المعارضة تستعد للسيطرة على درعا.. والقوات النظامية تمنعها بقصف ريف دمشق الجنوبي

حملة اعتقالات في العاصمة السورية وريفها أمس كان أعنفها في بلدة الكسوة

سكان قرية معربا بريف درعا يعاينون الدمار الذي سببه سقوط براميل متفجرة من طيران النظام قبل أسبوعين (رويترز)
سكان قرية معربا بريف درعا يعاينون الدمار الذي سببه سقوط براميل متفجرة من طيران النظام قبل أسبوعين (رويترز)
TT

المعارضة تستعد للسيطرة على درعا.. والقوات النظامية تمنعها بقصف ريف دمشق الجنوبي

سكان قرية معربا بريف درعا يعاينون الدمار الذي سببه سقوط براميل متفجرة من طيران النظام قبل أسبوعين (رويترز)
سكان قرية معربا بريف درعا يعاينون الدمار الذي سببه سقوط براميل متفجرة من طيران النظام قبل أسبوعين (رويترز)

أبعدت قوات المعارضة السورية القوات الحكومية عن الشريط الحدودي مع الأردن في محافظة درعا الجنوبية، بعد معركة السيطرة على معبر نصيب الحدودي، ولم يبق لها سوى 3 مواقع عسكرية حدودية مع الأردن تتبع إداريا لمحافظة السويداء، بينما يستكمل نظام الرئيس السوري بشار الأسد معركة تأمين العاصمة السورية من جهة الجنوب، عبر إجراءات أمنية مشددة، اتخذها في بلدات الغوطة الغربية لدمشق، ومثلث درعا – القنيطرة – دمشق.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات النظامية «تحتفظ بالسيطرة على 3 نقاط عسكرية توجد فيها سرايا تابعة للجيش، على الحدود الأردنية، وتتبع محافظة السويداء في جنوب شرقي البلاد»، مشيرا إلى أن الشريط الحدودي بين محافظة درعا والأراضي الأردنية، «باتت خالية من النقاط العسكرية»، على الرغم من أن هناك «عددا قليلا من البلدات السورية الحدودية مع الأردن لا تزال خاضعة لسيطرة النظام»، فضلا عن مدينة درعا. وأشار إلى أن المنطقة الواقعة غرب درعا والممتدة إلى محافظة القنيطرة «باتت بلداتها خالية تماما من سيطرة النظام».
وتحكم القوات الحكومية سيطرتها على مدينة درعا، والخط الواصل منها إلى العاصمة السورية، عبر مدينتي إزرع والصنمين اللتين تعدان أبرز المعاقل العسكرية للنظام في جنوب سوريا، بينما تنقسم السيطرة على مدينة درعا بين قوات المعارضة والقوات النظامية.
ويقول ناشطون سوريون إن قوات النظام «تتخوف من سيطرة المعارضة على كامل مدينة درعا»، وهو ما دفعها إلى «اتخاذ إجراءات استباقية تمثلت في نقل مساكن الضباط في درعا البلد إلى مدينة إزرع سرا». لكن عبد الرحمن، لا ينظر إلى ذلك الإجراء بوصفه عملية نقل استراتيجية، قائلا إن ذلك «جزء من احتياطات يتخذها النظام في حال ثبوتها، ولا تؤثر استراتيجيا على مسار المعركة، لأنه لا ينقل مقرات إدارية، كما فعل في إدلب قبل سقوطها بيد قوات المعارضة، كما أنه لا ينقل مقرات ووحدات عسكرية».
ويطلق الناشطون اليوم عبارة «درعا هي إدلب الجنوب»، في وصفهم للحراك العسكري المعارض في المدينة، في إشارة إلى إمكانية سيطرة المعارضة عليها، كما حصل الأسبوع الماضي في مدينة إدلب في شمال البلاد. ويستدل هؤلاء على «الإمكانية العسكرية المتفوقة لقوات المعارضة»، كما يقول عضو مجلس الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى «إسقاط المعارضة لطائرة ميغ في درعا اليوم (أمس) عبر استهدافها بصاروخ حراري من نوع (إيغلا)»، فضلا عن «تفجير مستودع للذخائر العسكرية قرب قرية خربة غزالة».
وتركز القوات النظامية ضرباتها في المنطقة المتصلة بريف دمشق الجنوبي، والغوطة الغربية، منعا لوصول قوات المعارضة إلى العاصمة السورية. ويقول عبد الرحمن إن المعارك التي يخوضها النظام في هذه الأيام، «تتركز في مثلث درعا – دمشق – القنيطرة، بهدف تعزيز الحزام الأمني الذي يحاول إحاطة دمشق بها، منعا لتقدم المعارضة من جهة الجنوب، لأن الاقتراب من دمشق هو بمثابة خط أحمر»، مشيرا إلى أن النظام في هجمات سابقة «تمكن من قطع اتصال قوات المعارضة في درعا مع المعارضين في دمشق، كما قطع الاتصال بين المعارضين في شمال القنيطرة المحاذي لريف العاصمة، مع المعارضين في ريف درعا الشمالي»، لكن «الاشتباكات بردت بعد الهجمات الأخيرة»، إذ «أوقف النظام هجماته عند تل الحارة الاستراتيجي، لأن معركة مشابهة يمكن أن تكلفه خسائر بشرية كبيرة، فضلا عن أنه سيضع نفسه على تماس مع إسرائيل التي يمكن أن تتدخل من الجولان».
ويؤكد معارضون أن النظام «أطلق حملة أمنية في مناطق ريف دمشق الغربي المتصل بدرعا»، إذ أشار الداراني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن القوات الحكومة «نفذت أمس حملة اعتقالات في دمشق وريفها، كان أعنفها في بلدة الكسوة» التي تعد ثالث مدينة واقعة على طريق دمشق – درعا الدولي الذي يبدأ من القدم، مرورا بمدينة صحنايا، وصولا إلى الكسوة. ولفت إلى أن قوات النظام «تتحرك عسكريا أيضا باتجاه الكسوة، حيث نقلت حواجز عسكرية وتقدم إلى عمق البلدة بعد اشتباكات مع قوات المعارضة»، مشيرا إلى أن الاعتقالات «طالت أيضا طفلا في الـ11 من عمره».
وجاء ذلك في ظل هجوم جديد شنته قوات المعارضة على بلدة كفر شمس التي كانت القوات النظامية استعادت السيطرة عليها في فبراير (شباط) الماضي، وأسفرت عن تقدم قوات المعارضة على الحواجز الجنوبية والشرقية لبلدة كفر شمس.
بدوره، قال المرصد السوري إن الطيران الحربي نفذ غارتين على مناطق في بلدة كفر شمس، بينما نفذ سلاح الجو غارات على مناطق في البلدة والأراضي المحيطة بها، ومناطق أخرى في تل عنتر بريف درعا، وسط اشتباكات بين مقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها في منطقة كفر شمس من جهة أحرى، لافتا إلى تقدم المقاتلين في المنطقة.
وبالتزامن، قتل 7 مواطنين بينهم سيدة و4 أطفال، جراء قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة لمناطق في مدينة بصرى الشام بريف درعا، بينما وثق المرصد سقوط 21 برميلا متفجرا على مناطق في بلدتي زمرين وسملين بريف درعا الشمالي الغربي، ومدينة أنخل.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.