عباس يتمسك باعتراف «حماس» بالشرعية الدولية قبل «حكومة وحدة»

في ظل توجه أميركي لمبادرة تُنهي الانقسام الفلسطيني

TT

عباس يتمسك باعتراف «حماس» بالشرعية الدولية قبل «حكومة وحدة»

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا تغيير على شروط الرئيس محمود عباس في تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن يعترف أي طرف فيها، بما في ذلك «حماس»، بالشرعية الدولية.
وأكد المصدر أن هذا أحد أهم الشروط، لكنه أيضاً لن يقبل بالتجاوب مع مساعي الولايات المتحدة، إذا لم يكن ذلك ضمن خطة لدفع جهود السلام في المنطقة. موضحاً أن «هناك مساعي أميركية وعربية كذلك من أجل حكومة تشارك فيها (حماس)، ومردّ ذلك إلى تحقيق هدوء طويل في غزة، رغم أنه ليست هناك آفاق واضحة في الضفة». وتابع: «إذا أراد الأميركيون التقدم إلى الأمام، فعليهم إعادة فتح القنصلية في القدس كما وعدوا، وتحقيق هدوء شامل وإعادة دفع عملية السلام إلى الأمام».
وحاول الأميركيون قبل أسابيع طرح فكرة حكومة وحدة أولاً، عندما زار نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الفلسطينية - الإسرائيلية هادي عمرو، رام الله والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقدم عمرو اقتراحاً لتشكيل حكومة جديدة يشارك فيها ممثلو «حماس» أو حكومة تكنوقراط، ورد عباس بأنه يعارض حكومة تكنوقراط، ولن يقبل بوضع تكون فيه «حماس» جزءاً من الحكومة دون التزامها بالاتفاقيات الموقَّعة مع إسرائيل. ونشرت قناة «i24» تقريراً (الثلاثاء)، قالت فيه إن الإدارة الأميركية تجهّز مبادرة لإقامة حكومة وحدة فلسطينية، في حين أن الحكومة الإسرائيلية لم تحدد بعد موقفها من المبادرة.
ووفقاً للتفاصيل التي كشفتها القناة، فإن الأميركيين يأملون أن تسهم الحكومة المرتقبة بإنهاء الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس». وتستند المبادرة الأميركية إلى تشكيل حكومة تضم وزراء وممثلين من حركتي «حماس» و«فتح»، إلى جانب مختصين بجوانب عديدة ولا ينتمون لأي تيار سياسي. وتسعى الإدارة الأميركية إلى إخراج السلطة الفلسطينية من أزمتها الاقتصادية، وخلق حالة من الهدوء في المنطقة من خلال تشكيل هذه الحكومة، كما تسعى واشنطن للتوصل إلى تهدئة في كلتا الجبهتين، غزة والضفة، أمام إسرائيل.
وعقّب مسؤول في الحكومة الإسرائيلية بأن حكومته لم تحدد بعد موقفها من القضية. وردّ وزير الشؤون الاجتماعية في السلطة الفلسطينية د. أحمد مجدلاني، بقوله إن «السلطة الفلسطينية لن تتجاوب مع أي مبادرة أميركية، ما لم يكن هناك أي قرار بشأن فتح القنصلية». كما أشار مجدلاني في رده على التفاصيل، أنه ما دام الحديث عن مواضيع داخلية فإن السلطة الفلسطينية لن تقبل بإملاءات أميركية.
وجاء التقرير بعد ساعات من إعلان عباس أنه جاهز لمصالحة، لكن بشروط. مشدداً: «نحن جاهزون كل الجاهزية للمصالحة، ولكن لنا طلب واحد، هو أننا جميعاً نلتزم ونطبّق الشرعية الدولية، فإذا حصل هذا فإن عجلة المصالحة ستجري فوراً، وهذا هو الطريق السليم والصحيح لاستعادة الوحدة والسير في الطريق الديمقراطي».
وكان عباس قد طالب بعمليات إنقاذ سريعة لعملية السلام. وقال: «كل ما نريده هو دفع عملية السلام إلى الأمام، لأننا بصراحة نرى أن الوضع يتأزم يوماً بعد يوم، ونرى أن الأمور السياسية تتدهور، ولا بد من عمليات إنقاذ سريعة من أجل الحل السياسي». وأضاف: «نريد حلاً سياسياً، دولة فلسطين على حدود 1967، ولا نريد أكثر ولا نقبل أقل، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تعي أنها إذا لم تعمل من أجل السلام فلن تتمتع هي بالسلام أيضاً، والسلام من هنا، وبالتالي عليها أن تفهم أن هذا العناد الذي ترتكبه، وهذا الرفض المطلق لعملية السلام لن يفيدها شيئاً».
وتابع في أثناء افتتاحه مقر لجنة الانتخابات المركزية: «هنا أردّ على رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، وأقول إنه لا يمكنه أن يستمر إلى الأبد في رفض حل الدولتين، فماذا يريدون إذا كانوا يرفضون حل الدولتين، هل يقبلون بدولة واحدة كما قلت لهم في خطابي أمام الأمم المتحدة؟ هل يقبلون بالعودة إلى التقسيم، وهذا حقنا الذي أقرته لنا الشرعية الدولية؟».
وأردف: «نحن نقبل بالقليل من الشرعية الدولية، فلنأخذ أي قرار من قرارات الأمم المتحدة ونطبّقه فوراً على طاولة المفاوضات، أمّا أن تبقى هذه الحكومة كسابقتها، فهذا الأمر لا يمكن أن نقبله».
وتابع: «لقد طفح الكيل عندنا، وعندما أقول إنه قد طفح الكيل، يعني أنه عندنا ما نقول وعندنا ما نفعل، وحتى لا تذهب الأذهان (أذهانهم بعيداً)، لن نذهب إلى العنف، وإنما سنذهب إلى الطرق السياسية المعترف بها في كل أنحاء العالم، هذا ما نريده وهذا ما نتمناه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».