تباين بين «الضامنين» حول مستوى اجتماع آستانة المقبل

TT

تباين بين «الضامنين» حول مستوى اجتماع آستانة المقبل

بدا أمس، أن تباينات بين الأطراف الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) قد انتقلت إلى التحضيرات الجارية لعقد لقاء جديد لـ«مجموعة آستانة» الشهر المقبل.
وكانت العاصمة الكازاخية نور سلطان أعلنت قبل أيام، أنها تلقت طلبات من الأطراف الثلاثة لعقد جولة جديدة من المفاوضات، وقالت، إنها تبحث ترتيبات هذه الجولة، لجهة تحديد موعدها المتوقع أواسط الشهر المقبل، ووضع جدول أعمال للمباحثات فيها. وكانت التقديرات التي أشارت إليها نور سلطان تراوح عند عقد اللقاء على نفس مستوى الجولات السابقة، أي بحضور نواب وزراء خارجية البلدان الضامنة.
لكن اللافت، أن وزير خارجية كازاخستان مختار تلوبيردي، أعلن أمس، أن وزارته تنظر في إمكانية عقد لقاء لوزراء خارجية الدول الضامنة، ملمحاً إلى تلقي بلاده طلباً بهذا الشأن من بعض الأطراف. وأكد الوزير، أن بلاده «ترى إمكانية لعقد مثل هذا اللقاء خلال جولة المفاوضات المقبلة بشأن الأزمة في سوريا، المقرر عقدها في مدينة نور سلطان منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وأوضح تلوبيردي، أنه «يجري النظر في إمكانية ترتيب هذا الاجتماع لوزراء خارجية الدول الضامنة».
لكن بدا في المقابل، أن موسكو ليست متحمسة لعقد اللقاء على هذا المستوى، مع تأكيدها نيتها حضور جولة المفاوضات بمستوى التمثيل السابق نفسه.
وأفاد المبعوث الرئاسي الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، الذي يشغل أيضاً منصب نائب وزير الخارجية الروسي، بأن «الجولة القادمة من المشاورات بصيغة (آستانة) حول سوريا من المقرر أن تجري في نور سلطان، عاصمة كازاخستان، بعد الـ20 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وأعرب عن أمل بلاده في نجاح الترتيبات للتحضير لهذا اللقاء، لكنه أضاف، أنه «لا توجد خطط لمشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في هذا اللقاء».
وكانت أوساط روسية أشارت في وقت سابق إلى أن اللقاء المقبل يشكل فرصة مهمة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الضامنة، و«إعادة ضبط الساعات» بين موسكو وأنقرة وطهران، على خلفية التطورات التي شهدتها سوريا منذ الاجتماع الأخير للمجموعة في يوليو (تموز) الماضي.
ووفقاً للمصادر، فإن موسكو تسعى إلى المحافظة على «مسار آستانة» بصفته «الآلية الوحيدة الناجحة» لاستمرار تثبيت وقف النار ودفع النقاشات حول التسوية السورية، لكنها في الوقت ذاته، تواجه تصاعد التباينات بين أطراف المجموعة. خصوصاً على خلفية التحركات التركية الأخيرة في الشمال السوري، وفشل الطرفين في تنفيذ الاتفاقات السابقة حول إدلب. وأيضاً بسبب تصاعد الاستياء الإيراني من التفاهمات التي توصلت إليها أخيراً تل أبيب مع موسكو، وأسفرت عن تصعيد النشاط العسكري الإسرائيلية ضد المواقع الإيرانية في سوريا.
وكانت الجولة السابقة من مفاوضات «مجموعة آستانة» ركزت على الوضع في سوريا، والمساعدات الإنسانية الدولية، واحتمالات استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف. وكذلك، تم خلال تلك المفاوضات، بحث تدابير بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى وإطلاق سراح الرهائن والبحث عن المفقودين.
على صعيد آخر، كشفت قاعدة «حميميم» الروسية عن تفاصيل إضافية عن الغارة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع ضرب حمص. وأفاد نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، فاديم كوليت، في إيجاز صحافي أول من أمس، بأن بطاريات «بوك» و«بانتسير» روسية الصنع دمرت 6 صواريخ من أصل 8 أطلقتها مقاتلات إسرائيلية على مواقع في سوريا.
ووفقاً للبيان، فقد «قامت 6 مقاتلات من طراز (F – 15) تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي الاثنين، بانتهاك المجال الجوي السوري من شمال لبنان، وأطلقت 8 صواريخ على أهداف للدعم اللوجيستي» في سوريا.
وزاد، أن «بطاريات الدفاع الجوي السوري من طرازي (بوك مي 2) و(بانتسير إس) دمرت في محافظة حمص 6 صواريخ أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية».
وقال الناطق، إنه «على صعيد آخر، أصيب جندي سوري بجروح نتيجة هجوم على القوات الحكومية في محافظة إدلب» شمال غربي سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.