أغلقت العاصمة الهندية المدارس ومصانع الفحم في إطار مكافحتها سحابة تلوُّث بمستويات خطيرة في المنطقة تسببت باختناق سكان لاهور في باكستان المجاورة وسط الضباب الدخاني السام، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
تدهورت نوعية الهواء بشكل خطير في شمال الهند وأجزاء محاذية من باكستان في السنوات الأخيرة، إذ يتشكل في سمائها كل شتاء مزيج خطير من انبعاثات المصانع والسيارات ودخان الحرائق.
وصنّفت منظمة جودة الهواء السويسرية «آي كيو إير» اليوم (الأربعاء)، لاهور البالغ عدد سكانها أكثر من 11 مليون نسمة والواقعة في مقاطعة بنجاب قرب الحدود مع الهند، المدينة الأكثر تلوّثاً في العالم.
ولطالما صُنّفت نيودلهي العاصمة الأكثر تلوّثاً في العالم بسبب مصانعها والازدحام المروري والحرائق التي يتمّ إشعالها لأغراض زراعية كل شتاء. وتبدو حالياً غارقة في ضباب كثيف من التلوّث.
وأعلنت اللجنة المكلّفة جودة الهواء في دلهي مساء أمس (الثلاثاء) إغلاق المؤسسات التعليمية حتى إشعار آخر. وكانت بلدية نيودلهي قد أمرت (السبت) بإغلاق المدارس لأسبوع ومنعت أعمال البناء لمدة أربعة أيام.
وحسب القرار، تُمنع الشاحنات الثقيلة من دخول العاصمة حتى 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، باستثناء تلك التي تنقل مواد أساسية، وتوقفت أعمال معظم ورش البناء.
وطُلب من ستّ محطات للطاقة الحرارية من أصل 11 تقع في دائرة قطرها 300 كلم، وقف أعمالها حتى إشعار آخر.
وقالت اللجنة إنه سيكون على نصف الموظفين الحكوميين على الأقلّ العمل من المنزل، ودُعي الموظفون في القطاع الخاص إلى العمل عن بُعد أيضاً.
وجاءت هذه التدابير بعد 24 ساعة من اتخاذ حكومة دلهي قراراً يقضي «بمقاومة دعوة المحكمة العليا لفرض إغلاق بسبب التلوّث».
وكانت الحكومة قد قالت للمحكمة العليا إن القطاع الصناعي هو المسؤول الأساسي عن التلوّث، يليه قطاع النقل، والغبار المنبثق عن الطرق وورش البناء.
وهذا الأسبوع، تجاوز معدل جزيئات «بي إم 2.5» الأصغر والأكثر ضرراً والتي يمكن أن تدخل مجرى الدم الـ400 ميكروغرام في المتر المكعّب الواحد من الهواء في عدة أحياء من المدينة.
وارتفع هذا المعدّل الأسبوع الماضي، إلى 500، أي أكثر بـ30 مرة من الحد الأقصى المحدّد من جانب منظمة الصحة العالمية.
وحسب مجلّة «ذي لانسيت» الطبية، توفي قرابة 17500 شخص عام 2020 في دلهي بسبب تلوّث الهواء.
وفي لاهور، بلغ معدل جزيئات «بي إم 2.5» صباح اليوم 348 ميكروغراماً في المتر المكعّب الواحد من الهواء، أي أكثر بـ23 مرة من الحد الأقصى المحدّد من جانب منظمة الصحة العالمية.
وقال محمد سعيد وهو عامل زراعي، متوّجهاً إلى السلطات: «الأطفال يعانون من أمراض تنفسية... بالله عليكم توصلوا إلى حل».
منذ سنوات عدة، يبلغ الضباب الدخاني مستويات مقلقة اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) من كلّ عام في باكستان. فعلى غرار جارتها الهند، يتسبب تدني درجات الحرارة المصحوب برياح ضعيفة، بهبوط التلوّث نحو الأرض.
وبنى سكان لاهور في السنوات الأخيرة، أجهزتهم الخاصة لتنقية الهواء ورفعوا دعاوى قضائية ضد مسؤولين حكوميين. إلا أن السلطات لم تتحرك بسرعة وحمّلت الهند مسؤولية تلوّث الهواء وادّعت أن الأرقام مبالغ بها.
وتُصنّف لاهور بشكل منتظم من بين المدن التي تتمتع بأسوأ نوعية هواء في العالم.
وقال التاجر إكرام أحمد: «نحن فقراء، لا يمكننا حتى تحمّل دفع فحصية الطبيب». وأضاف: «يمكننا فقط أن نناشد السلطات ضبط التلوّث. لستُ شخصاً متعلّماً لكنّني قرأتُ أن لاهور لديها أسوأ نوعية هواء وتليها نيودلهي. إذا استمرّ الوضع كذلك سنموت».
وأكد محمد سعيد أن «من قبل كانت لديّ عادة الذهاب للتنزّه مع أطفالي، لكن الآن لم أعد أسمح لهم بالخروج معي». وتابع: «هناك مصانع ومعامل صغيرة تعمل هنا. يجب إما نقلها إلى مكان آخر وإما تزويدها بتقنيات أحدث، كي نتمكن من التخلّص من هذا الضباب الدخاني».