قوات عسكرية ومدنية لتسهيل إجلاء الرعايا العرب والأجانب عبر المنافذ الحدودية مع اليمن

مدنيون فارون يتحدثون عن ترويع الحوثيين للأهالي

يمنيون وأجانب يصلون إلى منفذ الطوال البري على الحدود السعودية أمس (تصوير: خالد الخميس)
يمنيون وأجانب يصلون إلى منفذ الطوال البري على الحدود السعودية أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

قوات عسكرية ومدنية لتسهيل إجلاء الرعايا العرب والأجانب عبر المنافذ الحدودية مع اليمن

يمنيون وأجانب يصلون إلى منفذ الطوال البري على الحدود السعودية أمس (تصوير: خالد الخميس)
يمنيون وأجانب يصلون إلى منفذ الطوال البري على الحدود السعودية أمس (تصوير: خالد الخميس)

سخرت السلطات السعودية كل إمكانياتها وأجهزتها العسكرية والمدنية لتسهيل عملية إجلاء رعايا الدول الأجنبية والعربية النازحين من اليمن، وخُصصت لذلك صالات خاصة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية. وتقوم قوات الحرس الحدود السعودية وأفراد الجمارك السعودية، بالإضافة إلى إدارة الجوازات، بجهد كبير لتأمين إخراج المواطنين من دول مختلفة من اليمن وتسهيل عودتهم إلى دولهم.
وتتم عمليات إجلاء الرعايا بالتنسيق مع قيادة قوات التحالف، وشُكلت لجنة مكلفة للإسراع بإجراءات إجلاء الأجانب والاستجابة لطلبات الإغاثة قبل توجههم إلى مطار الملك عبد الله في جازان. وكانت بعثات أجنبية وعربية غادرت المطار الإقليمي بجازان، وما زالت مستمرة، وسط متابعة ودعم من قبل السلطات السعودية؛ لتسهيل مهام خروج الرعايا، كما يشير لذلك نائب القنصل السوداني أحمد عبد الحق.
«الشرق الأوسط» زارت منفذ الطوال الحدودي المواجه للمنفذ اليمني، ووقفت على عملية تفويج الرعايا الأجانب للدول عبر المنفذ. وتشارك أكثر من جهة حكومية في هذه العمليات، من بينها إدارة الجمارك، بالإضافة إلى إدارة الجوازات والجهات الأمنية، للاطمئنان على أوضاع الرعايا. وتسبق المنطقة من الخارج قوات حرس الحدود التي تؤمن تحرك الحافلات من المنافذ اليمنية حتى قبل وصولها إلى الحدود السعودية تحسبا لأي طارئ.
وتكون الجمارك والأجهزة الحكومية الأخرى في مواجهة دائمة ضد المهربين بمن فيهم مهربو الأسلحة والمتفجرات للإضرار بأمن البلد. وتجهز الجمارك السعودية وسائل بشرية وآلية، بالإضافة إلى وسائل رقابية حية، كما هو الحال مع الكلاب البوليسية، التي تستخدمها الجمارك في التعامل مع أي حالات مشكوك فيها قد تؤثر على الجانب الأمني. في الوقت الذي شوهدت فيه أنظمة الفحص الآلي والأشعة للمركبات القادمة من اليمن، والتي تتميز بقدرتها على إدارة الأزمات والمواسم كما هو الحال مع الوضع القائم الذي تعيشه الحدود السعودية اليمنية على أثر عملية «عاصفة الحزم».
وكإجراءات احترازية لا سيما في الأوضاع الحالية التي تقوم فيها قوات التحالف بإغاثة الشعب اليمني، تقوم الأجهزة السعودية المختلفة بفحص الطرود القادمة من اليمن، لضمان السلامة للرعايا الموجودين في المنفذ والمغادرين إلى بلدانهم عبر المطارات والموانئ السعودية.
من جهته، بين زياد بن سليمان العرادي، مدير عام جمرك الطوال الحدودي، في حديث مع «الشرق الأوسط» من داخل المنفذ، أن أفراد الجمرك «جاهزون وقادرون على إحباط أي عملية تهريب مواد محظورة بما فيها الأسلحة والمتفجرات داخل الحد السعودي، ونحن يقظون لذلك». وأضاف أنهم على أهبة الاستعدادات لتسهيل إجراءات دخول الرعايا العرب والأجانب للحدود السعودية مهما كان العدد، كون الجمرك مجهزا بالعدد اللازم من الأفراد لإتمام المهام بنجاح.
