موسكو ترفض رداً عسكرياً على غارات إسرائيل في سوريا

نددت بأعمال «لا إنسانية» ودعت إلى «التواصل» مع تل أبيب

دخان يتصاعد من ريف دمشق بعد قصف صاروخي إسرائيلي (أ.ب)
دخان يتصاعد من ريف دمشق بعد قصف صاروخي إسرائيلي (أ.ب)
TT

موسكو ترفض رداً عسكرياً على غارات إسرائيل في سوريا

دخان يتصاعد من ريف دمشق بعد قصف صاروخي إسرائيلي (أ.ب)
دخان يتصاعد من ريف دمشق بعد قصف صاروخي إسرائيلي (أ.ب)

عكست تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا الكسندر لافرنتييف حول الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية، تطورا لافتا في المواقف الروسية، بدا أنه يعزز التسريبات الإسرائيلية حول التفاهمات التي تم التوصل إليها أخيرا، بين موسكو وتل أبيب بشأن منح الأخيرة مجالات أوسع للتحرك على الأراضي السورية لمواجهة ما وصف بأنه تهديدات تنطلق منها.
وكانت موسكو فضلت خلال السنوات الماضية غض النظر عن تصرفات إسرائيل في سوريا، وأبدت التزاما بالاتفاقات المبكرة التي توصل إليها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو مع الرئيس فلاديمير بوتين مباشرة بعد بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا في خريف العام 2015. وخلال السنوات اللاحقة التزمت موسكو الصمت بشكل كامل حيال الغارات الإسرائيلية المتكررة. هذا الموقف سرعان ما تغير بعد وصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى السلطة، وبدا أن فتورا سيطر على علاقات الطرفين انعكس في تصعيد موسكو لهجتها في انتقاد تصرفات إسرائيل، وتوجهها لـ«تغيير قواعد اللعبة» من خلال الإعلان عن تزويد دمشق بأنظمة صاروخية متطورة وقادرة على صد الغارات المتواصلة.
لكن هذا التوتر تم تبديده سريعا، بتحرك نشط من جانب وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، سبق زيارات قام بها مسؤولون عسكريون إلى موسكو، ثم زيارة لرئيس الوزراء نفتالي بنيت، أسفرت وفقاً لتسريبات إسرائيلية عن تجديد التفاهمات السابقة حول التحركات العسكرية الإسرائيلية، وقال مكتب بنيت في حينها بأن بوتين «أبدى تفهما كاملا لمصالح إسرائيل الأمنية».
ورغم أن موسكو التزمت الصمت حيال التسريبات، وفضلت عدم تأكيد أو نفي صحتها رسميا، فإن تنشيط الغارات الإسرائيلية بشكل ملحوظ بعد الزيارة، عكس تغيرا ملموسا في الموقف الروسي.
وجاءت أمس، تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي لتؤكد هذا التطور، خصوصاً أنه تعمد إطلاق تصريحاته من دمشق التي أجرى فيها محادثات مع الرئيس بشار الأسد، وشارك خلال زيارته في أعمال لجنة التنسيق الحكومية المشتركة التي ناقشت ملفات إنسانية على رأسها مسألة عودة اللاجئين. وقال لافرنتييف بأن موسكو تؤكد «رفض الهجمات غير الشرعية من قبل إسرائيل».
واستخدم صيغة لافتة في تنديده، إذ وصف تحركات إسرائيل بأنها «أعمال لا إنسانية» مؤكدا أنها «غير مقبولة بشكل قاطع».
ومع دلالات حصر الغارات المتواصلة بأنها «أعمال لا إنسانية» ما يعكس عدم تعامل موسكو مع الملف بصفته موضوعا سياسيا وعسكريا بالغ الأهمية، فإن الشق الثاني من حديث المبعوث الروسي كان لافتا أيضاً، إذ رفض لافرنتييف فكرة الرد العسكري على الغارات الإسرائيلية. وقال إنه «في هذا السياق سيكون الرد باستخدام القوة غير بناء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب جديدة على الأرض السورية». ودعا إلى «التواصل مع الطرف الإسرائيلي على جميع المستويات حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ووقف عمليات القصف»، من دون أن يوضح ما إذا كان المقصود أن تقوم موسكو بالتواصل مع الجانب الإسرائيلي أم أن الدعوة موجهة للسوريين لفتح قنوات اتصال معه.
وشدد المبعوث الروسي على أنه «لا يجب تحويل سوريا إلى ساحة لتسوية الحسابات بين خصوم إقليميين. لهذا السبب سنواصل عملنا في هذا الاتجاه وسنعمل على تحقيق وقف كامل لهذه التصرفات».
وفي موضوع آخر، تطرق لافرنتييف خلال حديثه بشكل غير مباشر إلى الوضع في مناطق شمال شرقي سوريا، وما وصف بأنه تشجيع أميركي للنزعات الانفصالية، مؤكدا رفض موسكو «محاولة إنشاء أشباه دول داخل سوريا»، وجدد الدعوة إلى «ضرورة احترام سيادة سوريا».
في السياق ذاته، عكست تصريحات نقلتها وسائل إعلام حكومية روسية أمس، عن السفير الإسرائيلي السابق بموسكو تسفي ماغين أن التفاهمات بين موسكو وتل أبيب تبدو مرضية للطرفين وتحقق مصالحهما. وقال ماغين بأن موسكو «مهتمة جدا بالشرق الأوسط وتطمح لتعزيز نفوذها»، مشيرا إلى أن إسرائيل «ليست لديها مصلحة بأن تواجه دولة عظمى كروسيا». وأوضح أن «روسيا نجحت في تثبيت وضعها وتعزيز مكانتها ولا يمكن أن ننكر أنها سجلت تقدما ملحوظا وإنجازات وأنها ستبقى هنا، لأن البحر المتوسط هو أحد أهم أسباب وجودها في المنطقة، هذا البحر الذي لطالما كان منطقة نزاع بين القوى العالمية، لذا فوجودها في سوريا يخدم هذا الهدف والذي هو بمثابة إنجاز أساسي بالنسبة إليها».
ولفت ماغين إلى أن «هناك تنسيقا ناجعا بين روسيا وبين إسرائيل، أريد أن أقول إن روسيا موجودة في المنطقة لتعزيز مصالحها في سوريا، وكذلك إسرائيل لديها مصلحة في حماية حدودها ومواجهة أعدائها كإيران، لذلك روسيا تضطر لمواجهة واقع يتعدى تأمين الداخل السوري إنما أيضاً تأمين الجبهات من قبل جهات أخرى مثل إسرائيل، لذلك اضطرت للوصول إلى تفاهمات وتنسيقات مع إسرائيل». وأضاف أنه «من مصلحة إسرائيل التوصل دائما إلى تهدئة للأمور والتوصل إلى تفاهمات. أرى أن إسرائيل لا تزعج الوجود الروسي في سوريا ولا تضر بمصالح روسيا هناك، بالمقابل روسيا لا تضايق إسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني من سوريا».
ولفت ماغين، إلى ما وصفه تصاعد في التباين بين موسكو وطهران في سوريا، وقال إن روسيا «جاءت إلى سوريا بدعم إيراني، وتعاون الطرفان في الائتلاف ذاته الذي حارب الإرهاب في سوريا، ولكن مؤخراً، تتزايد حدة التنافس بينهما في عدة أمور ليس لها علاقة بإسرائيل، فلكل منهما مصالحه الخاصة في سوريا».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.