منح الجنسية خطوة تعزز تحوّل الاقتصاد السعودي

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: تجنيس الكفاءات الأجنبية ممارسة عالمية تولد تنافسية الأداء وتدعم الإنتاج والابتكار

السعودية تفتح باب تجنيس الكفاءات دعماً لعجلة التنمية واستثمار العقول
السعودية تفتح باب تجنيس الكفاءات دعماً لعجلة التنمية واستثمار العقول
TT

منح الجنسية خطوة تعزز تحوّل الاقتصاد السعودي

السعودية تفتح باب تجنيس الكفاءات دعماً لعجلة التنمية واستثمار العقول
السعودية تفتح باب تجنيس الكفاءات دعماً لعجلة التنمية واستثمار العقول

في الوقت الذي صدرت فيه الموافقة السامية السعودية على منح الجنسية لعدد من أصحاب الكفاءات المتميزة والخبرات والتخصصات النادرة، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة تشكل قفزة لاستقطاب ذوي الخبرات والكفاءات النوعية للمساهمة في تنمية المملكة التي تعيش فترة انتقالية في تحول الاقتصاد الوطني.
ويأتي القرار السعودي على ضوء الأمر الملكي بفتح باب تجنيس الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية بما يسهم في تعزيز عجلة التنمية ويعود بالنفع على الوطن في المجالات المختلفة تماشياً مع (رؤية 2030) الهادفة إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المتميزين والمبدعين.
وبين الخبراء، أنه عقب تنظيم هذا الملف بشكل يليق بطموحات المملكة في الفترة الحالية وتقنين الحصول على الجنسية ستنعكس إيجاباً على كافة القطاعات سواء الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، مؤكدين أن السعودية تسعى في المرحلة المقبلة أن تتصدر دول العالم في كافة المجالات، وبالتالي فإن منح الجنسية لذوي الخبرات والتخصصات النادرة ستسهم في تحقيق تطلعات الدولة.

وأوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار الحكومة السعودية ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامي إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المتميزين والمبدعين، مبيناً أن منح الجنسية للكفاءات الأجنبية لا يقلل مطلقاً من شأن العقول الماهرة الوطنية كونها تُعد ممارسة عالمية متبعة في أكثر الدول تطوراً وتقدماً وتخلق التنافسية الكاملة في عناصر الإنتاج كما أنه سيلقي بظلاله على توالد الخبرات وتوطينها ويشكل حلقة متكاملة من حضانة الأفكار والمهارات المفيدة.
وبين الجبيري، أن المملكة اليوم تشهد تحولاً كبيراً في تعزيز القيمة المضافة وهو ما فتح المجال للاستقطاب من خلال توظيف ممكنات الثراء وأصحاب رؤوس الأموال عبر نظام الإقامة المميزة ما شكل بعداً مهماً نحو دورانها واستثمارها على المدى القصير والطويل والذي بدوره سيخلق قاعدة متينة من كفاءة الأداء الاقتصادي على نحو من التنوع والاستدامة، والآن تعمل على جذب العقول والكفاءات ممن يقدمون قيمة بخطوط اقتصادية متوازنة وفعالة.
وواصل الخبير الاقتصادي: «عالمياً بما في ذلك الدول الصناعية والمتقدمة، تتضمن رؤيتها المستقبلية واستراتيجيتها التنموية الشاملة فتح أبوابها لاستقطاب الكفاءات وفق سياسات معينة، فجاءت بعقول فذة ومبدعة ومبتكرة يمكن أن تسهم في نهضة البلاد والأمثلة كثيرة»، مستطرداً :«تدرك تلك البلدان أهمية العقول في الإسهام في التقدم والتطور العلمي والتقني والبحثي حيث لا توجد دولة في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا وتتهافت على استقطاب المتميزين وقيادة الشركات العالمية العملاقة مثل الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا الهندي الأصل».
من جانبه، قال خبير السياسات العامة الدكتور أكرم جدوي لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار حصر التجنيس على أصحاب الكفاءة القادرة على الإضافة والإسهام في نهضة المملكة ودفع عجلة التنمية والتطوير يعتبر ميزة في ظل ما تشهده السعودية من تطورات تتطلب وجود كواد نادرة ومميزة للإسهام في تحقيق المستهدفات العالمية للدولة.
وأضاف الدكتور جدوي، أن العديد من الدول الكبرى فتحت باب التجنيس لتكتسب الكفاءات والعقول وتنوع الخبرات، مؤكداً أن السعودية أصبحت من البلدان المتقدمة ولديها إمكانيات اقتصادية واستثمارية وموقع استراتيجي وثروات هائلة وهي من تقود دول المنطقة، وبالتالي منح الجنسية السعودية يسهم في استمرار تقدم المملكة لتكون ضمن مصاف دول العالم.


