مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار حول اليمن تحت الفصل السابع

مشاورات مكثفة للتوفيق بين المسودة الخليجية والمقترحات الروسية لوقف إطلاق النار

عنصر من قوات الأمن السعودية في نوبة حراسة ببوابة الطوال في محافظة جيزان على الحدود مع اليمن (رويترز)
عنصر من قوات الأمن السعودية في نوبة حراسة ببوابة الطوال في محافظة جيزان على الحدود مع اليمن (رويترز)
TT

مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار حول اليمن تحت الفصل السابع

عنصر من قوات الأمن السعودية في نوبة حراسة ببوابة الطوال في محافظة جيزان على الحدود مع اليمن (رويترز)
عنصر من قوات الأمن السعودية في نوبة حراسة ببوابة الطوال في محافظة جيزان على الحدود مع اليمن (رويترز)

يعقد مجلس الأمن مساء اليوم جلسة حول الأزمة اليمنية للتصويت لصالح مشروع القرار - تحت الفصل السابع - الذي تقدمت به الدول الخليجية لإنهاء سيطرة الحوثيين على اليمن ووقف جميع أعمال العنف، وسط ترجيحات عالية للتصويت لصالح القرار من قبل دول مجلس الأمن الـ15.
وخلال الأيام الماضية شهدت أروقة مجلس الأمن مشاورات مكثفة بين مندوبي دول مجلس التعاون الخليجي ومندوبي الدول الـ5 دائمة العضوية في مجلس الأمن وبقية الدول الـ10 غير دائمة العضوية حول مشروع القرار للتوصل إلى صيغة نهائية تتوافق عليها كل الدول الأعضاء بالمجلس. وشمل ذلك مشاورات مطولة حول إضافة تعديلات تطالب بها دول عدة لمسودتين قدمتا من الدول الخليجية من جهة وروسيا من جهة أخرى.
ويتضمن مشروع القرار بصيغته النهائية 25 فقرة إجرائية تنص على التنفيذ الكامل والشامل لقرارات مجلس الأمن السابقة والقرار رقم 2201 الصادر في 15 فبراير (شباط) الماضي الذي أدان ممارسات الحوثيين وطالبهم بالانسحاب من صنعاء والامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب. كما يدعم القرار شرعية الحكومة اليمنية والرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي.
وينص مشروع القرار على مطالبة الحوثيين بالوقف الفوري لكل أعمال العنف وجميع العمليات العسكرية من قبل ميليشيات الحوثيين وسحب الميليشيات المسلحة من جميع المناطق التي احتلها الحوثيون منذ عام 2013 وتسليم كل الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات الأمنية والحكومية في العاصمة صنعاء، بما في ذلك أنظمة الصواريخ. كما يطالب مشروع القرار بإطلاق سراح كل المعتقلين دون قيد أو شرط وضمان عودتهم سالمين والتوقف عن ممارسة الأعمال الاستفزازية وتهديد أمن الدول المجاورة وضمان عدم توريد الأسلحة لقادة الميليشيات الحوثية بشكل مباشر أو غير مباشر، وتكليف لجنة من الأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار. وبعد التصويت على القرار سيكون من المطلوب رفع تقرير عن مدى التزام الأطراف المعنية بتنفيذ القرار خلال 10 أيام. ويشدد مشروع القرار على ضرورة التزام جميع الأطراف بحل الخلافات عبر التشاور.
ويقضي مشروع القرار الأممي بأنه في حال التزام الميليشيات المسلحة بتنفيذ كل البنود الواردة فإن مجلس الأمن سيطالب جميع الأطراف بوقف إطلاق النار وفي حال رفضت ميليشيات الحوثيين وميليشيات الرئيس المخلوع على عبد الله صالح فإن مجلس الأمن سيفرض مزيدا من العقوبات على زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي والرئيس السابق على عبد الله صالح ونجله.
قد شهدت الأيام الماضية مشاورات للتوفيق بين مشروع القرار الخليجي والمقترحات الروسية بشأن الهدنة الإنسانية، إذ تقدمت روسيا بمشروع قرار (يوم السبت الماضي في جلسة طارئة مغلقة بمجلس الأمن) يحتوي على 5 نقاط أساسية تطالب بوقف العنف من قبل كل الأطراف، وتعليق العمليات العسكرية لـ«عاصفة الحزم»، وإعلان هدنة إنسانية لإجلاء المواطنين الأجانب ولأعمال الإغاثة الإنسانية توصيل المساعدات، وحظر توريد الأسلحة لكل الأطراف، والعودة إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في اليمن، بينما اعترضت روسيا على منح الشرعية الأممية لعاصفة الحزم.
ومن بين المقترحات الروسية التي اعترضت عليها دول مجلس التعاون الخليجي مقترح حظر توريد الأسلحة لكل الأطراف في الصراع اليمني، وأصرت الدول الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية، على أن ينص القرار على حظر السلاح على الميليشيات الحوثية فقط.
وقال مصدر دبلوماسي سعودي لـ«الشرق الأوسط» إنه من المستبعد أن تستخدم روسيا حق الفيتو ضد مشروع القرار الذي تقدمت به الدول الخليجية بعد تعميمه على الدول الأعضاء بالمجلس بصياغته النهائية التي تتضمن جانبا كبيرا من المقترحات الروسية المتعلقة بالأمور الإنسانية وأعمال الإغاثة. وقال: «لقد أخذنا بعين الاعتبار جميع الملاحظات الروسية وقدمنا نسخة محدثة من مشروع القرار تتضمن تلك المقترحات، ونأمل أن توافق روسيا عليه حتى نتمكن من التصويت عليه في أقرب وقت ممكن».
وساندت الصين بشكل كبير المقترحات الروسية، وطالبت مجلس الأمن بلعب دور بناء في الحد من التوتر ومعالجة الوضع الإنساني المتدهور في اليمن والوقف الفوري لإطلاق النار والدفع للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة لإعادة الاستقرار.
وساندت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وضع 3 بنود خاصة تتعلق بالأمور الإنسانية وإفساح المجال لأعمال الإغاثة الإنسانية والأخذ بالمقترحات الروسية لضمان تأييد موسكو للصيغة النهائية للقرار «باللون الأزرق» وإجراء التصويت خلال 24 ساعة من صدوره باللون الأزرق. واقترحت بريطانيا مزيدا من الوقت للمشاورات لضمان التأييد الروسي لمشروع القرار.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن أن موقف روسيا هو المطالبة بوقف إطلاق النار في اليمن دون قيد أو شرط، وأن يوقف الحوثيون عملياتهم في جنوب اليمن مقابل وقف الضربات الجوية لقوات تحالف «عاصفة الحزم». وشدد لافروف على ضرورة جلوس كل الأطراف اليمنية على طاولة المفاوضات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم