التوازن قبل الرومانسية أحياناً في سعي إنجلترا للوصول إلى المجد في كأس العالم

لم يفُز أي منتخب ببطولة كبرى وهو يعتمد على «الأداء الممتع» فقط منذ فرنسا في عام 1984

TT

التوازن قبل الرومانسية أحياناً في سعي إنجلترا للوصول إلى المجد في كأس العالم

في غضون تسعة أشهر من أول مباراة له كمدير فني للمنتخب الإنجليزي في عام 1963، قاد ألف رامزي منتخب بلاده لإحراز ثمانية أهداف في مرمى سويسرا وآيرلندا الشمالية (سجل بوبي تشارلتون الأهداف الثلاثة الأولى في كل مباراة، وسجل جيمي غريفز الهدف الرابع في كل مباراة).
وفي خضم كل مشاعر السعادة والإثارة، لم يتأثر رامزي وحذر بقوة من أن القدرة على الفوز على المنتخبات الضعيفة (كانت سويسرا وآيرلندا الشمالية من المنتخبات الضعيفة في ذلك الوقت)، لا يعني القدرة على المنافسة على الفوز بالبطولات.
وبالنسبة لبلد مثل إنجلترا، يتم التعامل مع التأهل لكأس العالم كأنه شيء مضمون ومتوقع، وهناك شعور بأنه إذا لم تتمكن من التأهل بسهولة بعد الفوز على منتخبات متواضعة في التصفيات، فما الذي ستفعله خلال النهائيات نفسها؟ لقد تأهل المنتخب الإنجليزي بسهولة وجعل التصفيات تبدو كأنها نزهة، لكن ما حدث مع منتخبي البرتغال وإيطاليا وفشلهما في التأهل المباشر وانتظارهما للمشاركة في ملحق الصعود يعني أنه لا ينبغي أن نقلل على الإطلاق من حجم الإنجاز الذي حققه المنتخب الإنجليزي ومديره الفني غاريث ساوثغيت. ويجب أن نشير إلى أن بولندا والمجر وألبانيا من المنتخبات الجيدة وكان بإمكانها إحراج أي منتخب لو تم التعامل معها باستخفاف.
لقد كانت هناك ثلاث مباريات كان من الممكن أن يتعرض فيها المنتخب الإنجليزي لبعض الضغوط: أمام بولندا في إنجلترا، وأمام المجر بالخارج، وأمام ألبانيا في إنجلترا. لكن المنتخب الإنجليزي فاز في المباريات الثلاث، بل وفاز في آخر مباراتين منها بمجموع تسعة أهداف مقابل لا شيء. وكثيراً ما عودنا المنتخب الإنجليزي في السابق على إيجاد صعوبات كبيرة أمام المنتخبات الأضعف التي تعتمد على التكتل الدفاعي، لكن الأمر اختلف تماماً تحت قيادة ساوثغيت - وهناك سبب آخر يدعونا للسعادة وهو عودة هاري كين لهز الشباك.
وعلى الرغم من أن التعادل أمام المجر بهدف لكل فريق على ملعب ويمبلي كان محبطاً، فإن المباراتين اللتين أثارتا مخاوف أكبر كانتا أمام بولندا. لقد سيطرت إنجلترا على الجزء الأول من اللقاء على ملعب ويمبلي، وتقدمت ثم تراجعت بشكل ملحوظ، وهو ما ساعد منتخب بولندا في إدراك هدف التعادل. ونجح المنتخب الإنجليزي في إحراز هدف الفوز في وقت متأخر من اللقاء، على الرغم من أن ساوثغيت لم يجرِ أي تبديلات قبل إحراز هذا الهدف ولم يتغير شكل اللقاء كثيراً. ثم في بولندا، أخذت إنجلترا زمام المبادرة وتقدمت بهدف، لكنها استقبلت هدفاً في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع وخسرت نقطتين.
في الواقع، يعد الحصول على أربع نقاط من الفريق الثاني في المجموعة أمراً جيداً (وهو أمر مهم للغاية، فلو تم عكس هذه النتائج، لكانت بولندا في وضع يمكنها من تصدر المجموعة متفوقة على إنجلترا بعد تعادل الأخيرة مع المجر)، لكن من ناحية أخرى، سلطت هاتان المباراتان الضوء على نقطة الضعف الواضحة للغاية في أداء المنتخب الإنجليزي تحت قيادة ساوثغيت، والتي تتمثل في التراجع للخلف بشكل كبير بعد التقدم أمام المنتخبات القوية. لقد حدث ذلك ضد كولومبيا وكرواتيا في كأس العالم 2018، كما حدث أمام إيطاليا في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020. وتبدو هذه المشكلة نفسية بقدر ما هي خططية وتكتيكية، ويعاني منها المنتخب الإنجليزي قبل تولي ساوثغيت القيادة الفنية بفترة طويلة، لكن يجب إيجاد حل لهذه المشكلة إذا كانت إنجلترا تريد حقاً الفوز بأي بطولة.
هذا لا يعني أنه يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يلعب بتهور أو بحماس زائد، أو أن هناك أي خطأ في التوازن الأساسي للفريق. لقد أثبت ساوثغيت أنه قوي بشكل مثير للإعجاب في مقاومة الإغراءات والمطالبات بأن يعتمد على أكبر عدد ممكن من اللاعبين المهاريين أصحاب النزعة الهجومية. لقد سجل المنتخب الإنجليزي 39 هدفاً في التصفيات، لكن الإحصائية الأكثر أهمية والأكثر إثارة للإعجاب هي أن شباك المنتخب الإنجليزي لم تهتز سوى ثلاث مرات فقط. وكما حدث في بطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة، فمن المؤكد أنه ستكون هناك مناشدات لساوثغيت قبل كأس العالم بأن يعطي لاعبيه حرية أكبر في القيام بالمهام الهجومية، لكن الحقيقة هي أنه لم يفُزْ أي منتخب ببطولة كبرى وهو يلعب بهذه الطريقة «الرومانسية الحالمة» في كرة القدم، منذ فرنسا في عام 1984.
قد يكون من الصعب للغاية الحكم على الأمور من مباراة واحدة، خصوصاً في مباريات المنتخبات، لكن من الواضح للجميع أن أسوأ أداء لإنجلترا في التصفيات كان أمام المجر، عندما اعتمد ساوثغيت على كل من فيل فودين وماسون ماونت في وسط الملعب، مع وجود جاك غريليش ورحيم ستيرلينغ على الأطراف. إن فكرة أن اللاعبين الجيدين وأصحاب المهارات العالية سينجحون ويجدون الحلول المطلوبة داخل الملعب - والتي تم دحضها بالتأكيد بفشل ثنائية جيرارد ولامبارد التي أفسدت جيلاً كاملاً للمنتخب الإنجليزي - تتجاهل حقيقة أن المنتخب الإنجليزي لديه أربعة لاعبين جيدين للغاية في مركز محور الارتكاز: جود بيلينغهام، وجوردان هندرسون، وكالفين فيليبس، وديكلان رايس.
لكن الأمر الأكثر تشجيعاً وأهمية في آخر مباراتين للمنتخب الإنجليزي يتمثل في الأداء الرائع الذي يقدمه فودين، والذي شعر بأنه كان مهملاً في نهائيات كأس الأمم الأوروبية الأخيرة. لكن مشاركة فودين في التشكيلة الأساسية تعني استبعاد ستيرلينغ أو ماونت، اللذين يشاركان بشكل منتظم في التشكيلة الأساسية عندما يكونا لائقين، وإذا لعب ساوثغيت بطريقة 3 - 4 - 3 التي اعتمد عليها أمام ألبانيا وسان مارينو، وكذلك أمام ألمانيا وإيطاليا في الصيف الماضي.
هذا يعني أيضاً عدم وجود مكان في التشكيلة الأساسية لغريليش وجادون سانشو وإيميلي سميث رو، أو بوكايو ساكا (ما لم يلعب في مركز الظهير). لكن ما حدث لمنتخب الأرجنتين خلال العقد ونصف العقد الماضيين، فإن امتلاك أسطول من المهاجمين الموهوبين يعد ميزة فقط إذا تم الاعتماد عليهم بشكل صحيح، حيث يجب التعامل مع أي منتخب على أنه فريق عادي يجب أن يلعب بشكل متوازن، وليس فريقاً يشارك فيه أي لاعب كمكافأة له على أدائه الجيد على المستوى المحلي.
قد يعني البحث عن التوازن المطلوب داخل الملعب أن تجد إنجلترا صعوبة في بعض الأحيان في اختراق دفاعات المنتخبات التي تلعب بطريقة دفاعية - كما فعلت المجر على ملعب ويمبلي. لكن ما دامت إنجلترا تحقق الفوز في نهاية المطاف، فهذا لا يهم حقاً. وكما أشار رامزي، فإن الفوز بالبطولات لا يتم عن طريق الفوز على المنتخبات الصغيرة، لكنه يتم عن طريق التغلب على المنتخبات الكبرى. يعد منتخب إنجلترا أحد المرشحين للفوز بمونديال قطر، وهذا يعني أنه يتعين عليه استغلال العام المقبل في التحضير لمباريات قوية ضد المنتخبات الكبرى. قد لا يكون هذا مثيراً، لكنه ضروري للغاية.