مقالات ذات صلة

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

الاقتصاد أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط (واس)

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

أعلنت السعودية، الأربعاء، عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط بقيمة 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، لتعزيز أمنها الغذائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

وقّعت شركة «كاتريون» للتموين القابضة السعودية عقداً استراتيجياً مع «طيران الرياض» تقوم بموجبه بتزويد رحلات الشركة الداخلية والدولية بالوجبات الغذائية والمشروبات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

وضعت الاضطرابات الكبيرة في سوق السندات «الاحتياطي الفيدرالي» في موقف بالغ الصعوبة، حيث يواجه خيارين حاسمين: إما أن يسعى لتهدئة المخاوف المتعلقة بالتضخم على المدى الطويل، أو أن يستجيب لشكاوى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بشأن «ارتفاع معدلات الفائدة بشكل مفرط». وبينما لا يمكنه تحقيق كلا الهدفين في الوقت نفسه، من المرجح أن يختار معالجة الأول، مما يفتح المجال لصراع لفظي مستمر مع البيت الأبيض على مدار العام المقبل.

ولم يعد بالإمكان تجاهل الزيادة الملحوظة في معدلات الاقتراض من سندات الخزانة الأميركية في الأسابيع الأولى من عام 2025، حيث تشير السوق إلى الدخول في مرحلة جديدة ومقلقة تتطلب قدراً كبيراً من الحذر من البنك المركزي والحكومة على حد سواء، وفق «رويترز».

ومن أبرز هذه الإشارات الحمراء هو ظهور زيادة ملحوظة في علاوة المخاطر التي يطالب بها المستثمرون لحيازة السندات الحكومية الأميركية طويلة الأجل. ويتم قياس هذه الفجوة عادة كتعويض إضافي يُطلب عند الالتزام بسندات طويلة الأجل حتى تاريخ الاستحقاق، بدلاً من شراء سندات قصيرة الأجل وإعادة تدويرها مع مرور الوقت.

وقد كانت العلاوة الزمنية غائبة إلى حد كبير عن السوق لأكثر من عقد من الزمن، ولكن تقديرات «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك تشير إلى أن العلاوة الزمنية لمدة 10 سنوات قد ارتفعت بشكل حاد هذا العام، لتتجاوز نصف النقطة المئوية لأول مرة منذ عام 2014.

وقد لا تكون علاوة المخاطر بنسبة 50 نقطة أساس مفرطة وفقاً للمعايير التاريخية، لكنها تفوق متوسط العشر سنوات الماضية بمقدار 50 نقطة أساس.

وتشير اتجاهات العلاوة الزمنية إلى مستوى من عدم اليقين لدى المستثمرين بشأن التضخم على المدى الطويل، وتراكم الديون، والسياسات المالية، وهي حالة لم تشهدها السوق منذ سنوات عديدة. ويرجع هذا بلا شك إلى مزيج من العجز الكبير في الموازنة والاقتصاد القوي، إلى جانب تعهدات الرئيس القادم بشأن خفض الضرائب، وفرض قيود على الهجرة، وزيادة التعريفات الجمركية.

وتظهر هذه المخاوف أيضاً في مؤشرات الديون الأخرى التي بدأت تتحرك بشكل مستقل عن توجيه سياسة «الاحتياطي الفيدرالي». فقد قام «الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة منذ سبتمبر (أيلول)، ومع ذلك ارتفع عائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بمقدار 100 نقطة أساس منذ ذلك الحين. وزادت عوائد سندات الخزانة لمدة 30 عاماً بشكل أسرع، مهددة بالوصول إلى 5 في المائة لأول مرة منذ أكثر من عام، وهو مستوى قريب جداً من المعدلات التي سادت قبل أزمة البنوك في 2008.

وبينما لم تتحرك عوائد السندات لمدة عامين، التي تعكس سياسة «الفيدرالي» من كثب، بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، فقد اتسع الفارق بين العوائد على السندات لمدة سنتين و30 عاماً ليصل إلى أوسع مستوى له منذ أن بدأ «الفيدرالي» في تشديد السياسة قبل ثلاث سنوات تقريباً.

