حذرت منظمة الصحة العالمية من تنامي ظاهرة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، كأحد تداعيات جائحة «كوفيد– 19». وخلال مؤتمر صحافي افتراضي، أمس، لمكتب إقليم شرق المتوسط، في إطار الأسبوع العالمي للتوعية بشأن المضادات الحيوية 18 - 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، قالت مها طلعت، المستشار الإقليمي للمنظمة، إن المضادات الحيوية تتعامل مع ميكروبات، وليس فيروسات، ومع ذلك، هناك إسراف في استخدامها دون مبرر خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، وهو أمر من شأنه أن يزيد من تنامي ظاهرة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
وتطور البكتيريا بمرور الزمن مقاومة للمضادات الحيوية، بسبب كثرة استخدامها، فتصبح أقل استجابة للأدوية، ما يصعب علاج الالتهابات ويزيد خطورة انتشار الأمراض. وتقول «طلعت»: «الحالة الوحيدة التي يكون فيها تناول المضادات الحيوية مفيداً أثناء الإصابة بكوفيد – 19، هو حدوث عدوى بكتيرية ثانوية، ويكون ذلك في الحالات الشديدة من المرض، لكن ما يحدث أن كثيراً من مرضى الحالات الخفيفة تناولوا المضادات الحيوية، وهو أمر سيشكل ضرراً صحياً كبيراً عليهم».
ويشير الدكتور غاري غريغ كونيوشي، استشاري الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي للمنظمة، والمشارك بالمؤتمر الصحافي، إلى دراسة أجريت في إقليم شرق المتوسط، أشارت إلى أن 70 في المائة من مرضى «كوفيد– 19» بالإقليم تناولوا المضادات الحيوية دون مبرر يستدعي ذلك، وأن 3.5 في المائة فقط هي الحالات التي كانت تستوجب الحصول على مضادات حيوية لإصابتها بعدوى بكتيرية ثانوية.
ويقول: «هؤلاء المرضى الذين تناولوا المضادات الحيوية دون مبرر، بدلاً من أن يعالجوا أنفسهم، سيكونون عرضة لمشاكل في الكليتين والقلب والإصابة بالعدوى البكتيرية، بسبب الإسراف في استخدامها». وشدد، في هذا الإطار، على أنه لا يوجد حتى الآن علاج يستهدف فيروس كورونا المستجد، وأن كل الأدوية المتاحة عالمياً تتعامل مع الأعراض التي يسببها المرض. ولفتت حنان بلخي، المديرة العامة المساعدة المعنية بمقاومة مضادات الميكروبات، بمقر منظمة الصحة العالمية في جنيف، إلى أن أحد أهداف اللقاحات المستخدمة حالياً لـ«كوفيد–19»، هو المساعدة في رفع مستوى المناعة المجتمعية، لمنع تحورات الفيروس الجديدة، لكنها أشارت إلى أن الفيروس سيتحول من وباء إلى فيروس متوطن، ليكون موسمياً مثل الإنفلونزا، بحيث ينتشر بصورة أكبر في فصل الشتاء. وأكدت أهمية مراعاة التدابير الوقائية من النظافة والتباعد الاجتماعي والتهوية الجيدة، إذا أردنا تجنب الإصابة بالفيروس، مشيرة إلى أن اللقاح لا يحمي من الإصابة، لكنه يحمي من المرض الشديد عند حدوث الإصابة.
ومثلما كانت النظافة إحدى وسائل الوقاية من «كوفيد – 19»، فإنها أيضاً أحد الأسلحة المهمة في مقاومة ظاهرة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
تقول «بلخي»: «النظافة ستقي من الإصابة بالميكروبات، ومن ثم لا يكون هناك مبرر لاستخدام المضادات الحيوية، وزيادة مقاومة الجسم لها». وعزت عدم ظهور مضادات حيوية جديدة إلى أن الأبحاث التي تُجرى على المواد الكيميائية المستخدمة كمضادات حيوية مكلفة للغاية، ولا يغطي المردود المادي هذه التكلفة، وهو ما يجعل شركات الأدوية تحجم عن الاستثمار في إنتاج دواء جديد، وهي المشكلة التي تسعى منظمة الصحة العالمية لحلها بالبحث عن وسائل لتشجيع الشركات على الاستثمار في هذا المجال.
وعن أسباب الموجة الخامسة لـ«كوفيد – 19» في أوروبا رغم قيام كثير من الدول بتلقيح عدد كبير من سكانها، قالت «طلعت» إن تزايد عدد الإصابات مع دخول فصل الشتاء كان متوقعاً، في ظل بعض السلوكيات المرتبطة بالشتاء مثل عدم تهوية المنازل جيداً ووجود عدد كبير من أفراد الأسرة داخل المنزل في وقت واحد، هذا فضلاً عن أن الناس قد أصيبوا خلال عامين من بدء الوباء بالملل من الإجراءات الاحترازية، وبدأوا العودة لبعض ممارسات ما قبل الجائحة مثل حضور الاجتماعات والحفلات.
ورغم تزايد عدد الإصابات، أوضحت أن «الوضع غير مقلق»، في ظل أن هذه الإصابات في الغالب خفيفة، ولا تحتاج إلى دخول المستشفيات. وأعادت ما أكدت عليه «بلخي»، مضيفة: «اللقاحات لا تحمي من الإصابة، لكنها تحمي من المرض الشديد عند حدوث الإصابة».
«كورونا» سيزيد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية
«الصحة العالمية» تحذّر من الإسراف في استخدامها من دون مبرر
«كورونا» سيزيد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة