تونس: العاطلون يهددون إنتاج النفط للضغط على الحكومة

لرفض رئيس الجمهورية إجازة قانون توظيفهم في القطاع العام

جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (د.ب.أ)
TT

تونس: العاطلون يهددون إنتاج النفط للضغط على الحكومة

جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (د.ب.أ)

طالب حزب «حركة الشعب»، المؤيد لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، والداعم للمسار التصحيحي الذي أقره يوم 25 يوليو (تموز) الماضي، بتنفيذ قانون توظيف من فاقت بطالتهم 10 سنوات من خريجي الجامعات، مؤكدا أنه «أحد قوانين الدولة الذي يجب أن ينفذ»، وذلك ردا على تصريح الرئيس، الذي قال إن هذا القانون غير قابل للتنفيذ، وهو ما خلف استياء واسعا بين آلاف العاطلين عن العمل في الجهات الفقيرة، الذين هددوا بتعطيل وصول إنتاج النفط. وتزايدت وتيرة الاحتجاجات، التي انطلقت من ولاية (محافظة) القصرين (وسط غرب)، لتصل إلى عدد من جهات البلاد، حيث تجمهر أمس مئات العاطلين بمقرات المحافظات والمعتمديات (السلط المحلية) لتأكيد تمسكهم بحقهم في التعيين بالوظيفة العمومية، ورفض المقترح الرئاسي.
ودعت «حركة الشعب»، التي كانت من أهم داعمي قانون انتداب المعطلين خلال جلسات البرلمان المجمد، الحكومة إلى إصدار الأمر المتعلق بهذا القانون «بعيدا عن استحضار الخلفيات والحسابات السياسية، التي رافقت صياغته والمصادقة عليه، والتي كانت حركة الشعب بريئة منها، علما بأنها هي صاحبة المبادرة التشريعية التي أفرزت هذا القانون». في إشارة إلى الدعم الهام الذي لقيه القانون من قبل قيادات حركة النهضة.
وفي هذا الشأن، قال سالم لبيض، القيادي في حركة الشعب، إن الدولة «مطالبة بتحمل كل مسؤولياتها في إدماج الشباب في المساهمة في بناء تونس الجديدة، وإيقاف نزيف تحويلها إلى فريسة سهلة لعصابات الهجرة السرية، والإرهاب والانحراف»، على حد تعبيره.
في سياق ذلك، بدأ أمس 12 شابا من المعطلين عن العمل لفترة تزيد عن 10 سنوات إضرابا عن الطعام أمام مركز ولاية القصرين، في الوقت الذي لوح فيه شباب منطقة الكامور بولاية تطاوين (جنوب شرق) بالاعتصام، وتعطيل وصول إنتاج النفط، في إطار مطالبتهم بتفعيل الاتفاقية الموقعة مع الحكومة في الثامن من نوفمبر 2020، والتي تقضي بتشغيل آلاف العاطلين عن العمل. غير أن تنفيذها لم يتم حتى الآن، وهو ما جعل الشباب المحتج يقدم على غلق الطريق الرئيسية بمدينة تطاوين، ما أدى إلى شلل في حركة السيارات والشاحنات.
ودعا المحتجون إلى إنهاء محاكمات شباب التنسيقية المطالبة بالتشغيل، ووقف الاستدعاءات الأمنية التي ما تزال تصلهم على خلفية الاحتجاجات السابقة، وحذروا من إمكانية التصعيد، وغلق كل المنافذ المؤدية للشركات البترولية في الصحراء، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.
وبشأن تطورات قضية المضربين عن الطعام في القصرين، أوضح شكري الجابلي، عضو تنسيقية «الانتداب حقي»، أنهم يرفضون رفضاً قاطعا مقترح رئيس الجمهورية، المتمثل في العمل داخل شركات خاصة، سيتم إحداثها بالأموال المنهوبة المسترجعة من قبل الدولة في إطار الصلح الجزائي مع بعض المتهمين بالفساد. معتبرا أن رفض الرئيس سعيد قانون توظيفهم في القطاع العام، الذي ختمه بنفسه وأمر بنشره في الرائد الرسمي هو «إجهاض لأحلامهم، وجريمة في حق أشخاص تجاوزت عطالتهم 17 عاما، لأنهم ناضلوا لسنتين في سبيل إخراج هذا القانون، الذي بعث فيهم الأمل والحياة، إلى أن جاء قرار إلغائه والضرب به عرض الحائط، وقتل آمالهم».
على صعيد آخر كشف سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، أن الحوار الذي يدور حاليا بين الحكومة ونقابة العمال يتمحور أساسا حول إصلاح المؤسسات العمومية، خاصةً المؤسسات التي تعاني صعوبات مالية متعددة، وتشمل القائمة «الخطوط الجوية التونسية» و«ديوان الموانئ»، و«شركة الفولاذ» و«وكالة التبغ والوقيد»، و«شركة الحلفاء». وقال إن الاجتماع الذي عقد مع الحكومة خلال الأسبوع الماضي كان عبارة عن جلسة تمهيدية حول المفاوضات الاجتماعية. مبرزا أن الحكومة عبرت عن التزامها المباشر بتطبيق الاتفاقيات السابقة، ومنها 27 اتفاقية في الوظيفة العمومية، والبدء في تطبيق اتفاقية أعوان الحضائر بدفعة أولى يتم تنزيلها بالرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية) في 16 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.