دفتر ملاحظات

«مسابقة رسمية» فيلم افتتاح القاهرة
«مسابقة رسمية» فيلم افتتاح القاهرة
TT

دفتر ملاحظات

«مسابقة رسمية» فيلم افتتاح القاهرة
«مسابقة رسمية» فيلم افتتاح القاهرة

- «هي فوضى»
■ عنوان فيلم الراحل يوسف شاهين الأخير يمكن استعارته لوصف أكثر من واقع آخر غير الذي تناوله في فيلمه هذا قبل 14 سنة.
الواقع الذي يتقدّم سواه خارج نطاق الموضوع المثار في الفيلم هو الواقع السينمائي ذاته من حيث فوضى الإنتاجات واتكال معظمها على التمويل الخارجي لقاء شروط ورغبات. ومن حيث فوضى المهرجانات التي تبدو، في معظمها، إمّا تقليدية تعيش تحت غبار الزمن أو تقليداً مستنسخاً من النشاطات الغربية من دون بلوغ مستوى أهميّتها.
بعض المهرجانات تتباهى بأنّ بعض ما عرضته من أفلام وجد طريقه إلى ترشيحات الأوسكار ولو في محيطه الأول كما لو أنّ للمهرجان العربي فضل في ذلك. يستطيع صندانس، ولوكارنو، وكان، وفنيسيا، وبرلين، التباهي بأنّ أفلاماً عرضتها باتت حديث الاحتمالات الأوسكارية، لكن مهرجاناتنا لا علاقة لها بهذه الترشيحات إلا من باب أنّها جلبت الأفلام من تلك المهرجانات أو بعضها.
وحين يأتي الأمر إلى فوضى النقد حدّث ولا حرج. النقد علم بالمنقود لكنّ هذا لم يعد شرطاً. معظم الكتابات تعبير مزاجي وذاتي ووجهات نظر يضيفها النقاد على الأفلام التي يشاهدونها وحدها. غالبها جديد الإنتاج ويدور حول ما يفضّله الواحد منهم عوض أن يشمل كل نوع وموضوع وثقافة. البعض يلجأ لمقاطع («كليبس») يفتي فيها كيفما اتفق، والبعض يكتب اليوم كما كان يكتب بالأمس بلا تطوّر، والفريق الأكبر هو الذي يكتب بلا معرفة كافية… «هي فوضى» فعلاً.

- أفلام رقص وغناء
■ تشهد الأسابيع الأخيرة من هذه السنة حشداً من الأفلام التي تريد أن تبلغ شأنين معاً: قبول الجمهور الواسع وقبول ترشيحات المناسبات السنوية وجوائزها. بعض هذا الحشد متمثّل بأفلام الميوزيكالز. أفلام استعراضية من الرقص والغناء والمواضيع التي تفرزها من دون أن تتحدث فيها غالباً.
لدينا بالطبع «وست سايد ستوري» لستيفن سبيلبرغ الذي هو إعادة صنع لفيلم الستينات الشهير. لدينا أيضاً فيلم «تيك… تيك… بوم!» الذي يتحدث عن أزمة مؤلف موسيقي مترجمة إلى وصلات غنائية. ثم هناك «سيرانو» عن الرواية المتحوّلة من الأدب إلى الاستعراض، وفيلمان من نوع الرسوم المتحركة التي ستغني وتغني حتى تقضي على آخر من يحب هذا النوع من الأفلام وهما Sing 2 وEncanto. وبالطبع هناك Annette ذي الإنتاج الفرنسي والغناء والحوار الأميركيين.
أفلام الميوزيكال بلغت مرحلة الإصرار: افتح فمك وتناول هذا الدواء. مرحلة صناعية أكثر منها فنية، لذلك حين تُقارن بما كانت عليه أفلام هذا النوع سابقاً سنجد أنّها دخلت بدورها مطبخ الإعداد والتجهيز حسب «الموضة» المنتشرة في باقي الأنواع: الدهم والفرض والصدمة وقليل من العمق.
«أنيت»، فوق ما ذكرته من نقد، ينتقد هوليوود عابراً متهماً إياها بالزيف، لكنّه لا يمانع في أن ينتمي إلى التهمة ذاتها... «ديزني» و«مارفل» في بال المخرج، وهو يقدّم فيلمه «الفرنسي» للعموم.

- مهرجان القاهرة المقبل
■ الأيام تمر سريعاً قبل انطلاق الدورة الجديدة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (يحمل الرقم 43) في السادس والعشرين من هذا الشهر، وحتى صباح الرابع من الشهر المقبل.
سيشهد عرض 98 فيلماً آتية من 63 دولة بينها 27 عروض أولى عالمياً (وورلد برميير). وفيلم الافتتاح سيكون من نصيب «مسابقة رسمية» (هذا هو عنوان الفيلم) المنتج من قبل إسبانيا والأرجنتين الذي تولى إخرجه كل من غاستون دوبارت وماريانو كون.
إذا حضر بطلا هذا الفيلم، بينيلوبي كروز وأنطونيو بانديراس المهرجان (كما هو مأمول)، فإنّ في ذلك فوزاً واضحاً يدخل في خانة الإيجابيات التي يحققها رئيس المهرجان، المنتج محمد حفظي سعياً وراء دعم خطة الانتقال لهذا الحدث لكي يصبح موازياً لمهرجانات الدول الغربية بالفعل وليس بالتمنّي فقط. ممكن؟ خبرة حفظي واتصالاته تقول إنّ هذا ممكن. يبقى أن يشهد المهرجان نقلة موازية على صعيد نظام العروض، وجودة الصالات وتجهيزها بما يعزز التجربة الفنية المأمولة.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).