تحرك عربي لمنع الإرهابيين من استخدام وسائل الإعلام

بحسب مسودة مشروع قواعد السلوك الإعلامي من إعداد جامعة الدول العربية

TT

تحرك عربي لمنع الإرهابيين من استخدام وسائل الإعلام

طالب مشروع قرار عربي الدول العربية بتنسيق سياساتها الإعلامية الخاصة بقضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، وتطوير التشريعات اللازمة لتنظيم عمل القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها.
ودعا القرار إلى وقف القنوات والمؤسسات الإعلامية الداعمة للجماعات الإرهابية، إلى جانب اتخاذ تدابير مشتركة لمنع الإرهابيين من البث عبر الفضاء والحد من انتشار رسائلهم التي تنشر الفكر الإرهابي.
وبحسب مسودة مشروع مدونة قواعد السلوك للتعامل الإعلامي مع الأحداث الإرهابية الذي أعدته الأمانة العامة للجامعة العربية وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، دعت المادة الأولى إلى وضع معايير دولية محددة ومتفق عليها لضبط وتعريف الإرهاب بمفرداته وأركانه، والتمييز بينه وبين نضال الشعوب في سبيل التحرر من الاستعمار، وتقرير مصيرها وفقا لمبادئ القانون الدولي، ومواثيق وإعلانات الأمم المتحدة.
فيما شددت المادة الثانية على أهمية تنسيق السياسات الإعلامية بين وسائل الإعلام المختلفة في الدول العربية، فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، وتطوير التشريعات الإعلامية المنظمة لعمل القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها وتقييم مواقفها، مطالبة بوقف القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية المختلفة الداعمة للجماعات الإرهابية.
وأكدت الجامعة العربية أن هذا المشروع الذي أرسل للدول الأعضاء لإبداء مرئياتهم، يأتي اتساقاً مع جهودها في مكافحة الإرهاب والتطرف وضمن الاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب التي أقرها وزراء الإعلام العرب في 2013.
المشروع العربي يدعو أيضاً إلى اتخاذ تدابير مشتركة لمنع الإرهابيين من البث عبر الفضاء والحد من انتشار رسائلهم التي تنشر الفكر الإرهابي وبث الرسائل التي تتسم بالاعتدال والدعوة إلى التآلف والتعايش السلمي بين مختلف المجتمعات والأديان.
كما نص المشروع المقترح على وضع رؤية موحدة في كل الدول العربية من خلال تحديد هدف عام يتمثل في القضاء على الجريمة الإرهابية إعلامياً، وتبني مفهوم الأمن الشامل بإشراك منظمات المجتمع المدني.
كما دعت الجامعة العربية إلى صناعة رأي عام يواجه جريمة الإرهاب من خلال إدخال قوالب ومضامين جديدة للمعالجات الإعلامية خاصة في الدراما، والتوعية بخطورة الإرهاب من خلال دراسة البيئة الداخلية لإعلام الدول للتعرف على المصالح الاستراتيجية الوطنية ونقاط الضعف والقوة.
وحثت مسودة القرار وسائل الإعلام المختلفة على التنسيق فيما بينها في معالجة هذه الظاهرة، والابتعاد عن كل ما يروج له الإرهابيين، ووضع معايير لكيفية تناول التغطيات الإعلامية للعمليات الإرهابية، خاصة تلك التي تستهدف أدياناً أخرى على أنها عمليات بطولية، ومنع استغلال الإرهابيين للدين لكسب التعاطف وإضفاء طابع الشرعية على أعمالهم الإجرامية.
إلى جانب رعاية وتشجيع مراكز الأبحاث والدراسات الإعلامية والاجتماعية في الوطن العربي للاهتمام بدراسة الإعلام الإرهابي والإرهاب الإعلامي، واستغلال الإعلام الجديد وتقنياته للتصدي للإرهاب.
كما يدعو مشروع القرار إلى تحديد وتطبيق مفاهيم ومصطلحات محددة لاستعمالها في التناول الإعلامي للإرهاب في مختلف وسائل الإعلام، وتعزيز منهج الخطاب الإسلامي في وسطيته واعتداله وانفتاحه بما يتفق مع خصوصية كل مجتمع من المجتمعات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.