فضيحة في البرلمان البريطاني بعد تلقي نائبين أموالاً لمهاجمة السعودية

كيانات وأفراد تورطوا فيها ومطالبات بكشف الجهة الداعمة... وجونسون يقترح تعديل مدونة السلوك البرلمانية

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون متحدثاً في مجلس العموم (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون متحدثاً في مجلس العموم (أ.ف.ب)
TT

فضيحة في البرلمان البريطاني بعد تلقي نائبين أموالاً لمهاجمة السعودية

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون متحدثاً في مجلس العموم (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون متحدثاً في مجلس العموم (أ.ف.ب)

كشفت سلسلة تقارير صحافية هذا الأسبوع تورط نواب بريطانيين في أنشطة ترويج لمجموعات ضغط ولمصالح مرتبطة بشركات أو دول أخرى، وتقاضي أجور مقابل ذلك، وأبرزها جلسات نقاش للهجوم على السعودية.
وأقر النائبان كريسبين بلانت عن حزب المحافظين وليلى موران عن حزب الديمقراطيين الأحرار، باستخدام مكاتبهما في البرلمان للمشاركة في جلسة نقاش حول السجناء في السعودية، رغم أن قواعد مجلس العموم تنص على عدم استخدام النواب المرافق البرلمانية في عمل غير برلماني.
وكشفت موران عن مشاركتها في الندوة التي نظمتها شركة المحاماة «بيندمانز» (Bindmans LLP) عبر تقنية «زووم» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وأنها تقاضت 3 آلاف جنيه إسترليني (4 آلاف دولار)، بالإضافة إلى 40 ساعة عمل مع الشركة نفسها، فيما تلقى بلانت 6 آلاف جنيه إسترليني.
وقدمت موران، النائبة عن أكسفورد ويست وأبينغدون، اعتذارها في بيان وقالت إنها «تأسف بشدة» للاجتماع. وزادت موران التي تشغل منصب المتحدثة باسم الشؤون الخارجية لحزب الديمقراطيين الأحرار في بيان: «عملت، إلى جانب نواب من أحزاب أخرى، حول قضية سجناء في السعودية مع شركة بيندمانز». وتابعت: «أشعر بالأسف الشديد لأنني شاركت في اجتماع واحد عن طريق (زووم) من مكتبي في البرلمان، عندما كانت قيود (كورونا) سارية. أتحمل المسؤولية الكاملة، ولن يتكرر ذلك مرة أخرى».
ولم تكشف التحقيقات على الفور الجهة أو الجهات التي تقف خلف تمويل شركة المحاماة «بيندمانز» والمنظمات التي شاركتها في دفع الأموال للنائبين البريطانيين وما إذا كان الأمر ينحصر فقط بالنائبين بلانت وموران أم أنه شمل أعضاء آخرين في البرلمان.
هذا الغموض شكل مدخلاً لمطالبات بفتح تحقيق أوسع والتدقيق في مبادئ الامتثال والنزاهة والشفافية الحاكمة لعمل المنظمات الحقوقية في ظل الانحراف والتجاوزات حيال اعتمادها للاستغلال المالي الممنهج في كثير من تقاريرها وأنشطتها الإعلامية التي تستهدف دولاً بعينها (ومنها السعودية)، وهو ما يطرح أسئلة عن المسؤولية الأخلاقية تجاه هذا التجاوز غير المسبوق الذي من شأنه تعريض منظومة المبادئ والقيم الدولية لمخاطر الاستغلال والتسييس.
في المقابل، قال بلانت في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية إنه لم يعتبر استخدام مكتبه من دون تكلفة على دافعي الضرائب قد «يطرح مشكلة»، مشيراً إلى أنه سيقبل رغم ذلك نتيجة أي تحقيق من قبل مفوض المعايير البرلمانية في حال تم تقديم شكوى في حقه. وفيما يسمح القانون للنواب بالقيام بوظيفة ثانية خارج عملهم البرلماني، إلا أن كثيرين يتساءلون عن الأبعاد الأخلاقية لهذا النوع من الممارسات، خاصة عندما يستخدم نواب مكاتب رسمية لتوجيه رسائل سياسية تتعلق بدول أخرى.
