الميليشيات الإرهابية تمول عملياتها من عوائد تجارة المخدرات

كومان لـ«الشرق الأوسط»: الاضطرابات الأمنية زادت نشاط الترويج والتهريب

الميليشيات الإرهابية تمول عملياتها من عوائد تجارة المخدرات
TT

الميليشيات الإرهابية تمول عملياتها من عوائد تجارة المخدرات

الميليشيات الإرهابية تمول عملياتها من عوائد تجارة المخدرات

أكدت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الإرهابية في عدد من الدول العربية المضطربة، تورطت بتمويل عملياتها من عوائد تجارة المخدرات التي انخرطت في أنشطتها دون رادع ديني أو أخلاقي، في حين تستغل عصابات الاتجار بالمخدرات التحولات السياسية التي شهدتها بعض البلدان العربية، والتي خلفت اضطرابات أمنية كبيرة في عدد منها، في توسيع رقعة نشاطهم وبث سمومهم في الدول المجاورة الأخرى.
وأوضحت دراسة تحليلية أخيرة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أعدها المكتب العربي لشؤون المخدرات التابع للأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، مقارنة لقضايا المخدرات المضبوطة في البلدان العربية خلال أعوام 2011، و2012، و2013، ارتفاع حجم الكميات المضبوطة في عدد من الدول العربية خلال السنوات الثلاث، حيث بلغت كمية الحشيش المضبوطة في الدول العربية للعام 2013، نحو 99 مليون كيلوغرام، مقارنة بنحو 138.3 مليون كيلوغرام في عام 2012، ونحو 60.5 مليون كيلوغرام تم ضبطها في عام 2011.
وتشير الدراسة إلى وجود زيادة تصاعدية في أعداد وقضايا المخدرات المضبوطة خلال السنوات الثلاثة الأولى من بداية الاضطرابات، حيث احتلت قضايا التعاطي المرتبة الأولى بنسبة 63 في المائة، وقضايا الترويج المرتبة الثانية بنسبة 14 في المائة، وقضايا الاتجار المرتبة الثالثة بنسبة 13 في المائة، وجاءت قضايا التهريب في المرتبة الرابعة بنسبة 3 في المائة، فيما جاءت بقية النسب للتصنيفات الأخرى سواء كانت قضايا التمويل أو النقل أو الزراعة أو التصنيع.
في هذا الخصوص، أوضح الدكتور محمد كومان أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب لـ«الشرق الأوسط»، أن الانفلات الأمني في بعض الحدود المشتركة نتيجة عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول، عزز الروابط بين عصابات الإجرام المنظم، وأصبحت تجارة المخدرات ممولة للإرهاب والمنظمات الإرهابية، كما جعلت عصابات الإجرام راعية لتجارة المخدرات، وحامية لطرقها المتعددة.
وذهب كومان إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية في بعض المناطق المتاخمة للوطن العربي أدت بطبيعة الحال إلى ظهور مسالك تهريب جديدة للمخدرات، وإلى بروز عصابات إرهاب وإجرام منظم متعددة، ازدهرت بفعلها تجارة المخدرات وسائر الأنشطة الإجرامية.
وركز على أن الميليشيات الإرهابية المسلحة المنتشرة في بعض الدول العربية استغلت هذا الوضع لتمويل عملياتها الإرهابية وبث سمومها الفكرية الفاسدة، نظرا للعوائد المالية الضخمة التي تتأتى من هذه التجارة الخبيثة، والتي تستغلها للتغرير بالشباب واستقطابهم في تهديد أمن واستقرار مجتمعاتهم.
ورأى أن حالات الانفلات الأمني في بعض الدول العربية أثرت على عمليات ضبط الحدود، وقلصت من قدرة الأجهزة الأمنية على كشف طرق التهريب الجديدة ومحاربة المهربين وتجار المخدرات.
وأرجع السبب إلى انشغال هذه الدول بمحاربة عصابات الإرهاب، وتفكيك خلاياه النائمة، وتجار الأسلحة وعصابات التهريب والهجرة غير الشرعية، كي يتم استعادة الأمن والاستقرار في عموم البلاد الذي هو أولى الأولويات الأمنية والاحتياجات المجتمعية.
وبين الدكتور كومان أن حالات الانفلات الأمني في تلك الدول أثرت أيضا على جهود الدول العربية الأخرى في محاربتها للتهريب بشكل عام وعصابات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية، نظرا لتحملها العبء الأكبر من عملية ضبط الحدود المشتركة، إضافة إلى عدم توفر الإمكانات الكافية لدى بعض الدول لمراقبة تلك الحدود من جانب واحد.
وعد أن بعض البلدان العربية بلدان عبور لبعض أنواع المخدرات، لذا فهي تتأثر بطريقة أو بأخرى نتيجة تسرب المواد المخدرة العابرة أو المخزنة بهدف التهريب، إلى داخلها، وبالتالي سهولة تسويقها والترويج لها.
وركز أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب على أن إباحة تعاطي بعض أنواع المخدرات في بلدان أوروبا وكندا وأستراليا وبعض بلدان أميركا اللاتينية، يشكل ظاهرة سلبية لا تؤثر على تلك البلدان فحسب، بل يمتد تأثيرها أيضا إلى بلدان أخرى، ومنها البلدان العربية سواء من خلال الانفتاح الثقافي والإعلامي، أو من خلال الجاليات العربية الموجودة في تلك البلدان، والتي يخشى تأثرها سلبا بهذه الظاهرة.
ولفت إلى وجود بعض الأدوية ومسكنات الآلام التي تدخل ضمن المؤثرات العقلية لم يتم إدراجها ضمن ضوابط قانونية تمنع تسريبها والحيلولة دون سوء استخدامها مما قد يسمح باستخدامها بشكل سيء والاتجار بها وترويجها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.