وخلال لقاء عدد من الرعايا الذين تم إجلاؤهم من اليمن، بدا أن التمرد الحوثي المدعوم من علي عبد الله صالح لم يكتف بالتسبب في الأذى لليمنيين الأبرياء، وإنما تجاوزهم لغيرهم من الجنسيات الأخرى. وهذا ما شرحه مواطن مصري تحدث مع «الشرق الأوسط» عن وجود عدد من الموظفين داخل صالة تفويج الرعايا داخل منفذ الطوال، وعن قيام الحوثيين بحجز عائلته في صنعاء، والسماح له وحيدا بالمغادرة. وأوضح المواطن المصري الذي فضل عدم كتابة اسمه خوفا على وضع أفراد أسرته، بالقول «لديّ محلات تجارية في اليمن، والحوثيون مصرون على أخذ هذه المحلات بالقوة، وإلا لن تخرج زوجتي وأبنائي، وزوجتي بالمناسبة يمنية». ويضيف المواطن المصري «هذه حقوقي ومن الظلم أن يأخذوها بالقوة، وأنا في تفاوض معهم الآن عبر الهاتف، ولكن إذا لم يسمحوا لبقية أسرتي بالمغادرة فسأضطر للتنازل عن حقوقي».
المواطن المصري عبد الرحمن البورسعيدي، وهو أحد الرعايا الذين تم إجلاؤهم أمس، كشف لـ«الشرق الأوسط»، أثناء جولتها أمس، أن المتمردين الحوثيين يرسلون رسائل عامة عبر الهواتف في فحواها تهديدات بالقتل أو الإيذاء. وعن المطلوب مقابل هذه التهديدات يوضح البورسعيدي «مغادرة اليمن بأسرع وقت خاصة للذين ليس للحوثيين مصلحة منهم. والرسائل تقول: (إذا لم تغادروا في اليوم المحدد فسيتم قتلكم)».
ومن جهته، قال السوري ياسين عبد الله «كنا في عدن فساءت علينا الأحوال، لكن الحكومة السعودية مشكورة سهلت خروجنا مع بقية الجنسيات الأخرى من مصر والسودان ودول أخرى، ونحن الآن بسلامة في الحدود السعودية، ونرجو أن تتمكن قوات التحالف من دحر الحوثيين الذين سببوا الدمار في اليمن منذ انقلابهم على الشرعية». وأضاف «نحن لدينا مصالح في اليمن، ونتمنى أن تعود الأمور للاستقرار بعودة حكومة الرئيس هادي والشرعية في البلاد». وأوضح «الحوثيون يدخلون العصبية المذهبية والعرقية في تعاملهم مع الجميع في اليمن، لدرجة أن الشخص يقتل بسبب أنه ينتمي لذاك المذهب أو تلك الجنسية».
ومن جهته، قال أحمد عبد الحق، نائب القنصل السوداني في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك دبلوماسيين موجودين في منفذ الطوال الحدودي مع اليمن منذ ثلاثة أيام. وأضاف «مرابطون في المنفذ، وخلال يوم أمس تم إنهاء معاملات فردية لعشرين مواطنا قدموا للحدود السعودية ولكن دون تنسيق مع السفارة السودانية في صنعاء؛ لأنهم قدموا من مدن مختلفة من اليمن»، موضحا «التحدي الآن أمامنا يتمثل في تنسيق الأمور لقدوم 9 حافلات قادمة من اليمن تقل الرعايا السودانيين، ويقدر العدد الإجمالي لهم بـ450 شخصا، وقد غادرت الحافلات، ومن المتوقع وصولهم صباح غد (اليوم) بعد أن أنهت السفارة السودانية إجراءات مغادرتهم اليمن».
وعن وجود عوائق لدى مغادرة الرعايا السودانيين عبر الجو قال عبد الحق «تعذر علينا الحصول على التصريحات المطلوبة من داخل اليمن، لكن القيادة السودانية قررت تحويل عملية إجلاء الرعايا السودانيين من رحلات جوية إلى رحلات برية عن طريق الحافلات».
وشدد ضابط في الأمن السعودي أثناء حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس على أنهم يحرصون كثيرا في ظل الأزمة الحالية على الجانب الإنساني خاصة مع الرعايا الذين يتم إجلاؤهم من اليمن. وبين الرائد حسن صميلي، مدير الجوازات في منفذ الطوال، أن «التنسيق مستمر مع القنصليات والسفارات لتسهيل إنهاء إجراءات دخول الرعايا العرب والأجانب في اليمن، وتوفير تأشيرات عبور للأراضي السعودية، والجانب الإنساني مهم وأحد الأركان التي لا نستغني عنها، كما هو الحال مع سياسة المملكة العربية السعودية، ومنها إغاثة أشقائنا في اليمن».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».