مطالبات بـ«عقوبات دولية» ضد معرقلي الانتخابات الليبية

وسط مخاوف من استغلالها لتصفية الحسابات بين الأطراف السياسية

ليبي يسجل بياناته للحصول على بطاقة الناخب داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس (أ.ف.ب)
ليبي يسجل بياناته للحصول على بطاقة الناخب داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

مطالبات بـ«عقوبات دولية» ضد معرقلي الانتخابات الليبية

ليبي يسجل بياناته للحصول على بطاقة الناخب داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس (أ.ف.ب)
ليبي يسجل بياناته للحصول على بطاقة الناخب داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس (أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الليبية، طالب سياسيون ليبيون بضرورة إخضاع معرقلي الاستحقاق المرتقب للعقوبات الدولية، في وقت تمسك فيه آخرون بمحاسبتهم أمام القضاء المحلي.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، محمد عامر العباني، إن المجتمع الدولي «مطالب بالتدخل، ومعاقبة كل من يريد انتهاك حق الشعب الليبي في التعبير عن إرادته في إجراء الانتخابات»، مشيرا إلى أنه «قد يصعُب محاكمة هؤلاء المعرقلين محلياً، لذا يجب مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لفرض عقوبات مناسبة لحجم هذا الجرم».
وكان البيان الصادر عن «مؤتمر باريس»، الذي انعقد الجمعة الماضي، قد شدد على أن «الأفراد أو الكيانات داخل ليبيا أو خارجها، التي قد تحاول عرقلة الانتقال السياسي والعملية الانتخابية، أو تقوضها أو تتلاعب بها ستخضع للمساءلة، وقد تُدرج في قائمة لجنة الجزاءات التابعة للأمم المتحدة».
ورأى العباني أن «التعويل على دور المجتمع الدولي في حماية الانتخابات يأتي في إطار التزامه قانونيا وأخلاقيا، نظرا لتدخله قبل عشر سنوات لإسقاط النظام السابق بقوة السلاح، وبات عليه الآن مساعدة الليبيين في إقامة نظامهم السياسي وبناء دولتهم». مبرزا أن «الرهان الحقيقي على وجود حراك شعبي واسع التأثير لتأمين الانتخابات من أي محاولة لاستهدافها».
يذكر أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، سبق أن دعا الليبيين إلى الاعتصام أمام مفوضية الانتخابات، للتعبير عن رفض الاقتراع المرتقب، كما طالب الناخبين والمرشحين بعدم المشاركة في العملية الانتخابية.
من جانبه، رأى عضو المجلس، النائب زياد دغيم، أنه من الأفضل إخضاع «من يوصفون بعرقلة الانتخابات الليبية، أو أي جريمة أخرى أمام القضاء الوطني، لكون ليبيا دولة ذات سيادة»، رافضاً التعويل «على أي جهة خارجية، سواء الأمم المتحدة أو أي دولة أخرى، في معاقبة من يُتهمون بعرقلة الانتخابات».
وقال دغيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب التوافق أولاً حول تعريف واضح للطرف المعرقل للانتخابات والعملية السياسية؛ والأدوات والتحركات التي قد يلجأ إليها، كي لا يتم إطلاق التهم جزافا، ويتم استغلال الأمر في إطار تصفية الحسابات بين الأطراف السياسية».
واختلف دغيم مع ما يطرحه البعض حول أن العقوبات الدولية قد تكون وسيلة ردع قوية للمعرقلين، بقوله: «من يسعى إلى عرقلة الانتخابات بهدف الحفاظ على مصالحه أو نفوذه، لن يلتفت أو يهتم لموضوع العقوبات، سواء أميركية أو أممية».
وكانت بعض قيادات عملية «بركان الغضب»، التابعة للحكومة الليبية، قد عبرت عن رفضها لقوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، ورأت أنها «صدرت دون توافق سياسي».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، فيرى أنه يتعين على الدول الكبرى، المعنية بالشأن الليبي، التفكير بأوضاع الليبيين في اليوم التالي لإجراء الانتخابات، المقررة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) «عبر فرض عقوبات جدية ومؤثرة على رافضي نتائج الانتخابات».
وقال بن شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد إجراء الانتخابات سيكون هناك رابح وخاسر، وقد لا يقبل الخاسر التسليم بسهولة بالنتائج، وهناك سلاح منتشر بدرجة كبيرة. بالإضافة إلى وجود دول تدعم أطراف الصراع»، مشيراً إلى أن «التلويح بإخضاع المعرقلين للمساءلة، كما ورد في بيان مؤتمر باريس خطوة جيدة، ولكن جاء ذلك دون إعلان واضح من مجلس الأمن، ولذا سيظل الأمر في نطاق الدعوات والنوايا الحسنة».
ولفت بن شرادة إلى أن التمثيل الضعيف لتركيا وروسيا في المؤتمر «ربما أعطى إشارة سلبية، وربما يساعد الأطراف المعرقلة على زيادة تعنتها»، مقللا من جدوى العقوبات الواردة في قانون «دعم استقرار ليبيا»، الذي أصدره مجلس النواب الأميركي مؤخراً. ومشيرا إلى أن «أغلب الأطراف السياسية، وقادة التشكيلات، وحتى سارقي المال العام في ليبيا، لم يضعوا أموالهم بالبنوك الأميركية، وربما لا يفكرون في السفر إليها، أو إلى أي دولة أوروبية، ولديهم خيار البقاء بالبلاد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.