خيام المشردين تعود إلى يافا

بعد ترحيلهم عن البيوت يهددونهم بترحيلهم عن الخيام

نصب أهالي مدينة يافا خياماً في حديقة «الغزازوة» احتجاجاً على مخططات تهجير عائلات عربية (مواقع)
نصب أهالي مدينة يافا خياماً في حديقة «الغزازوة» احتجاجاً على مخططات تهجير عائلات عربية (مواقع)
TT

خيام المشردين تعود إلى يافا

نصب أهالي مدينة يافا خياماً في حديقة «الغزازوة» احتجاجاً على مخططات تهجير عائلات عربية (مواقع)
نصب أهالي مدينة يافا خياماً في حديقة «الغزازوة» احتجاجاً على مخططات تهجير عائلات عربية (مواقع)

وجّهت بلدية تل أبيب إنذارات إلى 10 عائلات من سكان يافا، تأمرهم بإزالة خيام الاحتجاج التي يقيمون فيها بعد تشريدهم عن بيوتهم، وأمهلتهم حتى يوم الثلاثاء المقبل، وإلا فإنها ستزيلها بالقوّة.
وقال المحامي خالد زبارقة، من قادة اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في مدينة يافا، إن «البلدية تتخذ موقفاً تعسفياً ولا تطرح للمواطنين حلولاً توفر لهم السكن الكريم، وتبشرهم عملياً بنكبة ثانية تضاف إلى نكبتهم الأولى في سنة 1948».
وكانت العائلات المذكورة قد اضطرت لإخلاء مساكنها في يافا، لأن الشركات الاستيطانية، وأبرزها شركتا «عميدار» و«حلاميش»، رفضت تجديد إيجارها. وقالت فاطمة فاعور إن «البلدية ترى في الخيام تشويهاً لمنظر الحديقة التي يعتصمون فيها، ولا ترى الإنسان الذي يعاني ويضطر إلى العيش في خيمة احتجاج. نحن لسنا هواة عيش في خيام. بل إن الخيام تشكل بالنسبة لنا، كما كل فلسطينيّ في العالم، كابوساً يعيد ذكريات النكبة».
يذكر أن يافا، المدينة العريقة في فلسطين، التي كانت في يوم من الأيام منارة الثقافة والحضارة، تحولت بعد قيام إسرائيل إلى حي مهمل تابع لتل أبيب. بلغ عدد سكانها قبل النكبة 95 ألف نسمة، تم ترحيل معظمهم وأعطيت بيوتهم لمستوطنين يهود. يعيش فيها اليوم 60 ألف نسمة، بينهم 22 ألف عربي، يعيش معظمهم في حي العجمي وغيره من الأحياء المهملة، ويتعرضون منذ سنوات لعملية ترحيل، بغرض هدم الأحياء وبناء عمارات شاهقة مكانها. وبدلاً من تعويضهم ببيوت في الشقق السكنية، يتم منحهم تعويضاً زهيداً لا يكفي لشراء بيت، وقسم كبير منهم لا يحصل على هذا التعويض، خصوصاً العائلات الأحادية التي تتكون من مطلقات مع أولادهن أو مسنين عجزة.
وعندما تم تفعيل القرارات القضائية بإخلائهم لبيوتهم، نصبوا خيام احتجاج في «حديقة الغزازوة»، مطالبين بتدبير سكن كريم لهم. وقد بدأ الاحتجاج بخيمة واحدة، وصل الآن إلى 10 خيام لـ7 عائلات تضم 27 طفلاً، وراحوا يطلقون عليه «مخيم يافا للاجئين». وقد استفزت هذه التسمية، بلدية تل أبيب، فأعلنت نيتها ترحيلهم.
اللجنة الشعبية عقدت اجتماعاً لها تحت عنوان «يافا تتصدى للتهجير»، ضم جميع الأطر الفاعلة في المدينة، والعائلات المعتصمة في المخيم، وقرروا اتخاذ جملة من الخطوات التصعيدية إذا ما تم الإقدام على إخلاء المخيم، منها إضراب شامل لجميع المؤسسات التعليمية في المدينة، ومظاهرات ومناشدة بقية فلسطينيّي 48 التضامن معهم. وقال المحامي زبارقة إن «مدينة يافا وكل المدن العربية الأصيلة التي تختلط بين العرب واليهود، مثل عكا وحيفا ويافا واللد والرملة، تتعرض لسياسات التطهير العرقي التي تمارسها السلطات الإسرائيلية». وأشار إلى أن سعر الشقة في يافا يتراوح بين 3 و10 ملايين شيكل (الدولار يساوي 3 شيكلات)، بينما كان السعر في الثمانينات والتسعينات 300 أو 400 ألف شيكل. ولفت إلى أن هذا الغلاء الفاحش في المدينة هو إحدى أدوات السلطات الإسرائيلية لإجبار اليافاويين على تركها. وقال إن مخططات إسرائيل بدأت منذ نحو 30 عاماً، ونلمس نتائجها في هذه الأيام؛ حيث إن ابن مدينة يافا لا يستطيع أن يشتري منزلاً أو مكاناً للسكن في المدينة.
وقال عضو اللجنة الشعبية، عبد أبو شحادة: «يبلغ عدد سكان حي العجمي 10 آلاف نسمة، 7 آلاف منهم عرب، أي أنه ببنائه وطباعه وسكانه فلسطيني عربي. وفيه تقع جميع المؤسسات والمساجد والكنائس والنوادي العربية. نحو 1500 وحدة سكنية من البيوت التي يسكنها العرب في حي العجمي مملوكة لشركة عميدار، وبالتالي معظم العرب مهددون بالإخلاء من الحي في السنوات المقبلة، ومنذ عدة سنوات حتى اليوم هناك أكثر من 400 بيت عربي تم إخطاره بالإخلاء». وتابع: «جزء كبير من بيوت حي العجمي هي البيوت التي جرى الاستيلاء عليها عام 1948. منها بيت جدي في تل الريش المهجرة؛ حيث تم نقلنا إلى حي العجمي واشترط علينا العيش في بيوت تسمح ببقائنا فقط لـ3 أجيال. وفي التسعينات قامت السلطات الإسرائيلية بتقليص المدة لجيلين أو جيل واحد. وحين استفسرنا عن بيوتنا قالوا إنه تم الاستيلاء عليها، ولا يمكن العودة إليها. وهكذا أصبح معظم العرب في يافا يسكنون في بيوت ليست ملكهم».
وأشار أبو شحادة إلى أنه ليس بإمكان الفقراء حتى الطبقة المتوسطة اليوم شراء بيت في حي العجمي؛ حيث إن رفع أسعار الوحدات السكنية هو وسيلة لجلب أغنياء اليهود للحي، وبالتالي بداية تهويد الحي لصالح زيادة أعداد المستوطنين فيه.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.