«الحرس الثوري» يعارض مفاوضات حول «الباليستي» و«المسيّرات»

قائد وحدة «جو ـ الفضاء» حذر إسرائيل من «ارتكاب أي خطأ»

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني لقائد «الوحدة الصاروخية» أمير علي حاجي زاده أثناء إلقائه خطاباً في طهران أمس
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني لقائد «الوحدة الصاروخية» أمير علي حاجي زاده أثناء إلقائه خطاباً في طهران أمس
TT

«الحرس الثوري» يعارض مفاوضات حول «الباليستي» و«المسيّرات»

صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني لقائد «الوحدة الصاروخية» أمير علي حاجي زاده أثناء إلقائه خطاباً في طهران أمس
صورة نشرتها وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني لقائد «الوحدة الصاروخية» أمير علي حاجي زاده أثناء إلقائه خطاباً في طهران أمس

أغلق قائد وحدة «جو - الفضاء» في «الحرس الثوري» الإيراني، أمير علي حاجي زاده، الباب أمام مفاوضات بشأن الصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيّرة، محذراً إسرائيل من أن «ارتكاب أي خطأ» في التعامل مع البرنامج النووي «سيعجل بزوالها».
وقال حاجي زاده: «اليوم؛ يقول أعداؤنا إن علينا التفاوض بشأن الصواريخ، والطائرات المسيّرة التي أصبحت شوكة في أعينهم»، وعدّ أن سعي دول غربية إلى الحد من هذه القدرات «يظهر قوتنا»، مشدداً على أن «أمننا في وضع نموذجي. لسنا في حاجة للحديث عن قدراتنا؛ لأن العدو يتحدث بما يكفي عن القدرات الصاروخية والدفاعية لإيران»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مواقع «الحرس الثوري».
وقلل القيادي المتشدد في «الحرس الثوري» من أهمية العقوبات الدولية والأميركية على برنامج التسلح الإيراني، وقال إن «مساعي الأعداء في مجال فرض العقوبات على التسلح الإيراني لم تسفر عن عدم نتائج فحسب؛ بل الأعداء يفرضون العقوبات لحرماننا من تصديرها».
وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وتابع استراتيجية «الضغط الأقصى» على إيران عبر فرض عقوبات اقتصادية، بلغت ذروتها في مايو 2019 بمنع طهران من تصدير النفط، بهدف إجبارها على قبول اتفاق جديد يضمن إطالة الاتفاق النووي، ويلجم أنشطتها الإقليمية والصاروخية، التي تعود بالأساس إلى جهاز «الحرس الثوري» المصنف أميركاً على قائمة الإرهاب منذ أبريل (نيسان) 2019.
وفي المقابل، اتخذت إيران إجراءات بالتخلي عن التزامات الاتفاق النووي، ووصل مسار الابتعاد من صفقة فيينا لعام 2015 ذروته مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، ورفعت تخصيب اليورانيوم 20 في المائة في يناير (كانون الثاني)، قبل أن تصل إلى 60 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، وتخلت عن البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار، في خطوة قلصت فيه إلى حد كبير قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من الأنشطة الإيرانية الحساسة.
وارتفعت التوترات بين البلدين، واقتربا من حافة الحرب عندما أمر ترمب بتوجيه ضربة جوية قضت على العقل المدبر في العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» قاسم سليماني، وردت طهران بقصف صاروخي لقاعدة «عين الأسد»، حيث تمركز القوات الأميركية في الأراضي العراقية.
وتعهد بايدن بإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات إذا عادت طهران لالتزاماتها النووية. وبدأت مفاوضات بين إيران وأطراف الاتفاق النووي (4+1) في أبريل وتجمدت في يونيو (حزيران) الماضيين، بحضور غير مباشر للوفد الأميركي.
وقبل أسبوعين، قال مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، جيك سوليفان، إن «نهج الإدارة الحالية هو محاولة المعاودة المتماثلة للاتفاق النووي، ثم اتخاذ ذلك أساساً للتعامل مع مجموعة كاملة من المخاوف بشأن نهج إيران؛ بما في ذلك الأنشطة الصاروخية، والإقليمية»، مؤكداً أن الأولوية الفورية هي استعادة القيود النووية.
والشهر الماضي، اتهم مسؤولون أميركيون إيران بالوقوف وراء هجوم شنّته طائرة مسيّرة على قاعدة للقوات الأميركية في سوريا. وأعلنت واشنطن فرض عقوبات على برنامج إيران للطائرات المسيّرة، مشيرة إلى أن «الحرس الثوري» زوّد جماعات موالية، مثل «حزب الله» اللبناني وميليشيا الحوثي في اليمن وحركة «حماس» في قطاع غزة، بطائرات من هذا النوع.
- تهديد بزوال إسرائيل
وقال حاجي زاده إنه إذا بدأت إسرائيل الحرب «فإن النهاية ستكون بأيدينا»، حسبما أفادت به «رويترز» عن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن موقع «سباه نيوز»، أن تصريحات حاجي زاده أتت على هامش إحياء ذكرى مقتل حسن طهراني مقدّم في انفجار غامض بمعسكر لـ«الحرس»، شرق طهران في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وينسب إلى طهراني مقدم؛ الذي قضى معه عدد من أفراد «الحرس»، الدور الأبرز في برنامج الصواريخ الباليستية.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد تطرق حاجي زاده إلى «التهديدات» الإسرائيلية لإيران، خصوصاً على خلفية برنامجها النووي، لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية. ونقلت عن حاجي زاده قوله إن «النظام الوحيد الذي يتحدث عن البقاء والوجود (...) هو النظام الصهيوني. لذا؛ نظام يتحدث عن وجوده محكوم عليه بالتدمير ولا يمكن أن يتحدث عن تدمير دول أخرى». ورأى أن التصريحات الإسرائيلية «تهديدات موجّهة بالدرجة الأولى إلى الاستهلاك الداخلي، وهم يعرفون أنهم يمكنهم أن يبدأوا (بالاعتداء)، لكن النهاية ستكون بيدنا...»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وحذّر حاجي زاده بأنه «في حال قدموا لنا الذريعة (...) فإنهم سيكونون بالتأكيد يسرّعون من تاريخ تدميرهم».
وتضغط إسرائيل من أجل اتخاذ نهج أكثر صرامة مع إيران إذا فشلت الدبلوماسية في كبح تقدم برنامجها النووي.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».