بايدن يقامر بـ«ورقة الاحتياطي»... والأسواق ترد بالتماسك

ترجيحات بتفضيل الصين مصالحها مع كبار المنتجين على التعاون مع واشنطن

يلوح الرئيس الأميركي باللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي... لكن مراقبين يرون أن الأمر مجرد تهديد لا يسهل تنفيذه (رويترز)
يلوح الرئيس الأميركي باللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي... لكن مراقبين يرون أن الأمر مجرد تهديد لا يسهل تنفيذه (رويترز)
TT

بايدن يقامر بـ«ورقة الاحتياطي»... والأسواق ترد بالتماسك

يلوح الرئيس الأميركي باللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي... لكن مراقبين يرون أن الأمر مجرد تهديد لا يسهل تنفيذه (رويترز)
يلوح الرئيس الأميركي باللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي... لكن مراقبين يرون أن الأمر مجرد تهديد لا يسهل تنفيذه (رويترز)

رغم فقدان أسواق النفط لنحو 3 في المائة ليل الأربعاء الخميس مع تداول أنباء حول اتصالات أميركية مع كبار مستهلكي النفط على مستوى العالم للعمل سويا من أجل استخدام الاحتياطيات في سبيل دفع تحالف «أوبك+» للرضوخ بزيادة الإنتاج، فإن الأسواق سرعان ما تماسكت صباح الخميس حول محيط 80 دولارا لبرميل برنت، لتوقف النزيف السريع؛ بل وتتجه إلى بعض المكاسب في بعض الأوقات، مع إعادة النظر لجدية التهديدات وتقييم القدرة الواقعية على تنفيذها.
وفي وقت متأخر مساء الأربعاء، قالت مصادر مطلعة إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طلبت من بعض أكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم، ومنها الصين والهند واليابان، دراسة استخدام احتياطياتها من الخام في مسعى منسق لخفض الأسعار وتحفيز التعافي الاقتصادي. وأشارت المصادر إلى أن تلك الخطوة تعكس إحباط الولايات المتحدة المتزايد من تحالف أوبك+، الذي رفض طلبات واشنطن المتكررة الإسراع بزياداته في إنتاج النفط... وقال أحد المصادر الأميركية لـ«رويترز»: «نحن نتحدث عن رمزية إرسال أكبر مستهلكي النفط في العالم رسالة لأوبك مفادها (عليك أن تغيري سلوكك)».
ونبهت بضعة مصادر مطلعة إلى أن مثل هذه المفاوضات «لم تصل إلى مرحلتها النهائية، ولم تتوصل إلى أي قرار نهائي بشأن مواصلة هذا المسعى أو أي مسار آخر للعمل بشأن أسعار النفط». وامتنع البيت الأبيض عن التعقيب على تفاصيل محتوى المشاورات مع دول أخرى. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض «لم يتم اتخاذ أي قرارات»، وأضاف أن البيت الأبيض يقول منذ أسابيع إنه «يتحدث مع مستهلكين آخرين للطاقة لضمان معروض عالمي وأسعار للطاقة لا تعرض للخطر التعافي الاقتصادي العالمي».
لكن كثيرا من المراقبين أكدوا أن الخطوة الأميركية مجرد تهديد فارغ، ومحاولة لكسب الداخل عقب انتقادات عنيفة لبايدن وإدارته جراء ارتفاع التضخم العنيف وأسعار البنزين وغير ذلك من التكاليف الاستهلاكية الأخرى... وكمسعى للحفاظ على أصوات الناخبين قبل انتخابات الكونغرس النصفية في 2022. وقال مراقب عربي - أميركي لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم ذكر اسمه، إن «بايدن يحاول الدفاع عن أدائه وإقناع الناخب الأميركي بأنه يبذل كل ما في جهده للحفاظ على مدخرات الأسر». مضيفا «لكن كثيرين يعلمون أن هذا التهديد أجوف ولا يمكن تحقيقه... خاصة في ظل التباعد العنيف بالمواقف مع الصين».
وجدير بالذكر أن الإعلان عن التواصل مع الصين، يتزامن مع إعلان مباحثات أميركية يابانية للتحالف والشراكة في وجه بكين تحديدا. كما يأتي عقب ساعات من اتصال «لا يمكن اعتباره ناجحا تماما» بين الرئيسين بايدن وشي جينبينغ، حيث شهد مزيدا من الخلافات حول قضايا شديدة الحساسية من وجهة نظر بكين، وعلى رأسها مسألة تايوان.
ويرى المراقبون أن الصين إذا ما أرادت السحب من الاحتياطي فإنها قد تسلك تحركا فرديا فيما تراه من مصلحتها دون تعاون مع أميركا، خاصة أنها - كأكبر مستورد عالمي للنفط - تريد الحفاظ على علاقاتها المستقبلية مع كبار المنتجين؛ دون إثارة أي عداء واسع النطاق.
