محكمة تبرئ متهماً بقتل اثنين في مظاهرات مناهضة للعنصرية

بايدن الغاضب يدعو للهدوء... وترمب يهنئ

الشرطة تحمي مدخل المحكمة بعد النطق بالحكم وتبرئة المتهم (رويترز)
الشرطة تحمي مدخل المحكمة بعد النطق بالحكم وتبرئة المتهم (رويترز)
TT

محكمة تبرئ متهماً بقتل اثنين في مظاهرات مناهضة للعنصرية

الشرطة تحمي مدخل المحكمة بعد النطق بالحكم وتبرئة المتهم (رويترز)
الشرطة تحمي مدخل المحكمة بعد النطق بالحكم وتبرئة المتهم (رويترز)

طغت على المشهد السياسي الأميركي قضية تبرئة متهم بقتل اثنين من المتظاهرين خلال احتجاجات مناهضة للتمييز العنصري في 25 أغسطس (آب) العام الماضي، حظيت بمتابعة مكثفة من وسائل الإعلام الأميركية المرئية والمسموعة والمكتوبة، فضلاً عن سيل جارف من التعليقات والمواقف على وسائل التواصل الاجتماعي. وكشفت التعليقات عن مدى الانقسام الذي يقف عنده الشارع الأميركي. وعبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن غضبه من قرار المحكمة بكلام حاول الحفاظ فيه على الحياد والموضوعية، داعياً إلى ضبط النفس.
وبرأت المحكمة التي حظيت جلساتها بمتابعة مكثفة من الأميركيين الفتى كايل ريتينهاوس من اتهامات بالقتل العمد نُسبت إليه. وبررت حكمها بأن الفتى كان في حالة دفاع عن النفس، حين أطلق الرصاص على مظاهرة مناهضة للتمييز العنصري، فقتل شخصين وأصاب ثالثاً بجروح العام الماضي، بمدينة كينوشا في ولاية ويسكنسن شمال الولايات المتحدة على الحدود مع كندا.
وفور النطق بالحكم، علت الاعتراضات، فيما حث الرئيس بايدن الأميركيين على «التعبير السلمي عن آرائهم»، وقال: «بينما تولد نتيجة هذه المحاكمة غضباً وقلقاً لدى كثير من الأميركيين، بمن فيهم أنا، لا بد أن نعترف بأن هيئة المحلفين قد قالت كلمتها»، في إشارة إلى المحاكمة التي أثارت انقساماً سياسياً على نطاق واسع.
وقال محامي المتهم في الجلسة الأخيرة التي عقدتها المحكمة أول من أمس (الجمعة) إن موكله كان يخشى على حياته، بينما قال ممثلو الادعاء إنه «خرج في تلك الليلة بحثاً عن المتاعب»، فأردى جوزيف روزنباوم (36 سنة) وأنتوني هوبر (26) قتيلين، لذلك تم توجيه 5 تهم إليه، بينها القتل العمد، وعقوبتها الإعدام.
وكانت هيئة محلفين من 7 نساء و5 رجال، المسؤولة عن إصدار الحكم النهائي في المحاكمة، قد عقدت مشاورات استمرت أكثر من 3 أيام قبل التوصل إلى قرارها. وحين لفظ القاضي عبارة «غير مذنب»، مكرراً إياها 5 مرات، أجهش ريتنهاوس بالبكاء بشكل شديد، وكاد يغمى عليه من شدة تأثره، قبل أن يقول: «لم أرتكب خطأ، لقد دافعت عن نفسي فقط»، مؤكداً أنه أطلق النار بعدما طارده هؤلاء الرجال الثلاثة وهاجموه، وجميعهم من البيض مثله.
وأثار القرار الدهشة والغضب، حيث انتقد المعارضون قرار المحكمة، متهمين إياها بالتغاضي عن أشرطة الفيديو التي تظهر ريتنهاوس مدججاً بسلاح ناري ثقيل، بعدما جاء إلى المدينة التي لا يسكنها في الأصل قبل يومين من المظاهرة، وكيف كان يطلق النار على المتظاهرين، من دون أن يكون قد تعرض لأي هجوم مباشر.
وفي مرافعته الختامية، قال محامي ريتنهاوس إن موكله البالغ 18 سنة «كان يحاول أن يساعد المحيطين به، وحذر من كانوا يحاولون مهاجمته». لكن ممثلي الادعاء تساءلوا عن السبب الذي دفع المتهم إلى خرق حظر التجول في مدينة ليس من سكانها في الأصل، و«التظاهر بحماية» ممتلكات وأشخاص لا يعرف عنهم شيئاً ولا صلة له بهم!