وكان من المتوقع أن تتوقف توقعات التضخم طويلة الأجل، التي تراقبها سوق السندات المحمية من التضخم والمقايضات، عن الانخفاض في سبتمبر وأن ترتفع مرة أخرى نحو 2.5 في المائة، متجاوزة هدف «الفيدرالي» بنصف نقطة مئوية.

هل يتجه «الفيدرالي» نحو سياسة أكثر تشدداً؟

إذا بدأ «الفيدرالي» يفقد السيطرة على الجزء الطويل من سوق السندات، فقد يُضطر إلى اتخاذ منحى أكثر تشدداً لاستعادة التزامه بتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة على المدى المستدام.

وهذا يعني أنه، في حال لم يحدث تباطؤ حاد في الاقتصاد أو تغيير كبير في سياسات ترمب المعلنة، فمن الممكن تماماً ألا يقوم «الفيدرالي» بأي تخفيض آخر في هذه الدورة. وهو أمر قد لا يرضي الرئيس الجديد الذي أبدى بالفعل معارضته للفيدرالي وتساؤلاته حول ضرورة استقلاله.

ليس لدي فكرة

حاول محافظ «الفيدرالي» كريستوفر والر أن يتوسط في تصريح له يوم الأربعاء قائلاً إن السياسة ما زالت مشددة تاريخياً، على الرغم من أنها ليست كافية لفرض ركود، وأضاف أن الزيادات في الأسعار الناجمة عن تعريفات ترمب لا تغير من وجهة نظر «الفيدرالي».

لكنه أيضاً أشار إلى أن «الفيدرالي» - مثل معظم مستثمري السندات - أصبح في لعبة تخمين. بينما قال والر إنه يشك في أن يتم تنفيذ السياسات الأكثر قسوة من قبل إدارة ترمب، أضاف أن التوصل إلى توقع بشأن التوقعات الاقتصادية للفيدرالي في ديسمبر كان «مشكلة صعبة».

«ليس لدي فكرة عما سيحدث»، اختتم قوله.

من الواضح أنه ليس وحده في ذلك. إذا كان كبار مسؤولي «الفيدرالي» لا يعرفون ماذا يتوقعون من ترمب، فإن مستثمري السندات العاديين لا يعرفون أيضاً.

ويبدو أن هناك سيناريوهين محتملين: إذا قرر «الفيدرالي» تسريع خفض الفائدة بما يتماشى مع ما يبدو أن ترمب يريده، دون حدوث تحول كبير في الأسس الاقتصادية لتبرير هذه الخطوة، فإن مستثمري السندات سيفترضون أن البنك المركزي ليس مهتماً بشكل كبير بتحقيق هدفه البالغ 2 في المائة.

وسيواصل مستثمرو السندات على الأرجح تسعير هذا الخطر، مما يؤدي إلى «إلغاء» توقعات التضخم، كما يقول المتخصصون في السياسات.

لكن «الفيدرالي» قد صرح بشكل متكرر بأن احتواء توقعات التضخم هو أحد أدواره الرئيسية، لذلك من الصعب تصوره يتجاهل هذه التطورات.

وحتى إذا لم تغير التعريفات الجمركية التي هدد بها ترمب حسابات التضخم بشكل أساسي، فإن خطة ترمب لتمويل التخفيضات الضريبية وتشديد أسواق العمل من خلال تشديد سياسات الهجرة والطرد، من المؤكد أنها ستزيد من المخاطر التضخمية التي تفاقمت بالفعل.

وإذا تمكن ترمب من تقليص الإنفاق الحكومي وتقليص الوظائف الفيدرالية، فقد يحقق بعض التقدم في معالجة هذه الأزمة. لكن القليل يتوقع أن يكون هذا أمراً سريعاً أو سهلاً، خاصة أنه قد لا يملك الأصوات في الكونغرس لتمرير العديد من أجزاء أجندته.

ولعل الرئيس المقبل يستطيع مساعدة بنك الاحتياطي الفيدرالي - ونفسه - من خلال توضيح أن أسعار الفائدة التي يعتبرها «مرتفعة للغاية» تمثل عائدات السندات الطويلة الأجل. بهذه الطريقة، سيكون بوسعه أن يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي يقوم بوظيفته ويمنح نفسه مساحة أكبر للمناورة.

لكن مع تبقي أقل من أسبوعين على التنصيب، فإن التكهنات حول ما قد يحدث أو لا يحدث يمكن أن تتسبب في اضطراب كبير في الأسواق.