أما بقية الدول التي أعلن عن تواصل واشنطن معها، فأكثرها أعلن في اقتضاب أنها «تدرس الموضوع» دون مزيد من التفاصيل. وهي عبارة «دبلوماسية»، تشير غالبا إلى أن المسألة غير مرحب بها تماما، لكن في ذات الوقت دون رفض حاد لعدم إحراج الطرف الأخر... وعليه، يقول المصدر الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أرادت واشنطن التحرك فإنها - غالبا - مضطرة للتحرك وحدها في هذا الملف».
وبحسب المعلومات المتاحة حاليا، يزيد حجم الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي قليلا على 600 مليون برميل، وهي تكفي لسد الطلب المحلي الأميركي لمدة شهر واحد فقط. وخلال المعلومات المسربة حول الاتصالات الأميركية، عرضت واشنطن أن تقوم بتحمل ضخ ما بين 20 إلى 30 مليون برميل كي تؤثر على الأسواق، أي نحو 0.5 في المائة من إجمالي الاحتياطي، وقد يكون هذا السحب في صورة بيع أو اقتراض من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي. وعلى الجانب الآخر فإن إنتاج تحالف «أوبك+» يصل إلى نحو 45 مليون برميل يوميا، فيما نجح التحالف خلال العام الأخير في علاج أزمة تراجع الطلب العالمي ووجود فائض يقدر بنحو 10 ملايين برميل بالأسواق، عبر اتفاق التخفيضات الشهير... ما يعني أيضا أنه يمكنه التعامل مع «تهديد الاحتياطيات» بشكل جيد جدا.
وفي المجمل، فإن الخبراء يرون أن أي تحرك أميركي «أحادي» لن يكون له أثر طويل أو كبير بالأسواق، بل إنه قد يهدد بتبديد الاحتياطيات الأميركية، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به، ولن يسمح به الشارع الأميركي.
وعلى الصعيد الدولي، فإن تحركات «أوبك+» تبدو محسوبة وشديدة المنطقية، وفي أحدث تصريحات له، قال أمين عام أوبك محمد باركيندو، قبل بضعة أيام، إنه يتوقع بداية عودة ظهور الفائض في المعروض النفطي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، واستمرارها بالسوق العام المقبل... مشددا: «هذه إشارات يجب أن نكون حذرين حيالها للغاية»، وأن «أوبك لها مصلحة كبيرة في ضمان استمرار التعافي الاقتصادي العالمي».
وخفضت «أوبك» الأسبوع الماضي توقعاتها للطلب العالمي على النفط للربع الرابع بمقدار 330 ألف برميل يوميا من تقديراتها الشهر الماضي، بينما تعرقل أسعار الطاقة المرتفعة التعافي الاقتصادي من جائحة (كوفيد - 19).



أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
TT

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولاً غنية أخرى، خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035. وفق وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة، لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد المقبل. ولا بد من حدوث توافق بين المفاوضين من أجل اعتماد أي اتفاق.

جاء هذا التحول في المواقف بعد أن رفضت الدول النامية يوم الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول النامية في مؤتمر (كوب29) قد أُبلغت بالموقف الجديد للدول الغنية، ولم يتضح كذلك ما إذا كان الموقف كافياً للفوز بدعم الدول النامية.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات المغلقة إن الاتحاد الأوروبي أبدى موافقته على قبول المبلغ الأعلى. وذكر مصدران أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وافقت أيضاً.

وأحجم المتحدثان باسم المفوضية الأوروبية والحكومة الأسترالية عن التعليق على المفاوضات. ولم يرد وفد الولايات المتحدة في المؤتمر أو وزارة الطاقة البريطانية بعد على طلب للتعليق.

وتترقب الوفود المشاركة في (كوب29) في باكو بأذربيجان مسودة جديدة لاتفاق عالمي بشأن تمويل المناخ يوم السبت، بعد أن واصل المفاوضون العمل خلال ساعات الليل.

وكشفت محادثات (كوب29) عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية التي تعاني من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتطورة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.