معارك متصاعدة في مأرب والميليشيات تقصف أبراج الاتصالات

TT

معارك متصاعدة في مأرب والميليشيات تقصف أبراج الاتصالات

أفادت مصادر عسكرية يمنية أمس (الثلاثاء) بتصدي قوات الجيش والمقاومة الشعبية لهجمات حوثية جنوب محافظة مأرب وفي غربها، في حين أقدمت الميليشيات على قصف أبراج الاتصالات ما تسبب في انقطاع الخدمة عن المدينة.
وعلى وقع المعارك المستمرة في جبهات مأرب والبيضاء وإعادة الانتشار التي نفذتها القوات اليمنية المشتركة جنوب محافظة الحديدة، واصل تحالف دعم الشرعية في اليمن إسناد القوات من خلال عشرات الضربات الجوية في مأرب والبيضاء إلى جانب إسناده لعمليات القوات خارج المناطق المشمولة باتفاق «استوكهولم».
وفي هذا السياق أفاد تحالف دعم الشرعية في اليمن أنه نفذ 27 عملية استهداف ضد الميليشيا الحوثية في مأرب والبيضاء خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأوضح التحالف في بيان مقتضب بثته «واس» أن الاستهدافات دمرت 16 آلية عسكرية وتم من خلالها القضاء على أكثر من 130 عنصراً إرهابياً.
وفي الساحل الغربي حيث أعادت القوات اليمنية المشتركة إعادة انتشارها جنوب محافظة الحديدة، أفاد التحالف بأنه نفذ أربع عمليات استهداف لدعم قوات الساحل وحماية المدنيين.
هذه الضربات من قبل تحالف دعم الشرعية جاءت غداة إعلانه تنفيذ 26 عملية استهداف ضد الميليشيات الحوثية في محافظتي مأرب والبيضاء حيث دمرت الاستهدافات 18 آلية عسكرية ومخازن أسلحة وقضت على أكثر من 140 عنصراً إرهابياً.
كما أعلن التحالف أنه يدعم عمليات القوات اليمنية بالساحل الغربي خارج مناطق نصوص «اتفاق استوكهولم»، مؤكدا تنفيذ 11 عملية استهداف لدعم القوات وحماية المدنيين.
ومع استماتة الميليشيات المدعومة من إيران في مهاجمة مأرب من الجهات الجنوبية والغربية ومن جهة محافظة الجوف المجاورة، قدرت مصادر عسكرية أنها خسرت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل خلال الأسابيع العشرة الماضية.
إلى ذلك أفادت مصادر الإعلام العسكري بأن الجيش اليمني والمقاومة الشعبية يواصلان التصدي للهجمات الحوثية شمال مديرية الجوبة، حيث تسعى الميليشيات إلى التقدم لخنق مدينة مأرب من جهة الجنوب.
ونقل الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر نت) عن قائد اللواء 117 مشاة العميد الركن أحمد النقح، تأكيده «العزم على تحقيق النصر المبين، وتحرير كامل تراب البلاد من قبضة الميليشيات».
وقال النقح إن عناصر الجيش والمقاومة الشعبية، «كبدوا ميليشيا الحوثي الإيرانية خسائر بشرية ومادية كبيرة خلال المعارك العسكرية والقتالية التي يخوضونها على مدى شهرين متتاليين في الجبهة الجنوبية لمحافظة مأرب».
وأشار إلى أن مدفعية الجيش دمرت صباح الاثنين خمس عربات قتالية تابعة للميليشيات الإيرانية، ما أسفر عن مصرع جميع من كانوا على متنها في الجبهة الجنوبية.
وأضاف العميد النقح أن طيران تحالف دعم الشرعية استهدف بعدة غارات جوية مركزة تجمعات وتعزيزات وآليات ميليشيا الحوثي جنوب محافظة مأرب، ودمرها كلياً.
وكانت مصادر طبية يمنية أفادت بأن المستشفيات الخاضعة للميليشيات الحوثية في صنعاء وذمار والبيضاء وإب باتت ممتلئة بجثث عناصر الجماعة وبالجرحى الذين سقط أغلبهم في جبهات مأرب.
على الصعيد السياسي، جددت الحكومة اليمنية دعوتها للضغط على الميليشيات الحوثية لإرغامها على السماح بصيانة خزان صافر النفطي المهدد بالانفجار في مياه البحر الأحمر، بحسب ما جاء في تصريحات لوزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال لقائه في الرياض سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لدى اليمن.
وذكرت المصادر الرسمية أن بن مبارك استعرض مع السفراء الخمسة التطورات في بلاده على الصعيد: الإنساني، والاقتصادي، والسياسي، والعسكري.
وبحسب ما نقلته وكالة «سبأ» أشار وزير الخارجية إلى مدى الضغوط والتحديات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة والتي تهدد بتفاقم الوضع الإنساني في نتيجة لانخفاض سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وأنه «أكد على أهمية دعم الحكومة اليمنية اقتصاديا وتوفير الدعم المالي اللازم للبنك المركزي للمساعدة في تحسين صرف العملة».
وفي حين لفت بن مبارك، إلى المساعي التي تبذل لاستكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، أكد «على روح التماسك والوئام بين أعضاء الحكومة والعمل بروح الفريق الواحد لتجاوز كافة الصعوبات والتحديات».
وأشاد وزير الخارجية اليمني، بالزيارات المتعددة للمسؤولين الدوليين التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن والتي «تضمنت رسائل واضحة بدعم الحكومة سياسيا ودعم توجهاتها الهادفة لتوحيد المواقف والرؤى للمكونات السياسية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي لتعزيز قدرتها على خدمة اليمنيين ولتهيئة الظروف لاستئناف جهود السلام العادل والمستدام المستند إلى المرجعيات الثلاث».
وأفادت المصادر نفسها بأن الوزير اليمني تطرق خلال لقائه السفراء إلى «الوضع العسكري في محافظة مأرب وعبر عن ثقة الحكومة بالجيش وأشاد بالانتصارات التي حققها في جبهات القتال مسنوداً بأبناء القبائل، ووصف الجيش الوطني بأنه «صمام أمان لليمن والصخرة التي ستتبدد عليها أوهام الحوثيين» وفق تعبيره.
وفي سياق تجديد التحذيرات من الخطر الوشيك لخزان صافر النفطي، ذكرت المصادر أن بن مبارك «أشار إلى أهمية إبقاء التركيز على قضية خزان النفط صافر وبذل ما أمكن من جهود لنزع فتيل الكارثة البيئية والإنسانية التي يشكلها الوضع المتدهور للخزان».
ونسبت وكالة «سبأ» إلى السفراء الخمسة أنهم «عبروا عن دعمهم للجهود التي تبذلها الحكومة، وأشادوا بالخطوات الشجاعة التي اتخذتها بهدف توحيد الجهود واستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وجددوا دعم بلدانهم الكامل لوحدة وأمن واستقرار اليمن والاستمرار في بذل الجهود لإنهاء الحرب والمساهمة في استعادة الأمن والاستقرار».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.