إغلاق مقرات انتخابية لمنع ترشح حفتر وسيف القذافي للانتخابات الليبية

مسلحون في الزاوية يحذّرون من «حرب ضروس لا تبقي ولا تذر»

سيف الإسلام القذافي خلال تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية داخل أحد مراكز الاقتراع في مدينة سبها أول من أمس (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية داخل أحد مراكز الاقتراع في مدينة سبها أول من أمس (رويترز)
TT

إغلاق مقرات انتخابية لمنع ترشح حفتر وسيف القذافي للانتخابات الليبية

سيف الإسلام القذافي خلال تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية داخل أحد مراكز الاقتراع في مدينة سبها أول من أمس (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقديم ترشحه للانتخابات الرئاسية داخل أحد مراكز الاقتراع في مدينة سبها أول من أمس (رويترز)

قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، أمس إن هناك «خطوات جادة» يجري اتخاذها باتجاه «تسوية» فيما يتعلق بالانتخابات، المزمع إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في إطار «عملية سلام»، وجاء ذلك تزامنا مع تصاعد رفض الميليشيات المسلحة غرب البلاد لترشح سيف الإسلام القذافي، والمشير خليفة حفتر للانتخابات.
وهاجمت أمس مجموعة مسلحة، تابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، مقر مفوضية الانتخابات بمدينتي زليتين والخمس، وطردت الموظفين بقوة السلاح، في أول استجابة من نوعها لتحريض خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في طرابلس على مهاجمة مقرات المفوضية وعرقلة عملها.
فيما أكد شهود عيان بـ«زليتين» إغلاق مقر مفوضية الانتخابات، بعد تجمهر بعض المواطنين أمامه.
ودعا بيان لحكماء وأعيان مدينة «الخمس»، وقادة القوات الموالية للحكومة، ضمن ما يعرف بعملية «بركان الغضب»، إلى تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، باعتبارها الفاصل الوحيد لأي خلافات أو طعون دستورية في القوانين الانتخابية، كما طالبوا بإعادة هيكلة مفوضية الانتخابات لضمان أداء مهامها بشكل نزيه وشفاف.
وجاءت هذه التطورات بعد أن أعلن قادة وثوار ميليشيات مدينة الزاوية في بيان لهم، أول من أمس، رفضهم لترشيح سيف الإسلام القذافي والمشير حفتر، ووصفوهما بالمجرمين، وتوعدوا بإفشال ذلك بكل الطرق، ولو أدى ذلك لاستعمال للقوة. كما حذر البيان من اندلاع «حرب ضروس لا تبقي ولا تذر»، محملا المفوضية العليا للانتخابات مسؤولية ما سيترتب عن قبولها مطلب ترشحهما وتبعاته.
وأغلق مسلحون بالمدينة المكاتب الانتخابية رفضا لترشح سيف الإسلام وحفتر للانتخابات، فيما شهدت مدينة الزنتان، حيث اعتقل نجل القذافي، استعراضا عسكريا لميليشيات مسلحة لإعلان رفضها لترشحه. كما تظاهر محتجون أمام الدائرة الانتخابية بمدينة مصراتة؛ احتجاجاً على ترشح سيف وحفتر، وأعلن مجلس أعيان المدينة رفض إجراء الانتخابات دون التوافق على قاعدة دستورية، وسط معلومات عن اجتماع لقادة الثوار، وأمراء الكتائب والقادة الميدانيين في طرابلس، ومصراتة لتصعيد الموقف ضد مفوضية الانتخابات.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن مصدر توقف العمل بالإدارة الانتخابية «الجبل - 1» في مدينة غريان بشكل مؤقت، نتيجة احتجاج بعض الشبان الرافضين لترشح نجل القذافي، مشيرا إلى أن الإدارة ستباشر عملها اليوم، بعد تسوية المشكل، وقيام الأجهزة الأمنية المختصة بغريان بفض التجمع. لكن الوكالة وصفت الوضع في المدينة بأنه لا يزال متوترا وغير واضح، واعتبرت أن كل التطورات ورادة، بعد تهديد بعض الشباب بإغلاق مقر الإدارة.
وأعيد فتح بعض المقرات في معظم مدن المنطقة الغربية بعد ساعات من إغلاقها، إثر تدخل قوات أمنية تابعة لحكومة الوحدة، لكن مصادر محلية حذرت من احتمال تصاعد الموقف في أي وقت.
ولم تعلق مفوضية الانتخابات على هذه التطورات، لكنها أعلنت أمس أن مرشحين اثنين فقط تقدما حتى الآن لمنصب رئاسة الدولة، بعدما قدما ملفات ترشحهما للإدارتين الانتخابيتين بطرابلس وسبها، فيما لم يتم تسجيل أي مرشح للرئاسة في إدارة بنغازي الانتخابية (شرق).
كما أعلنت أن إجمالي عدد المرشحين للانتخاب البرلمانية في كل الدوائر الانتخابية وصل إلى 601 مرشح حتى مساء أول من أمس.
وفي مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء أول من أمس، شدد المنفي على أنه «لا بد أن نكون متفائلين، ونأمل أن تكون هناك انتخابات في موعدها بتوافق الليبيين»، وأضاف دون الخوض في التفاصيل «هناك الآن خطوات جادة لكي يكون هناك توافق لإجراء الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر».
وقال المنفي: «نحاول قدر الإمكان أن تنتهي هذه العملية بشكل ديمقراطي وشفاف ومقبول لدى كافة الليبيين في 24 ديسمبر حتى نسلم السلطة لسلطة منتخبة». وبعدما اعتبر أنه يجب ألا تكون هناك خلافات على المرشحين، الذين تنطبق عليهم بنود القوانين الانتخابية، بمجرد الموافقة على ترشحهم، أوضح المنفي: «نحن لن نقلق من وجود أي شخصية يرى قانون الانتخابات أن الشروط تنطبق عليها».
وتهدد الخلافات حول جدول وقواعد الانتخابات، بما في ذلك من يجب السماح لهم بخوضها، بإخراج عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة عن مسارها، بينما يراها البعض الأمل الكبير منذ سنوات لإنهاء فوضى استمرت منذ عقد.
وكان السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، قد كشف النقاب في تصريحات لوسائل إعلام محلية، النقاب عن اعتزام بلاده معاقبة الداعين للعنف، قبل وأثناء وبعد الانتخابات، بما في ذلك من يحاولون عرقلة إجرائها في موعدها، والذين يشككون في نتائجها.
لكن عبد الحميد الدبيبة تجاهل هذه التطورات، وقال في كلمة أمس داخل معهد تدريب جهاز الحرس البلدي: «إننا ننظر إلى المستقبل، ولا نلتفت إلى الوراء، وعلم البلاد بنجمته وهلاله سيظل شامخا».
وكان الدبيبة قد أكد خلال اجتماعه بطرابلس مع ناشطات وحقوقيات، أول من أمس، «ضرورة مشاركة المرأة بفاعلية في المجال السياسي من خلال الانتخابات». فيما طالب الحضور بزيادة تمكين النساء من تقلد المناصب على مختلف المستويات والمجالات، وعبر عن انزعاجه من التمييز الذي تتعرض إليه الليبيات المتزوجات من غير الليبيين وكذلك الأبناء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.