابل للنقاش والتطوير بحسب متطلبات المرحلة.
وجاء في تعميم صحافي من الوزراء المستقيلين أن وزير الثقافة والإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات هاشم حسب الرسول، لم يتمكنا من الاجتماع التفاكري للوزراء، الذي تم فيه اتخاذ قرار الاستقالة.
والوزراء الذين تقدموا باستقالتهم هم: وزيرة الخارجية مريم المهدي، وزير العدل نصر الدين عبد الباري، وزير الزراعة الطاهر حربي، وزير الري ياسر عباس، وزير الاستثمار الهادي محمد إبراهيم، وزير الطاقة جادين علي العبيد، وزيرة التعليم العالي انتصار صغيرون، وزيرة العمل تيسير النوراني، وزير النقل ميرغني موسى، وزير الصحة عمر النجيب، وزير الشباب والرياضة يوسف الضي، وزير الشؤون الدينية نصر الدين مفرح. وتقدم الوزراء بالشكر لتحالف «الحرية والتغيير» على الثقة بتقديمهم للعمل في حكومة الفترة الانتقالية الثانية.
ومن جهة أخرى أطلقت السلطات العسكرية ليلة أول من أمس سراح المعتقلين من قادة الأحزاب السياسية، وهم زعيم حزب البعث العربي الاشتراكي علي الريح السنهوري، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ونائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان، والقيادي في حزب الأمة القومي صديق الصادق المهدي.
ولا تزال السلطات العسكرية تعتقل عضو مجلس السيادة الانتقالي المنحل، محمد الفكي سليمان، ومستشار رئيس الوزراء فيصل محمد صالح، وأعضاء بارزين في لجنة «تفكيك التمكين»، والصحافيين ماهر أبو الجوخ وفائز السليك. وأعلنت «قوى الحرية والتغيير»، في بيان، رفضها القاطع للاتفاق الإطاري الذي وقعه قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، موضحة أنها غير معنية بهذا الاتفاق الذي عدوه «يكرس السلطة للطغمة الغاشمة».
وأشار البيان إلى أن الاتفاق لم يتطرق للعقبات التي وضعها المكون العسكري قبل تنفيذه انقلاب 25 من أكتوبر (تشرين الأول) في طريق التحول الديمقراطي، كما أنه يخلو من أي ضمانات من قادة المكون العسكري من الحنث بالعهود والمواثيق. وتابع البيان: «حمدوك مد يده إلى جحر الأفعى ولن يناله منها غير السم والغدر».
وندد تحالف «الحرية والتغيير» بالمجازر الدموية التي ارتكبها قادة الانقلاب العسكري خلال التعامل مع المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في الخرطوم ومدن البلاد للتعبير عن رفضهم للانقلاب. وأكد المجلس المركزي القيادي لـ«الحرية والتغيير» على موقفه الواضح والمعلن مسبقاً بأن «لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابين».
ونص الاتفاق الإطاري الموقع بين المكون العسكري ورئيس الوزراء، على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة (تكنوقراط)، يشرف عليها مجلس السيادة الانتقالي الذي شكله قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، منفرداً، بعد أن أطاح بشراكته مع تحالف «الحرية والتغيير» الشريك الرئيسي الموقع على الوثيقة الدستورية. واندلعت أمس مظاهرات حاشدة في العديد من أحياء العاصمة الخرطوم تطالب بإسقاط الشراكة بين المكون العسكري ورئيس الوزراء المتمثلة في الاتفاق الجديد بينهما.
إلى ذلك، أدى القائم بالأعمال الأميركية في الخرطوم، براين شوكان، واجب العزاء لأسرة الشابة ست النفور أحمد التي قتلت في احتجاجات 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وذكر موقع السفارة على «فيسبوك» أن ست النفور فقدت حياتها بشكل مأساوي أثناء المظاهرات من أجل الحرية والديمقراطية في السودان، وكانت بطلة ومدافعة عن تطلعات الشعب السوداني وهي مصدر إلهام للجميع. وقتل 41 شخصاً وأصيب المئات من المتظاهرين، بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع، منذ استيلاء الجيش على السلطة في 25 من أكتوبر الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.