مقالات ذات صلة

لويس-سكيلي يتألق في أول مشاركة بقمة آرسنال و توتنهام

رياضة عالمية مايلز لويس-سكيلي (رويترز)

لويس-سكيلي يتألق في أول مشاركة بقمة آرسنال و توتنهام

واجه لويس-سكيلي مهمة صعبة بمشاركته للمرة الأولى في مباراة القمة أمام توتنهام هوتسبير، أحد أكثر فرق الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم تعطشاً لتسجيل الأهداف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية البرازيلي ويليان (رويترز)

تشيلسي يتفاوض مع رابطة «البريميرليغ» بشأن مخالفات محتمَلة

يسعى نادي تشيلسي للتوصل إلى تسوية مالية مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز بشأن ادعاءات حول مدفوعات غير منتظمة جرت ضمن صفقات التعاقد.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (د.ب.أ)

بوستيكوغلو: لا يوجد علاج سحري لإصلاح توتنهام... يجب أن نقاتل

وصف أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، أداء فريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بأنه غير مقبول، وذلك بعد الهزيمة 2-1 أمام آرسنال، أمس الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميكل أرتيتا (أ.ف.ب)

أرتيتا: الفوز على توتنهام أثبت أن آرسنال منافس حقيقي على التتويج

أثنى ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، على فوز فريقه 2-1 على توتنهام هوتسبير في قمة شمال لندن، أمس (الأربعاء)، ووصفه بأنه دليل على أن فريقه لا يزال يتقدم في السباق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سفين غوران إريكسون (رويترز)

مدرب إنجلترا السابق إريكسون مات غارقاً في الديون

توفي السويدي سفين جوران إريكسون، أول مدرب أجنبي يقود منتخب إنجلترا لكرة القدم، غارقاً في ديون تجاوزت 3.8 مليون جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».