ماتي كاش... مدافع منتخب بولندا الذي وطأت قدماه أرض بلاده للمرة الأولى الاثنين الماضي

ماتي كاش (يسار) في مشاركته الأولى مع بولندا أمام المجر (إ.ب.أ)
ماتي كاش (يسار) في مشاركته الأولى مع بولندا أمام المجر (إ.ب.أ)
TT

ماتي كاش... مدافع منتخب بولندا الذي وطأت قدماه أرض بلاده للمرة الأولى الاثنين الماضي

ماتي كاش (يسار) في مشاركته الأولى مع بولندا أمام المجر (إ.ب.أ)
ماتي كاش (يسار) في مشاركته الأولى مع بولندا أمام المجر (إ.ب.أ)

انضم ماتي كاش لقائمة منتخب بولندا لأول مرة في المباراة التي انتهت بالفوز على أندورا، يوم الجمعة الماضي، بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وسافر إلى وارسو لمواجهة المجر يوم الاثنين الماضي، وهي المواجهة التي تكبّدت بولندا فيها خسارة مفاجئة 2 - 1 على أرضها. وكانت هذه أول مرة تطأ فيها قدما الظهير الأيمن لأستون فيلا أرض البلاد التي أُجبر جده على الرحيل عنها منذ 81 عاماً.
يقول كاش، وهو يستعد لاتخاذ خطوة جديدة ومثيرة في مسيرته الكروية والمساهمة في فصل جديد وسعيد في قصة عائلية رائعة: «لقد فقدنا جدي منذ ست سنوات – من المؤكد أنه كان سيشعر بالفخر الشديد لرؤيتي وأنا ألعب بقميص منتخب بولندا». إنها قصة تعكس جزءاً من تاريخ بولندا المضطرب، وتشرح لماذا سيحقق الشاب البالغ من العمر 24 عاماً والمولود في بلدة سلاو البريطانية ويتحدث القليل من البولندية، حلماً قديماً عندما يدافع عن ألوان منتخب بلاده. يقول كاش وهو يبدأ في سرد كيف انتهى المطاف بجديه في إنجلترا: «إنها قصة مجنونة حقاً، ومعقدة بعض الشيء».
ولد ريسزارد تومازيوسكي، جد كاش لأمه، قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب العالمية الثانية في مدينة ستانيسلاف، التي كانت آنذاك جزءاً من الجمهورية البولندية الثانية، لكنها الآن في أوكرانيا (واسمها إيفانو فرانكيفسك). قُتل والد ريسزارد، فلاديسلاف، في حرب جلبت الخراب والدمار إلى المدينة، التي عانى شعبها على أيدي النازيين ثم الجيش الأحمر. وفي عام 1940، بعد أن سيطر الاتحاد السوفياتي على المدينة كجزء من تفكيك بولندا، تم ترحيل ريسزارد إلى معسكر عمل في سيبيريا مع والدته وشقيقتيه، وظلوا قابعين هناك لما يقرب من عامين.
وفي يوليو (تموز) 1941، بعد غزو هتلر للاتحاد السوفياتي، أدت حاجة ستالين إلى تشكيل تحالفات جديدة إلى توقيع اتفاقية سيكورسكي - ميسكي في لندن بين رئيس الوزراء البولندي والسفير السوفياتي في المملكة المتحدة. وفي الشهر التالي، منح ستالين «عفواً» عن عشرات الآلاف من المواطنين البولنديين المحتجزين في المعسكرات السوفياتية، وبالتالي تم إطلاق سراح عائلة تومازيوسكي. حاول أفراد العائلة بناء حياة جديدة، وذهبوا أولاً إلى إيران، ثم إلى الهند ثم إلى تنجانيقا، التي وافق حكامها الاستعماريون البريطانيون على إقامة معسكرات لإيواء 6000 بولندي كانوا محتجزين سابقاً في الأسر السوفياتي. وفي عام 1948، بعد ست سنوات في أفريقيا، استقلت عائلة تومازيوسكي سفينة عائدة إلى أوروبا، ووصلت إلى ليفربول على أمل الاستقرار أخيراً. كان ريسزارد يبلغ من العمر 12 عاماً آنذاك، وكان أداؤه جيداً في المدرسة وتخرج كمهندس قبل أن يلتقي في عام 1964، امرأة بولندية كانت تزور شقيقتها في إيلينغ.
وقع ريسزارد وجانينا في الحب وتزوجا، وأنجبا ابنتهما، باربرا، وهي والدة ماتي كاش. أما والده فهو ستيوارت كاش، الظهير الأيسر السابق الذي لعب لعدد من الأندية بما في ذلك تشيسترفيلد وبرينتفورد وروثرهام. يقول كاش عن استدعائه لمنتخب بولندا: «لقد كانت هذه لحظة فخر للغاية بالنسبة لجميع أفراد عائلتي، خاصة من جانب والدتي. لدي علاقات في بولندا، لكنني لم أذهب إليها ولم أقابلهم قط، لكن والدتي كانت تتواصل معهم باستمرار عبر الهاتف، والجميع متحمسون للغاية».
ويضيف: «حتى رد فعل الناس على وسائل التواصل الاجتماعي كان لا يصدق. أنتظر بفارغ الصبر الذهاب إلى هناك ومقابلة الجميع. أنا أتحدث بضع كلمات فقط من اللغة البولندية، لكن أمي تتحدثها بطلاقة وكانت تساعدني كثيراً في هذا الأمر». وكانت المباراة أمام المجر حاسمة للغاية لآمال بولندا في التأهل مباشرة لكأس العالم، فالفوز بها كان يعني أنها قد تنهي المجموعة التاسعة في الصدارة متفوقة على المنتخب الإنجليزي، ولكن في النهاية فازت إنجلترا وتأهلت مباشرة وخسرت بولندا وحصلت على مكان في ملحق الصعود. وبالتالي، انضم كاش لمنتخب بولندا في وقت جيد للغاية.
ولم تكن رغبته في تمثيل منتخب بولندا جديدة، لكن الرئيس السابق للاتحاد البولندي لكرة القدم، زبيغنيو بونييك، لم يكن يرغب في الاستفادة من الشتات البولندي. لكن هذا الوضع تغير تماماً عندما تولى سيزاري كوليزا قيادة الاتحاد البولندي لكرة القدم في أغسطس (آب) الماضي. يقول كاش: «أعتقد أن الرئيس السابق للاتحاد لم يرغب حقاً في الاستماع إليّ. إنه لم يعاملني بطريقة وقحة، لكنه لم يكن من أنصار فكرة انضمامي لمنتخب بولندا. لكن الرئيس الجديد جاء وكان متعاوناً حقاً وأراد إنجاز الأمر بسرعة، وينطبق نفس الأمر أيضاً على المدير الفني لمنتخب بولندا باولو سوزا. كل ذلك ساعد في انضمامي لمنتخب بولندا». وفي أكتوبر (تشرين الأول)، تمت الموافقة على طلبه للحصول على جواز سفر بولندي. يقول كاش عن ذلك: «قبل أيام قليلة من ذهابي إلى السفارة البولندية لتسلم جواز السفر، اتصل بي المدير الفني وأخبرني بأنه سيكون من الرائع بالنسبة له أن يجلس معي».
ويضيف: «لقد جلسنا معاً، وكان حواراً إيجابياً ورائعاً للغاية، وتحدثنا حول الطريقة التي سنلعب بها، وتحدث كثيراً عن الخطط التكتيكية والتشكيل، وكيف سيكون شكل التدريب». ويتابع: «أشعر أنني قادر على التكيف بنسبة 100 في المائة. أنا أعرف بالفعل من خلال مشاهدة مبارياتهم مدى شغفهم وشراستهم في اللعب، لذا آمل أن أتمكن من تنفيذ ذلك أيضاً». واختتم حديثه قائلاً: «تحدثنا عن أهمية وجودي ضمن هذا الفريق الآن. المباريات التي سنلعبها خلال الفترة المقبلة مهمة للغاية، وقد أعددت نفسي لها جيداً، وستكون فرصة رائعة بالنسبة لي. حقيقة أن المباراة ضد المجر كانت المرة الأولى التي ألعب فيها في بولندا وكانت مباراة استثنائية رغم الهزيمة، وسوف أفعل كل ما في وسعي لمساعدة نفسي ومساعدة الفريق للوصول إلى كأس العالم بعد التأهل لملحق التصفيات».


