المعارضة التركية تقاضي «المركزي» بعد قرار خفض الفائدة

الليرة تواصل النزيف

قالت أحزاب معارضة تركية إنها ستقاضي البنك المركزي بعد قراراته المتتالية لخفض الفائدة التي أدت إلى انهيار تاريخي لليرة (رويترز)
قالت أحزاب معارضة تركية إنها ستقاضي البنك المركزي بعد قراراته المتتالية لخفض الفائدة التي أدت إلى انهيار تاريخي لليرة (رويترز)
TT

المعارضة التركية تقاضي «المركزي» بعد قرار خفض الفائدة

قالت أحزاب معارضة تركية إنها ستقاضي البنك المركزي بعد قراراته المتتالية لخفض الفائدة التي أدت إلى انهيار تاريخي لليرة (رويترز)
قالت أحزاب معارضة تركية إنها ستقاضي البنك المركزي بعد قراراته المتتالية لخفض الفائدة التي أدت إلى انهيار تاريخي لليرة (رويترز)

لا تزال تداعيات قرار البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة القياسي بواقع 100 نقطة أساس إلى 15 في المائة مستمرة على الصعيد الداخلي، وسط دهشة الخبراء من التمادي في تيسير السياسة النقدية.
ودفع قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي، الذي اتخذ في اجتماع برئاسة رئيس البنك شهاب كاوجي أغلو، الليرة إلى أدنى مستوياتها على مدى التاريخ وزاد من خسائرها حيث فقدت 6 في المائة من قيمتها دفعة واحدة، وهو ما زاد المخاوف من أن تركيز الرئيس رجب طيب إردوغان على انخفاض تكاليف الاقتراض سيؤدي إلى تفاقم التضخم الحاد بالفعل، الذي يقف حاليا عند مستوى 20 في المائة تقريبا.
وتراجعت الليرة التركية عقب القرار إلى مستوى 11.28 ليرة للدولار في التعاملات المسائية أول من أمس، بينما جرى تداولها عند مستوى 11.13 في المائة أمس (الجمعة). وإجمالا تكبدت العملة خسارة أكثر من 30 في المائة من قيمتها، بعد ثالث خفض لسعر الفائدة في 3 أشهر على التوالي، بإجمالي 400 نقطة أساس، لينخفض من 19 إلى 15 في المائة.
وأعلن حزب «البلد»، الذي يرأسه المرشح الرئاسي السابق محرم إينجه، أنه سيقاضي رئيس البنك المركزي، شهاب كاوجي أوغلو، وأعضاء لجنة السياسة النقدية بالبنك، بسبب عدم قيامهم بالواجبات المنوطة بهم بموجب القانون، وبالتالي انخفاض قيمة الليرة، ما تسبب في أزمة مالية للأمة والوطن.
ووصف تيموثي آش، المحلل المتخصص في الشؤون التركية في «بلوباي آسيت مانجمنت» قرار المركزي التركي بـ«السخيف»، قائلا إنه يشكل خطرا فعليا على الليرة التركية. وقال المحلل لدى «ثينك ماركتس»، فؤاد رزاق زادة، إن «الأسواق لم تعد تأخذ البنك المركزي التركي على محمل الجد، لقد فقد الصدقية القليلة التي كانت متبقية له... إردوغان يدير الأمور... يبدو أن الرئيس، الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى لها بعد 19 عاما في السلطة، يراهن على النمو الاقتصادي بأي ثمن تمهيدا لاحتمال إعادة انتخابه في 2023».
وأضاف: «لكن السياسة النقدية لإردوغان، التي تواجه انتقادات شديدة، وعدم استقلالية البنك المركزي، يؤديان إلى هبوط الليرة التركية التي تبلغ يوميا تقريبا مستويات متدنية جديدة أمام الدولار، ما يزيد كلفة الواردات». ولم يتوقف إردوغان عن توجيه البنك المركزي إلى خفض سعر الفائدة، حيث قال، الأربعاء عشية اجتماع البنك المركزي، إنه سيواصل معركته ضد الفائدة حتى يزيلها وإنه لن يسير مع من يتمسكون بسعر الفائدة المرتفع، مضيفا: «أنا آسف لأصدقائنا (في الحزب الحاكم)، الذين يدافعون عن المصلحة العليا، لكنني لا أستطيع ولن أمشي في المسار نفسه الذي سلكوه».
وفي حين يدعو الخبراء إلى رفع سعر الفائدة لتخفيف الضغط على سعر صرف الليرة وكبح التضخم معدل الفائدة الرئيسية، يؤكد إردوغان، على عكس النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، أن زيادة سعر الفائدة يؤجج التضخم وارتفاع الأسعار، وأن الفائدة سبب بينما التضخم نتيجة.
وعادة ما يروج إردوغان لمؤامرات من أطراف خارجية لإغراق تركيا في دوامة الفائدة ومحاربة عملتها، لكن رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان، الذي قاد في فترة توليه حقيبة الاقتصاد في تركيا طفرة غير مسبوقة في تاريخها، قال إن «الأطراف الخارجية موجودة في قصر الرئاسة، وإذا كان إردوغان يرغب في خفض الفائدة حقا فلماذا أغرق الناس في القروض ولماذا لا يعلن خفضها إلى الصفر؟».
وقالت الخبيرة الاقتصادية في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، كيلي رودجر، إنه «من غير المرجح أن يساعد الضعف الحالي لليرة التركية المدفوع بالقلق المرتبط بالسياسة النقدية، في استقرار الأسعار».
وبدوره، قال المستثمر في الأسواق الناشئة في «جي إيه إم» للاستثمار في لندن، بول مكنمارا: «من المحير لماذا يفعلون ذلك»، موضحا أن بعض جوانب الاقتصاد التركي تبدو مشجعة مع تعافي البلاد من الوباء، مضيفا أن الدافع الوحيد لضعف الليرة هو التوقعات السياسية.
وقال محللون في باركليز إن تركيا دخلت «منطقة مجهولة»، واصفين التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة بأنها «تأتي بنتائج عكسية».
وحمل النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، أوزجور أوزال، إردوغان المسؤولية عن تدهور الاقتصاد، قائلا إن إنقاذ الاقتصاد التركي يتمثل في صمته، فكلما تحدث ارتفع سعر الدولار.
وقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، عبر «تويتر»، بأنه يتعين على الحكومة إعادة النظر في جميع استثماراتها، بسبب الانخفاض السريع الذي شهدته الليرة التركية، وبخاصة بعد قرار البنك المركزي تخفيض الفائدة. في الوقت ذاته، أفادت مصادر في صناعة الوقود، أنه بعد ارتفاع سعر الدولار، هناك توقعات جديدة برفع أسعار مجموعة البنزين، اعتباراً من اليوم السبت، بواقع 52 سنتا، وفي مجموعة الديزل بواقع 50 سنتا في مجموعة الديزل، ما لم يكن هناك انخفاض حاد في الأسعار العالمية.



