لبنان: تزايد معدل السرقات بفعل الأزمة الاقتصادية... وتحذيرات من الأسوأ

مصدر أمني يقول إن معظمها يقوم بها راكبو الدراجات النارية

TT

لبنان: تزايد معدل السرقات بفعل الأزمة الاقتصادية... وتحذيرات من الأسوأ

ينهمك سكان مجمع سكني في منطقة خلدة (شمال بيروت) باتخاذ إجراءات حماية بعدما تمت سرقة بطاريات وإطارات سيارات ومولدات كهرباء ودراجات نارية من مبان مجاورة ليلاً.
ويعبّر سامي، وهو أحد سكان المجمع، لـ«الشرق الأوسط»، عن تخوّفه من شيوع هذه الظاهرة. ومثل جميع السكان، يتوجّس من أن «يترصد السارقون»، حسب تعبيره، سيارته أو دراجته النارية في المرة المقبلة، «خصوصاً أن نسبة السرقات في المنطقة قد ارتفعت بشكل ملحوظ».
ووسط تحذيرات من ارتفاع معدل السرقة بشكل أكبر في الفترة المقبلة، يؤكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن الأمن مستتبّ رغم ارتفاع معدلات السرقة، والقوى الأمنية تسيّر دوريات على جميع الأراضي اللبنانية على مدار 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، ويوضح أن «معظم السرقات تكون على شكل أعمال فردية بسبب الفقر والوضع الاقتصادي المتردي وليست مؤشراً على ارتفاع عدد العصابات في لبنان».
ويقول إن «نحو 99% من السرقات تُنفَّذ على الدراجات النارية، حيث يستقل اثنان الدراجة ويقوم أحدهما بالسرقة بينما يتولى الثاني القيادة»، ويضيف: «يسرقون بطاريات وأجزاء من السيارات ودراجات نارية ومولدات كهرباء يمكن حملها إضافةً إلى أمور أخرى».
ويوضح المصدر الأمني أن «معظم السرقات تنفّذ في الظلام خصوصاً مع انقطاع الكهرباء ليلاً عن الأراضي اللبنانية كافة وتوقف المولدات عن التغذية بعد منتصف الليل، وبالتالي تكون كاميرات المراقبة مطفأة في المباني والشوارع ما يسهّل عمليات السرقة من دون ترك أثر».
وإذ يتوقع المصدر أن تكون وتيرة ارتفاع معدلات السرقة تصاعدية، يشدد على أن القوى الأمنية تكثف إجراءاتها بشكل أكبر بسبب ارتفاع تلك المعدلات ما يلجم في مكان ما السارقين ويخفف من وتيرة عملياتهم»، ويختم بالقول: «الوضع حالياً لن يتغير لأنه مرتبط بالأزمة الاقتصادية».
في المجمع السكني في منطقة خلدة، رصد سكان المجمع مرات عدة أشخاصاً غرباء يتجولون بين المباني في الظلام وقبل ساعات الفجر الأولى، خصوصاً في الأوقات التي يكون فيها التيار الكهربائي والمولدات مطفأة.
ويؤكد خالد وهو رئيس لجنة المجمع عينه، لـ«الشرق الأوسط»، أن المرحلة حساسة جداً والسكان بصدد اتخاذ إجراءات لحماية ممتلكاتهم، منها «تركيب كشافات ضوئية تعمل على البطاريات لإنارة المشروع، وكاميرات مراقبة تعمل على البطاريات أيضاً، وتسيير دوريات حراسة من السكان»، ويتأمل أن تردع هذه الإجراءات السارقين عن الاقتراب خوفاً من رصدهم. ويقول: «بعض السكان حضّروا بنادق الصيد خوفاً من أي عملية سطو ليلية على منازلهم».
وفي العاصمة بيروت، يتنقل فريد بسيارات الأجرة بعدما تعرض لسرقة ثلاث دراجات نارية في أقل من شهر، حسبما يخبر «الشرق الأوسط». يقول: «سُرقت دراجتي الأولى أمام كاميرات المراقبة في منطقة الزيدانية (بيروت). بكل بساطة استقلها شخص وكسر المقود وأكمل بها طريقه، فاقترضت المال من والدي لشراء دراجة أخرى، لتُسرق بعد يومين من أمام مقر عملي! يومها شعرت كأن قلبي سيتوقف لأني لم أسدد المبلغ الذي أعطاني إياه والدي بعد، ولأنني لن أتمكن من شراء دراجة أخرى تنقلني إلى عملي».
ويضيف: «بعدما لاحظ صديقي غضبي وانزعاجي أعطاني إحدى دراجتيه ليخفف عني عبء التنقلات»، إلا أن السارقين «كانوا يستهدفونني بشكل شخصي»، ويضيف: «سُرقت الدراجة الثالثة من أمام منزلي في منطقة حي اللجا (بيروت) ومن يومها اتخذت القرار بعدم شراء أي وسيلة نقل جديدة».
وحسب دراسة أعدتها شركة «الدولية للمعلومات» اللبنانية، تشير آخر الأرقام إلى ارتفاع جرائم السرقة بنسبة 265%، على أثر الأزمة التي تشهدها البلاد.
وتقارن الدراسة بين فترة الشهور العشرة الأولى من عام 2021 بذات الفترة من عام 2019، مستندة في أرقامها إلى البيانات الرسمية للجرائم وتعدّها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.‎ وتقول إنه «في الأشهر العشرة الأولى من عام 2019 سُجلت 89 جريمة قتل، بينما في الفترة نفسها من 2021 سُجلت 179. أما عمليات السرقة، فقد ارتفعت من 1314 في الأشهر العشرة الأولى من 2019 إلى 4804 في الفترة نفسها من 2021. كما ارتفع معدل سرقة السيارات 213% من 351 عملية سرقة لمركبات في الفترة المستهدفة من 2019 إلى 1097 في 2021».
وفي هذا الإطار، يوضح الخبير في علم الاجتماع الدكتور نزار حيدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع الاقتصادي - الاجتماعي المتردي في لبنان هو السبب الرئيسي والأساسي في ارتفاع معدلات السرقة، فرواتب معظم الأشخاص بقيت على حالها في وقت ارتفعت فيه أسعار السلع والأدوية والمحروقات بشكل كبير ولم تعد تلك الرواتب تكفي حاجاتهم الأساسية، فوقعوا في عجز أمام تأمينها».
ويعيش اللبنانيون منذ نحو عامين أزمة اقتصادية خانقة، صنفها البنك الدولي على أنها الأسوأ، وأدت إلى انهيار العملة المحلية وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويقول حيدر: «ليس بالضرورة أن يكون سبب ارتفاع معدل السرقات في لبنان نتيجة ازدياد العصابات، بل هو بسبب ازدياد حاجة الأفراد في ظل الوضع الاقتصادي القائم لتأمين حاجات أسرهم».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.