انقسام المعارضة يطغى على انتخابات نقابة المحامين في بيروت

أحزاب لم تعلن أسماء مرشحيها أو الشخصيات التي ستدعمها

TT

انقسام المعارضة يطغى على انتخابات نقابة المحامين في بيروت

لا يزال المشهد الانتخابي في نقابة المحامين ببيروت قبل ساعات معدودة من استحقاق انتخاب 9 أعضاء لمجلس النقابة، إضافة لنقيب جديد، ضبابياً، بالنظر إلى أن كثيراً من الأحزاب تبدو بحالة تضعضع باعتبار أن معظمها لم يعلن رسمياً أسماء مرشحيه أو الشخصيات التي سيدعمها، فيما تشهد صفوف المعارضة انقساماً حاداً بعد فشل كل محاولات خوض الاستحقاق بلائحة موحدة.
ويحق لـ7240 محامياً منتسباً للنقابة سددوا اشتراكاتهم السنوية المشاركة في الانتخابات اليوم (الأحد)، التي يتنافس فيها 38 مرشحاً على عضوية مجلس النقابة و9 على منصب النقيب. وكانت هذه النقابة سباقة بتبني مرشح انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 النقيب الحالي ملحم خلف الذي تم انتخابه بعد شهر من اندلاع الاحتجاجات. إلا أن الانقسام الحاصل اليوم في صفوف «مجموعات الثورة» يهدد الإنجاز الذي حققته قبل عامين. وتخوض المعارضة الانتخابات بلائحتين؛ الأولى مدعومة من «جبهة المعارضة» التي تضم حزب «الكتائب اللبنانية» وعدداً من المجموعات، وهي اعتمدت ترشيح المحامي ألكسندر نجار لمركز نقيب إضافة إلى 7 محامين آخرين لعضوية مجلس النقابة. أما اللائحة الثانية باسم «نقابتنا» فتدعمها نحو 20 من مجموعات 17 أكتوبر، وهي اعتمدت ترشيحي المحاميين رمزي هيكل وموسى خوري لمنصب نقيب، إضافة إلى أربعة مرشحين آخرين لعضوية المجلس.
ويشير أحد المحامين الناشطين لمصلحة لائحة «نقابتنا»، إلى أن «مجموعات المعارضة الأساسية والفاعلة تدعم هذه اللائحة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «فشل توحيد صفوف المعارضة سببه إصرار أطراف المعارضة الأخرى على تبني مرشح لا يلبي طموحاتنا كثوار وأول ما فعله بعد إعلان ترشيحه هو زيارة القيادات السياسية». ويضيف المحامي الذي فضل عدم ذكر اسمه: «نحن نحارب المنظومة بالشكل والمضمون ولا نعتقد أن مرشحاً يسعى لاسترضاء القوى السياسية قبل انتخابه قادر على مواجهتها في ملفات مصيرية؛ كملف انفجار المرفأ واستعادة أموال المودعين والحريات العامة وغيرها».
بالمقابل، حملت مصادر «الكتائب» أحد قياديي انتفاضة 17 أكتوبر، وهو محامٍ أيضاً، مسؤولية الفشل بتوحيد صفوف المعارضة في انتخابات المحامين، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمور كانت تتجه لخوض الاستحقاق بمرشح واحد لمنصب نقيب، لكن كل المجموعات تعرف من أفشل الاتفاق».
ويعد المحامي رمزي هيكل المرشح لمنصب نقيب، أن «خوض المعارضة الاستحقاق بأكثر من مرشح يؤكد وجود فكر جديد تغييري، ويبقى الأهم أن ننجح كمجموعة قادرة على اتخاذ قرارات تغييرية سواء على الصعيد النقابي أو الوطني»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «كل النقابات ستخرج تباعاً من أيدي منظومة السلطة الفاسدة».
أما الأحزاب فمعظمها لم يعلن رسمياً عن أسماء مرشحيه، تاركاً للمحازبين حرية الاختيار. وفيما قالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، إنها تدعم المرشحة الحزبية مايا زغريني لعضوية النقابة والمرشح المستقل عبدو لحود لمنصب النقيب، أبلغت مصادر «التيار الوطني الحر»، «الشرق الأوسط»، دعم المرشح الحزبي فادي بركات للعضوية والمستقل ناضر كسبار لمنصب نقيب.
أما مصادر الحزب «التقدمي الاشتراكي» فأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب لم يقرر ترشيح أو دعم أحد، وأنه «في حال شارك أي حزبي بالانتخابات فلا توجيه محدداً أبداً، فمن يشارك سيتصرف كمحامٍ ويقوم بالاختيار الذي يراه مناسباً».
من جهتها، قالت مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، إن التيار لم يحسم حتى الساعة مرشحيه «باعتبار أن المشاورات لا تزال قائمة وهو سيتخذ قراره مع انطلاق العملية الانتخابية».
وقالت مصادر نقابة المحامين لـ«الشرق الأوسط» إن عدداً لا بأس به من الأحزاب سيدعم ناضر كسبار لمنصب نقيب، علماً بأن الجميع يرفض إعلان ذلك بشكل رسمي حتى الساعة.
يذكر أن الانتخابات اليوم تحصل على مرحلتين؛ مرحلة أولى لانتخاب الأعضاء الـ9، ومرحلة ثانية لانتخاب نقيب من ضمن الأعضاء الذين فازوا بالعضوية وكانوا قد تقدموا بترشيحاتهم لمنصب نقيب. وتشير المصادر إلى أن المعارضة قد تعود لتتوحد على اسم واحد في حال نجح مرشح واحد حصراً من مرشحيها الثلاثة في المرحلة الأولى، كما أن الأحزاب ستحسم تبنيها لمرشح معين بعد اتضاح الفائزين بالعضوية.
وبالتزامن مع انتخابات نقابة المحامين في بيروت، تجري اليوم أيضاً انتخابات في نقابة المحامين في طرابلس والشمال لانتخاب نقيب وثلاثة أعضاء، لكنها تتخذ بعداً نقابياً أكثر منه سياسياً. وقد ترشح خمسة محامين لمنصب نقيب و10 لعضوية المجلس.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».