«المناخ» يودّع غلاسكو ويتطلع إلى شرم الشيخ

خلاف على الفحم واتفاق على التمويل وتجارة الكربون

«المناخ» يودّع غلاسكو ويتطلع إلى شرم الشيخ
TT

«المناخ» يودّع غلاسكو ويتطلع إلى شرم الشيخ

«المناخ» يودّع غلاسكو ويتطلع إلى شرم الشيخ

بعد محادثات شاقة استمرت أسبوعين، وتضمنت جدلاً كبيراً حول توزيع الالتزامات المطلوبة لتخفيض الانبعاثات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وتعويضات الدول المتضررة، ومساعدة الدول الفقيرة على تحمل تكاليف التحول إلى أساليب الإنتاج المنخفضة الانبعاثات والتكيف مع بعض آثار التغير المناخي التي لن يمكن وقفها، اختُتمت قمة غلاسكو (كوب 26) بإعلان وثيقة للمناخ وسمها البعض بالتسوية الناجحة، واعتبرها البعض الآخر فشلاً، فيما صنفها كثيرون ضمن المنطقة الرمادية. وكان من الطبيعي أن يتصدر المعترضين على التوصيات مجموعة دول الجزر الصغرى، المهددة بالغرق إذا تجاوز معدل الحرارة 1.5 درجة مئوية.
- الهند والصين في مواجهة إدمان الفحم
تضمنت وثيقة غلاسكو إشارة غير مسبوقة إلى دور الفحم الحجري في أزمة المناخ، حتى بعد اعتراض الهند والصين الذي خفف لغة الوثيقة من «الإلغاء التدريجي» إلى «الخفض التدريجي» لاستخدام الفحم، وهو أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً. ويتهم المتابعون الصين بأنها وضعت الهند في الواجهة لطلب تعديل الساعة الأخيرة، بعد موافقة بقية الدول على النص المعدل ثلاث مرات. والمعروف أن توصيات مؤتمرات المناخ هذه تتطلب إجماعاً.
أما فيما خص النفط والغاز، فقد دعت الوثيقة إلى السحب التدريجي للدعم غير الفعال، مما يفتح فرصاً لتعزيز الكفاءة وتطوير تقنيات التقاط الكربون لإعادة استعماله في عمليات صناعية مأمونة أو احتجازه، إلى جانب تعزيز أنماط الإنتاج الأنظف.
وتُعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم وأكبر مستخدم للفحم الحجري، وهي تخطط لأن تبلغ انبعاثاتها الذروة في 2030 مع السعي للحصول على ربع طاقتها فقط من الوقود الأحفوري بحلول السنة ذاتها، وتعد بأن تكون محايدة كربونياً قبل 2060، أما الهند فهي تعتمد على الفحم بنسبة 70 في المائة لإنتاج الكهرباء، وتهدف إلى خفض «كثافة الانبعاثات» بنسبة 45 في المائة بحلول 2030، والحصول على نصف طاقتها الكهربائية من الوقود غير الأحفوري في السنة ذاتها، مع العمل للوصول إلى انبعاثات صفرية في 2070. وعلق نائب رئيس المفوضية الأوروبية لتغير المناخ فرانس تيمرمان، أن التسوية كانت ضرورة للوصول إلى إجماع، وهو لا يخاف منها، لأن الهند والصين تلتزمان بتعهداتهما في العادة، لذا هو على يقين أنهما ستخفضان من استخدام الفحم بخطى حثيثة. واعتبر آخرون أن الفحم الحجري سيخرج من السوق تلقائياً لأسباب اقتصادية وليس بيئية فقط، لأنه لن يستطيع المنافسة.
وفي الاتفاقات الجانبية، تعهدت أكثر من 40 دولة بالتخلص التدريجي من الفحم، بما فيها بلدان معروفة باستهلاكها الكبير للفحم مثل بولندا وأوكرانيا وفيتنام. وأعلنت الدول الكبرى عن إلغاء استخدام الفحم تدريجاً في ثلاثينيات هذا القرن، بينما التزمت الدول الفقيرة في المجموعة بالإلغاء الكامل خلال الأربعينيات، فيما امتنعت أستراليا، التي تُعد ثاني أكبر مصدر للفحم الحجري عالمياً، عن إضافة توقيعها إلى التعهد.
وكانت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أكدت ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف تقريباً خلال العقد القادم لاحتواء الاحتباس الحراري ضمن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. ويرى العلماء أن هذا الإجراء بالغ الأهمية لتجنب تفاقم آثار أزمة المناخ والابتعاد عن تغير المناخ الكارثي. في حين أن التعهدات الحالية للدول، بما فيها تلك التي تم التوصل إليها في غلاسكو، تلتزم بخفض الانبعاثات بمقدار 25 في المائة فقط من مقدار الانخفاض المطلوب سنة 2030. وتبقى المشكلة الكبرى أن التعهدات البعيدة المدى لتخفيض الانبعاثات لسنة 2050 أو حتى 2060 جيدة، لكن التعهدات في المدى القريب أقل من المطلوب.
وتطلب الوثيقة من الدول التي ستشارك في محادثات «كوب 27» في مصر تقديم خطط محدثة لخفض الانبعاثات خلال هذا العقد، مما يضع ضغوطاً متسارعة على الدول لمواصلة تعزيز طموحاتها. ولن يتضح ما إذا كانت النتائج ستظهر قبل اجتماعات شرم الشيخ، حيث تقدم الدول التزامات جديدة تبين مدى استجابتها الفعلية لتحديات المناخ وجديتها في خفض انبعاثاتها.
- أميركا وأوروبا وعقدة التمويل
بعيداً عن الوقود الأحفوري، شهدت قمة غلاسكو انقساماً حاداً بين الدول المتقدمة والنامية حول التمويل للتكيف مع أزمة المناخ، وكانت هناك مطالبات لإنشاء صندوق جديد للخسائر والأضرار تقدم من خلاله الدول الغنية مساعدات مالية للدول الفقيرة الأكثر عرضة للخطر.
وفيما فشلت وثيقة غلاسكو في تبني لغة حازمة بشأن صندوق الخسائر والأضرار، كان هناك تقدم في تمويل التكيف مع أزمة المناخ، حيث تم الاتفاق على مضاعفة تمويل التكيف ضمن الهدف البالغ 100 مليار دولار سنوياً للفترة بين 2021 و2025. وتُبدي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحفظاً على صندوق الخسائر والأضرار قبل معرفة حجم التمويل المطلوب وأماكن الصرف وشرعيتها.
وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية عالمياً بعد الصين، وهي تخطط لخفض هذه الانبعاثات بنسبة 50 في المائة مقارنة بمستوى 2005 بحلول 2030، على أن تكون نصف سياراتها الجديدة في تلك السنة تعمل على الكهرباء، وتعد بأن تكون محايدة كربونياً بحلول 2050، أما الاتحاد الأوروبي فهو يخطط لخفض الانبعاثات بنسبة 55 في المائة عن مستوى 1990 بحلول 2030، ويهدف إلى جعل 40 في المائة من طاقته من مصادر متجددة في السنة ذاتها، كما أعلن أنه سيكون محايداً كربونياً بحلول 2050 أيضاً. ومن العقبات التي وعدت الوثيقة الختامية بحلها، مع التحضير للقمة المقبلة في شرم الشيخ، الاتفاق على إطار زمني مرجعي موحد لاحتساب أرقام وعود التخفيض ونتائجها الفعلية.
وكانت الدول الغنية وافقت في قمة كوبنهاغن المناخية عام 2009 على تخصيص مبالغ تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً مع حلول 2020، وذلك لمساعدة الدول النامية في التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون، والتكيف مع أزمة المناخ. ويمكن أن يشمل التكيف بناء المصدات البحرية من أجل منع الفيضانات، ونقل المجتمعات بعيداً عن خط الساحل، وإعادة تجهيز المنازل لتحمل الأحداث المناخية القاسية بشكل أفضل، وتعديل الأنماط الزراعية لتحمل الحرارة والجفاف والملوحة، وصولاً إلى تجهيز القطاع الصحي للتعامل مع أمراض مستجدة ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة وتبدل أنماط هطول الأمطار.
ولم يقتصر الأمر على فشل الدول الغنية في تقديم كامل مبلغ 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2020، بل إن الدول النامية تعد هذا التمويل غير كافٍ في المقام الأول. وفيما كانت الدعوة هي لتوزيع التمويل مناصفة بين إجراءات التخفيف للحد من الانبعاثات والتكيف الذي يساعد في التعامل مع عواقب تغير المناخ، تدفقت معظم الأموال على تدابير خفض الانبعاثات. عدا عن أن معظم التمويل يأتي على شكل قروض وليس هبات، مما يزيد من عبء الديون على الدول الفقيرة. ويُعد الالتزام الصريح بتمويل التكيف، وفق وثيقة غلاسكو، بمثابة تقدم حقيقي في هذا المجال.
وفي الاتفاقات الجانبية، وعدت 20 دولة على الأقل، بما فيها الولايات المتحدة وكندا وإيطاليا والدنمارك، مع مؤسسات مالية عالمية، بوقف التمويل من الميزانيات العامة مع نهاية السنة المقبلة لمشاريع الطاقة التي لا تتحكم بالانبعاثات الكربونية.
وأظهر القطاع الخاص مشاركة فاعلة أيضاً، حيث وافقت نحو 500 شركة خدمات مالية عالمية على مواءمة 130 تريليون دولار، تمثل 40 في المائة من الأصول المالية العالمية، مع الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس، بما في ذلك الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية. كما التزم بعض أكبر مصنعي السيارات في العالم بالتوقف عن إنتاج المحركات العاملة باحتراق الوقود بين 2035 و2040، مما يعني التحول إلى الكهرباء والهيدروجين.
- مخرج بريطاني لتصفير الانبعاثات
ووافقت أكثر من 40 دولة، بما فيها الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي وأستراليا وتركيا، على خطة تقودها المملكة المتحدة لتسريع تبني التقنيات النظيفة بأسعار معقولة في جميع أنحاء العالم بحلول 2030. وتشمل هذه الخطة خمسة مكونات، هي المركبات عديمة الانبعاثات في قطاع النقل، والطاقة النظيفة، والإنتاج المحدود الانبعاثات للفولاذ في قطاع الصناعات الهندسية، وإتاحة الهيدروجين المتجدد والمنخفض الكربون عالمياً، وترويج الزراعة المستدامة المقاوِمة لتغير المناخ.
وبصفتها مضيفة لقمة «كوب 26»، كانت الأضواء مسلطة على المملكة المتحدة لإظهار القيادة في العمل المناخي، وكانت استجابتها لذلك بالإعلان عن خفض انبعاثاتها بنسبة 68 في المائة عن مستويات 1990 بحلول 2030. وتُصنف المملكة المتحدة ضمن عدد قليل من البلدان، مثل ألمانيا، التي يتطلب نصيبها العادل نحو 1.5 درجة مئوية سحب مزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أكثر مما تطلقه، ويرجع ذلك أساساً إلى انبعاثاتها التاريخية الكبيرة، وجزئياً إلى ضعف قدرتها على خفض الانبعاثات.
ويُحسب لقمة غلاسكو نجاحها في تحقيق التوافق حول آلية عمل تجارة الكربون العالمية لتسريع العمل المناخي، وهي أحد الإجراءات المتعثرة منذ قمة باريس 2015، وكانت هناك مخاوف بشأن ثغرة في تجارة الكربون تسمح لبعض البلدان بمضاعفة أرصدتها الخاصة من الكربون، عن طريق عدم تسجيل أشجارها مثلاً. ومن الجيد أن قواعد تجارة الكربون تم الاتفاق عليها بشكل نهائي وأُغلقت أهم الثغرات فيها.
لا يمكن النظر إلى قمة غلاسكو على أنها نجاح كامل، إذ تنطوي على كثير من التسويف في مسائل شائكة لا تحتمل التأجيل. لكنها خطوة مهمة على طريق الانتقال إلى وضع الطوارئ المناخية، وإنهاء أشكال الدعم غير الفعالة، وتشجيع الاستخدامات النظيفة لمصادر الطاقة، والتخلص التدريجي من الفحم، وتحديد سعر الكربون، وحماية المجتمعات الضعيفة، والوفاء بالالتزامات المالية لمواجهة تغير المناخ والتكيف مع آثاره.


مقالات ذات صلة

مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

الاقتصاد جانب من الجلسات في اليوم الختامي لمؤتمر المناخ «كوب 30» المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية (أ.ب)

مؤتمر المناخ يصل إلى محطته الأخيرة دون توافق في نسخة «كوب 30»

دخل مؤتمر المناخ «كوب 30»، المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية وسط غابات الأمازون، يومه الأخير على وقع توتر غير مسبوق.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
أميركا اللاتينية انتشر الدخان داخل وخارج المكان الذي يستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (أ.ف.ب)

علاج 13 شخصاً بعد استنشاق الدخان إثر حريق بمقر مؤتمر المناخ «كوب 30»

قال منظمون، في بيان، إن 13 شخصاً تلقوا العلاج من استنشاق الدخان الناجم عن حريق اندلع في المقر الذي ينعقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب 30).

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
تحليل إخباري الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يصافح نائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شيويه شيانغ قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في بيليم (رويترز)

تحليل إخباري الصين تتربع على عرش «كوب 30» وتملأ الفراغ الأميركي

لأول مرة منذ 3 عقود، تغيب أميركا عن قمة الأمم المتحدة للمناخ، تاركة الباب مفتوحاً أمام الصين لتتصدر المشهد قائدةً جديدة في مكافحة الاحتباس الحراري.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))
أميركا اللاتينية قارب مهجور يرقد في خزان مائي جفّ بفعل الجفاف على مشارف صنعاء (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: أزمة المناخ أكبر تهديد في عصرنا

رغم الحروب والنزاعات الكثيرة في أنحاء العالم، عدّت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، أزمة المناخ «أكبر تهديد في عصرنا».

«الشرق الأوسط» (بيلم (البرازيل))
أميركا اللاتينية اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن في محاولة لاقتحام مقر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 30» في بيليم بالبرازيل (إ.ب.أ) play-circle 00:37

متظاهرون من السكان الأصليين يشتبكون مع الأمن في قمة المناخ بالبرازيل (صور)

اشتبك عشرات المتظاهرين من السكان الأصليين مع حراس أمن، الثلاثاء، في قمة المناخ (كوب 30) في بيليم البرازيلية، في حدث نادراً ما يحصل في مؤتمر المناخ السنوي.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.