مقالات ذات صلة

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عربية سون هيونغ مين (أ.ف.ب)

سون قائد كوريا الجنوبية: علينا التعلم من منتخب فلسطين

أشاد سون هيونغ مين، قائد كوريا الجنوبية، بصلابة الفريق الفلسطيني، بعدما منح مهاجم توتنهام هوتسبير فريقه نقطة بالتعادل 1 - 1.

«الشرق الأوسط» (عمان)
رياضة عالمية فرحة لاعبي الأرجنتين بهدف مارتينيز (أ.ف.ب)

تصفيات كأس العالم: الأرجنتين تبتعد في الصدارة... والبرازيل تتعثر بنقطة الأوروغواي

قاد المهاجم لاوتارو مارتينيز المنتخب الأرجنتيني إلى الفوز على ضيفه البيروفي بهدف دون رد، الثلاثاء، في الجولة الـ12 من تصفيات أميركا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (مونتيفيديو)
رياضة عربية فابيو ليما (رويترز)

ليما بعد الخماسية في قطر: الإمارات قدَّمت أفضل أداء في التصفيات

قال فابيو ليما مهاجم الإمارات، إن مباراة بلاده مع قطر في المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية لكأس العالم لكرة القدم 2026 كانت الأفضل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية شين تاي-يونغ (أ.ف.ب)

مدرب إندونيسيا: الفوز على «الأخضر» يمنحنا الثقة في بلوغ كأس العالم

يثق شين تاي-يونغ مدرب إندونيسيا في أن الفوز المفاجئ 2-صفر على السعودية، في جاكرتا أمس (الثلاثاء) سيمنح فريقه فرصة حقيقية في بلوغ كأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».