«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
TT

«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)

رفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم للعام الحالي والعام المقبل إلى 44 في المائة و21 في المائة على التوالي، وذلك في خطوة جديدة تعكس صعوبة المعركة المستمرة ضد التضخم. وفي الوقت نفسه، أكد محافظ البنك، فاتح كاراهان، عزم المركزي الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية متشددة بهدف تسريع عملية خفض التضخم وتحقيق الأهداف.

وكان التقرير السابق للبنك المركزي، الذي صدر قبل ثلاثة أشهر، قد توقع أن يصل معدل التضخم إلى 38 في المائة بنهاية عام 2024، و14 في المائة في 2025. ويبرز التعديل الأخير التحديات الكبيرة التي يواجهها البنك في مواجهة التضخم، الذي بدأ فعلياً منذ 18 شهراً، مع تنفيذ زيادات حادة في أسعار الفائدة، وفق «رويترز».

وفي تقديمه لتحديث ربع سنوي في أنقرة، أشار كاراهان إلى تحسن في الاتجاهات الأساسية للتضخم، رغم أن أسعار الخدمات تتراجع بوتيرة أبطأ من المتوقع. وأضاف قائلاً: «سنحافظ بشكل حاسم على موقفنا الصارم في السياسة النقدية حتى يتحقق استقرار الأسعار. ومع تراجع التضخم في قطاع الخدمات، من المتوقع أن يواصل الاتجاه الأساسي للتضخم انخفاضه بشكل أكبر في عام 2025».

وظل التضخم السنوي في أكتوبر (تشرين الأول) أعلى من المتوقع، إذ وصل إلى 48.58 في المائة سنوياً على خلفية السياسة المتشددة، وما يسمى بالتأثيرات الأساسية، انخفاضاً من ذروة تجاوزت 75 في المائة في مايو (أيار).

من جهة أخرى، سجل التضخم الشهري، الذي يراقبه البنك عن كثب لتحديد التوقيت المناسب لخفض الفائدة، زيادة بنسبة 2.88 في المائة نتيجة لارتفاع أسعار الملابس والغذاء.

ومنذ يونيو (حزيران) 2023 حتى مارس (آذار) 2024، قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بمقدار 4150 نقطة أساس إلى 50 في المائة، في تحول مفاجئ نحو سياسة نقدية تقليدية بعد سنوات من الفائدة المنخفضة التي كانت تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي.

إردوغان يلتزم بالانضباط الاقتصادي

من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي كان يُنظر إليه في الماضي على أنه كان له تأثير مباشر على السياسة النقدية، أنه «لا يجب أن يشكك أحد في الانخفاض المستمر للتضخم»، مشيراً إلى أن الإجراءات الاقتصادية ستستمر بثبات وعزم لتخفيف ضغوط الأسعار.

كان البنك المركزي قد حذر الشهر الماضي من أن الارتفاعات الأخيرة في بعض مؤشرات التضخم قد أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين، مما دفع المحللين إلى تأجيل توقعاتهم بشأن أول خفض لأسعار الفائدة إلى ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين.

وفي هذا السياق، أوضح كاراهان أن التوقعات الجديدة للتضخم تعتمد على الاستمرار في السياسة النقدية المتشددة، مضيفاً أن البنك المركزي سيقوم «بكل ما هو ضروري» للحد من التضخم، مع الإشارة إلى التراجع الكبير في المعدل السنوي للتضخم منذ مايو الماضي.

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)