«ناسا» غاضبة من التجربة الصاروخية الروسية «المتهورة» في الفضاء

قال مسؤولون أميركيون إن التجربة الروسية لتدمير قمر صناعي في الفضاء تهدد سلامة الرواد السبعة الموجودين على متن المحطة الدولية (إ.ب.أ)
قال مسؤولون أميركيون إن التجربة الروسية لتدمير قمر صناعي في الفضاء تهدد سلامة الرواد السبعة الموجودين على متن المحطة الدولية (إ.ب.أ)
TT

«ناسا» غاضبة من التجربة الصاروخية الروسية «المتهورة» في الفضاء

قال مسؤولون أميركيون إن التجربة الروسية لتدمير قمر صناعي في الفضاء تهدد سلامة الرواد السبعة الموجودين على متن المحطة الدولية (إ.ب.أ)
قال مسؤولون أميركيون إن التجربة الروسية لتدمير قمر صناعي في الفضاء تهدد سلامة الرواد السبعة الموجودين على متن المحطة الدولية (إ.ب.أ)

وجه المسؤولون الأميركيون انتقادات لاذعة لروسيا، بعدما أجرت تجربة «متهورة» لصاروخ مضاد للأقمار الصناعية، مؤكدين أنها أدت إلى تناثر حطام لأكثر من 1500 قطعة من النفايات الفضائية التي تهدد الآن رواد الفضاء السبعة الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية، في اتهام سارع المسؤولون الروس إلى نفيه، منددين بـ«النفاق» الأميركي.
وبعدما كشف المسؤولون الأميركيون أن التجربة تمثلت بإطلاق صاروخ لتدمير قمر صناعي روسي قديم من طراز «كوزموس 1408» الذي كان يدور على ارتفاع 40 ميلاً (65 كيلومتراً)، وتناثر حطامه في المدار، قال مدير الوكالة الأميركية للطيران والفضاء «ناسا»، بيل نيلسون، لوكالة «أسوشيتيد برس»: «غني عن القول: أنا غاضب»، مضيفاً أنه «من غير المعقول أن تقوم الحكومة الروسية بهذا الاختبار، وتهدد ليس فقط رواد الفضاء الدوليين، ولكن أيضاً رواد الفضاء الخاصين بهم الموجودين على متن المحطة»، فضلاً عن الرواد الثلاثة في محطة الفضاء الصينية. وأكد أن رواد الفضاء يواجهون الآن مخاطر أكبر 4 مرات من المعتاد.
وذكر بأن الروس والأميركيين لديهم شراكة فضائية لمدة نصف قرن، منذ مهمة «أبولو سويوز» المشتركة عام 1975، مضيفاً: «لا أريد أن يجري تهديد» هذه الشراكة.
وكذلك، ندد وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بالتجربة، منبهاً إلى أن الأقمار الصناعية صارت الآن في خطر. وقال في بيان إن الاختبار يوضح أن روسيا «على الرغم من ادعاءاتها عن معارضة تسليح الفضاء الخارجي، فهي مستعدة (...) لتعريض استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي من قبل جميع الدول للخطر من خلال سلوكها المتهور غير المسؤول».
وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، أن البنتاغون يتقاسم «القلق» مع وزارة الخارجية، مؤكداً أن «الشاغل الأكثر إلحاحاً هو الحطام نفسه الذي يطفو الآن في الفضاء، ويمكن أن يصبح خطراً، بما في ذلك على محطة الفضاء الدولية، وهو ما نراقبه من كثب». وأضاف أن «أنواع القدرات التي تمتلكها روسيا، ويبدو أنها تريد تطويرها، لا تشكل تهديداً فقط لمصالح أمننا القومي، ولكن أيضاً للمصالح الأمنية للدول الأخرى التي ترتاد الفضاء». ولفت إلى أن موسكو لم تبلغ الأميركيين مسبقاً عن الاختبار.
وبمجرد أن صار التهديد واضحاً، الاثنين، صدرت أوامر للرواد الأميركيين الأربعة، والألماني والروسيين الاثنين، باللجوء على الفور إلى كبسولاتهم، فأمضوا بالفعل ساعتين في كبسولتين، قبل أن يخرجوا أخيراً من أجل إغلاق وإعادة فتح بوابات مختبرات الأفراد عندما تمر المحطة قرب الحطام. وبحلول نهاية الاثنين، بقيت الفتحات المؤدية إلى قلب المحطة فقط مفتوحة، حيث كان أفراد الطاقم نياماً، وفقاً لنيلسون الذي أوضح أنه حتى قشرة من الطلاء يمكن أن تحدث أضراراً جسيمة عند الدوران بسرعة 17500 ميل (28 ألف كيلومتر) في الساعة. ويمكن لقطعة كبيرة، عند الاصطدام، أن تؤدي إلى كارثة.
وكان اختبار أسلحة مماثل أجرته الصين عام 2007 قد أدى إلى عدد لا يحصى من الحطام. واقتربت إحدى تلك القطع بشكل خطير من المحطة الفضائية الأسبوع الماضي، مما دفع «ناسا» إلى تحريك المحطة الدولية من مكانها.
وأجريت اختبارات الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية من الولايات المتحدة عام 2008، والهند عام 2019، على ارتفاعات أقل بكثير من مدار المحطة الفضائية.
وحتى الاثنين، كانت قيادة الفضاء الأميركية تتعقب نحو 20 ألف قطعة من النفايات الفضائية، بما في ذلك الأقمار الصناعية القديمة والتالفة من أنحاء العالم. وقال جوناثان ماكدويل، من مركز هارفرد سميثسونيان للفيزياء الفلكية، إن الأمر سيستغرق أياماً، إن لم يكن أسابيع وأشهراً، لتصنيف قطع الحطام الجديد وتأكيد مداراتها. وأكد أن المحطة الفضائية معرضة بشكل خاص لخطر كبير لأن الاختبار حدث قرب مدارها. وأشار إلى أن كل الأجسام الموجودة في مدار أرضي منخفض -بما في ذلك محطة الفضاء الصينية، وحتى تلسكوب هابل الفضائي- ستكون في «خطر أكبر إلى حد ما» خلال السنوات القليلة المقبلة.