وأثارت براءة كايلي الجدل حول حقوق حمل السلاح في الولايات المتحدة. ففيما رأى بعضٌ أن الفتى كان «بطلاً»، وحاول حفظ السلام في أثناء احتجاجات اتسمت بالعنف، قال آخرون إنهم شعروا بالخوف لرؤية مراهق مدجج بسلاح ثقيل وسط تلك الاضطرابات.
وخلال الجلسة، احتشدت مجموعة من الأشخاص داخل سياراتهم أمام المحكمة، وأطلق سائقوها الأبواق، وهتفوا مطالبين بإطلاق سراح المتهم، وبأنهم يحبون «البند الثاني من الدستور» الذي يسمح للأميركيين باقتناء السلاح وحمله. وفي المقابل، وقف عدد قليل من الناس أمام المحكمة، وعبروا عن أسفهم للقرار، هاتفين: «مذنب، مذنب، النظام مذنب جداً». وقال أحدهم: «إنه يوم حزين للولايات المتحدة».
وقال والدا القتيلين: «إن هذا الحكم يبعث رسالة غير مقبولة، تفيد بأنه يمكن للمدنيين المسلحين الظهور في أي مدينة وإثارة العنف، ثم استغلال الخطر الذي صنعوه لتبرير إطلاق النار على الناس في الشارع». إلا أن محاميه رد بأن موكله «كان يتمنى ألا يحدث أي شيء من ذلك، وأنه أراد النجاة فقط بحياته».
وفي حين عبر سياسيون كثر، غالبيتهم من الديمقراطيين، عن غضبهم من تبرئة ريتينهاوس، بما يعكس الانقسامات السياسية مع الجمهوريين، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي سبق له أن دافع علناً عن الفتى عن تهانيه. وقال ترمب، في بيان صدر عن المتحدث باسمه: «تهانينا لإعلان براءة كايل ريتنهاوس».
ورحب الجمهوريون، بمن فيهم رون جونسون عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ويسكنسن، بقرار المحكمة، وقال إن «العدالة أُنجزت، وأتمنى أن يتقبل الجميع الحكم، وأن يظل الجميع سلميين، ولندع مجتمع كينوشا يداوي جراحه، ويعيد إعمار نفسه»، وفق تعبيره.
لكن نائب حاكم ولاية ويسكنسن الديمقراطي، مانديلا بارنز، أعرب عن استنكاره، وقال: «على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كان كثيرون يخشون ما شاهدناه للتو؛ فرضية المتهم بريء حتى تثبت إدانته هي ما كان ينبغي أن نتوقعه من نظامنا القضائي، لكن هذا المعيار لا يراعي المساواة في تطبيقه دائماً. لقد رأينا كثيراً من السود يقتلون. ومع ذلك، يُقدمون للمحاكمة بعد وفاتهم، بينما يطالب القاضي ببراءة كايل في نهاية الأمر!». كما وصف عمدة نيويورك، بيل دي بلاسيو، الحكم، في تغريدة على «تويتر»، بأنه «مثير للاشمئزاز».
وعلق كولن كايبرنيك، نجم كرة القدم الأميركية السابق الذي اشتهر بالركوع خلال بث النشيد الوطني قبيل المباريات تضامناً مع الأميركيين السود ضحايا الشرطة: «لقد شهدنا للتو مصادقة على الأعمال الإرهابية من جانب نظام قائم على تفوق العرق الأبيض».
وكان حاكم ولاية ويسكنسن، توني إيفرز، قد طلب نشر 500 جندي من الحرس الوطني، والاستعداد للتدخل، لتجنب حصول تجمعات محتملة. كما عرض الرئيس بايدن تقديم الدعم عبر نشر قوات فيدرالية. وتحول الفتى الذي كان يبلغ 17 عاماً عندما أطلق النار إلى رمز لدى بعض الأوساط اليمينية التي تعد أن المظاهرات التي نُظمت تحت شعار «حياة السود مهمة» يقف وراءها «فوضويون». ووصفته وسائل الإعلام المحافظة المتشددة بانتظام بأنه «بطل» و«وطني». وفي المقابل، قالت شانون واتس، مؤسسة مجموعة «الأمهات يطالبن بالتحرك»: «أن يتمكن مراهق من إطلاق النار على 3 أشخاص، وقتل اثنين منهما، من دون أي عواقب جنائية، هذا إنكار للعدالة». وأضافت: «هذه هي الولايات المتحدة التي أنشأتها الجمعية الوطنية للبنادق»، في إشارة منها إلى اللوبي القوي الداعم للحق غير المحدود في حمل الأسلحة.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.