وتنص المدونة التي تحكم سلوك أعضاء مجلس العموم على أن «الأعضاء مسؤولون بشكل شخصي وخاضعون للمساءلة عن ضمان استخدامهم لأي نفقات وبدلات وتسهيلات وخدمات مقدمة من الخزينة العامة وفقاً للقواعد الموضوعة بشأن هذه الأمور. يجب على الأعضاء التأكد من أن استخدامهم للموارد العامة يكون دائماً في دعم واجباتهم البرلمانية. ولا ينبغي أن تمنح أي منفعة شخصية أو مالية لأنفسهم أو لأي شخص آخر».
جونسون يقترح تعديلات
وعقد مجلس العموم، أمس (الأربعاء)، جلسة استماع اقترح خلالها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تعديل مدونة السلوك البرلمانية لمنع النواب من الحصول على أجور عن عملهم كمستشارين سياسيين أو في مجال الترويج. ونشر رئيس الوزراء اقتراحه على «تويتر»، الثلاثاء، بينما طالب زعيم حزب «العمال» كير ستارمر بوريس جونسون بإجراء «تحقيق مستقل» إذا كان يريد فعلاً «اجتثاث الفساد».
وهزت هذه القضية البرلمان البريطاني، خاصة أنها كشفت خلفيات اللجنة التي سميت بـ«تقصي الحقائق» وترأسها كريسبين بلانت بعضوية كل من ليلى موران وزميلهما النائب في البرلمان البريطاني عمران خان. وعمل على تنظيم تلك اللجنة وتشكيلها شركة المحاماة «بيندمانز». وكان ممثل مكتب المحاماة في الجلسة المحامي طيب علي الذي سبق ومثل حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لـ«الإخوان المسلمين» في مصر وأسرة الرئيس المصري السابق محمد مرسي وعدد كبير من المحكوم عليهم بالإعدام من أتباع التنظيم المدانين في أحداث إرهابية.
وعمل طيب في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 في مصر بالعمل كمستشار لحزب «الحرية والعدالة»، كما أنه في عام 2015 مثل «الإخوان» أثناء مراجعة رئيس الوزراء البريطاني لنشاطاتهم الدولية، وفي عام 2018 قام بتشكيل لجنة مراجعة الاحتجاز التي سعت لمتابعة والتدخل في قضايا ما يعرف بـ«ناشطات حقوق الإنسان» في السعودية.
وعقب ذلك الاجتماع، تم التعاقد مع مكتب المحاماة «بيندمانز» لتشكيل اللجنة من قبل منظمة غير حكومية (غير معلنة) تمثل مواطنين سعوديين مناوئين لبلادهم ويقيمون في الخارج، وكان الشهود من منظمة «هيومن رايتس ووتش» ومنظمة «الديمقراطية في العالم العربي الآن» (دون)، ومنظمة «مينا رايتس»، ومنظمة «مبادرة الحرية» ومنظمة ALQST، والسعودية المناوئة لبلادها علياء الهذلول.
ويعمل المناوئ السعودي عبد الله سلمان العودة رئيساً لقسم أبحاث الخليج في منظمة «دون»، فيما تعمل كل من هالة الدوسري ومضاوي الرشيد خبيرتين في المنظمة. ويعتبر المناوئ السعودي يحيى عسيري مؤسساً لما يسمى بـ«منظمة القسط»، وأميمة النجار مديرة الحملات وعبد الله الجريوي مديراً للتواصل وسحر الفيفي متطوعة في المنظمة، كما تعمل هالة الدوسري عضواً في المجلس الاستشاري للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» وعضواً في منظمة «مبادرة الحرية». وجميع هذه المنظمات شاركت في الندوة المشبوهة، وهو ما يوضح، وفق مراقبين، وجود تنسيق مركزي لتحركات هؤلاء المناوئين التي تستهدف السعودية.
وكان النائب كريسبين بلانت قد زار دولة عربية خلال الفترة ما بين 7 و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 على نفقة وزارة خارجية تلك الدولة لمناقشة مواضيع عدة، من ضمنها حقوق الإنسان وقضية أفغانستان.