«روسكوزموس»
ولم تؤكد وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) أو تنفي التجربة، مكتفية بأن «السلامة غير المشروطة للطاقم كانت -ولا تزال- أولويتنا الرئيسية». وأفادت عبر «تويتر» أيضاً بأنه طُلب من رواد الفضاء التوجه إلى كبسولاتهم. وغرد قائد المحطة الفضائية الروسي، أنطون شكابلروف: «أيها الأصدقاء، كل شيء منتظم معنا!».
غير أن وزارة الدفاع الروسية أقرت، أمس (الثلاثاء)، بإجراء التجربة، وتدمير القمر الصناعي الذي وضع في المدار عام 1982، لكنها أصرت على أن «الولايات المتحدة تعرف على وجه اليقين أن الشظايا الناتجة، من حيث وقت الاختبار والمعايير المدارية، لم ولا تشكل تهديداً للمحطات المدارية والمركبات الفضائية ونشاطات الفضاء». ووصفت تصريحات المسؤولين الأميركيين بأنها «منافقة».
وردد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه من «النفاق» القول إن روسيا تخلق مخاطر للنشاطات السلمية في الفضاء.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار وكالة «ناسا» (رويترز)

ترمب يرشح جاريد إيزاكمان لرئاسة «ناسا»

رشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليوم الأربعاء جاريد إيزاكمان لقيادة إدارة الطيران والفضاء (ناسا).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق صورة رادارية تكشف عن قاعدة عسكرية مهجورة في غرينلاند (ناسا)

إنجاز علمي جديد... «ناسا» ترصد «مدينة تحت الجليد» مدفونة في غرينلاند

كشفت صورة رادارية التقطها علماء «ناسا» أثناء تحليقهم فوق غرينلاند عن «مدينة» مهجورة من حقبة الحرب الباردة تحت الجليد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».