- تحركات ضد الفساد
وبالعودة إلى قضية النائبين، قالت الناشطة البريطانية كيت ستيوارت إنه من المعيب أن تتقاضى نائبة بريطانية أموالاً مقابل انتقاد السعودية. وتساءلت عما إذا كانت جهات أخرى حكومية أو إعلامية تقوم بالممارسة نفسها ضد السعودية، فيما أشارت المحامية إيرينا تسوكرمان إلى أن شركة المحاماة «بيندمانز» تتولى قضايا لـ«الإخوان المسلمين» في بريطانيا، في إشارة إلى دول تستهدف السعودية، والتي تعتقد أنها هي من دفعت تلك الأموال للهجوم على السعودية.
وتجادلت المحامية إيرينا تسوكرمان مع النائب البريطاني جون نيكولسون ووجهت له انتقادات بسبب هجومه على السعودية، وقالت إنه «ربما تسلم أموالاً» من دولة مستهدفة للسعودية، كونه غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدولة فيما تهجم على السعودية، لينفي النائب البريطاني أي صلة له بتلك الدولة أو أنه زارها أو أنه قبل أموالا منها.
وتأتي هذه القضية بعد أقل من شهر من العاصفة السياسية التي أثارها جونسون في الثالث من الشهر الجاري، عندما قرر دعم موقف أحد نواب حزبه المتهم بالقيام بأنشطة ضغط. ونجمت هذه القضية عن تحقيق برلماني خلص إلى أن النائب المحافظ أوين باترسون قد ضغط مراراً وتكراراً على أعضاء الحكومة للدفاع عن شركتين، كان يعمل كمستشار مدفوع الأجر فيهما. واعتبرت اللجنة ذلك انتهاكاً «صارخاً» للقواعد المنظمة لمجموعات الضغط، وأوصت بوقفه عن العمل لمدة ثلاثين يوماً. وتراجع جونسون عن دعم باترسون الذي استقال من منصبه.
وتُمثل الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان في العادة وجبة دسمة للتناول الإعلامي، غير أن ما يُمكن تسميتها بـ«فضيحة البرلمان البريطاني» قد تغير من هذه المعادلة إلى الحد الذي يجعل من الصحف المهتمة تعمد إلى تطبيق أعلى معايير الدقة في تعاملها مع مثل هذه الموضوعات تجنباً للوقوع في مصيدة الحملات الممنهجة والمنسقة.



السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

رحبت السعودية، الأربعاء، بوقف إطلاق النار في لبنان، مثمنةً جميع الجهود الدولية المبذولة بهذا الشأن.

وأعربت، في بيان لوزارة خارجيتها، عن أملها بأن يقود ذلك إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، وحفظ سيادة وأمن واستقرار لبنان، وعودة النازحين إلى منازلهم بأمن وأمان.

من جانبها، دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى ضرورة التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار، من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بعناصره كافة.

وأكد الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه الدعم الكامل لاستقرار لبنان، وممارسة الدولة اللبنانية سيادتها على كامل أراضيها، داعياً إلى تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لتلبية احتياجات المتضررين، وعودة النازحين، وإعمار ما دمرته الحرب.

وأعرب طه عن أمله بأن يكون هذا الاتفاق خطوة نحو تحقيق وقف فوري للعدوان على قطاع غزة وجميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.

وجدَّد دعوته إلى إنفاذ قرارات الشرعية الدولية فيما يخص الوضع في فلسطين والأراضي المحتلة، وخاصة تمكين الشعب من تجسيد حقه في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية.