بعد الاختبارات المزورة لفولاذها... البحرية الأميركية تعزز مراقبة غواصاتها

مهندسة متخصصة بالمعادن اعترفت بأنها تلاعبت لمدة ثلاثين عاماً باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي (أ.ف.ب)
مهندسة متخصصة بالمعادن اعترفت بأنها تلاعبت لمدة ثلاثين عاماً باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي (أ.ف.ب)
TT

بعد الاختبارات المزورة لفولاذها... البحرية الأميركية تعزز مراقبة غواصاتها

مهندسة متخصصة بالمعادن اعترفت بأنها تلاعبت لمدة ثلاثين عاماً باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي (أ.ف.ب)
مهندسة متخصصة بالمعادن اعترفت بأنها تلاعبت لمدة ثلاثين عاماً باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي (أ.ف.ب)

عزز سلاح البحرية الأميركي مراقبة غواصاته بعدما تبين أن عالمة معادن سابقة لشركة كانت تزود السفن الفولاذ، زوّرت نتائج اختبارات متانتها.
واعترفت المهندسة المتخصصة بالمعادن أمام محكمة في ولاية واشنطن بأنها تلاعبت لمدة ثلاثين عاماً باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي التي بنيت على حد قولها، بمواد غير مطابقة للمواصفات المطلوبة وليس بفولاذ يفترض أن يكون مقاوماً بدرجة كبيرة عند الغوص وفي مواجهة درجات حرارة قصوى، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت وزارة العدل الأميركية في بيان أن إيلين توماس (67 عاماً) أقرت الاثنين بالتهم الموجهة إليها في قضية احتيال كبير في محكمة بالولاية الواقعة في شمال غربي البلاد، لتزويرها هذه الاختبارات عبر إخفاء حقيقة أن الفولاذ الذي تم سكبه في مصنعها لا يتطابق مع المعايير التي حددتها البحرية الأميركية.
وكانت إيلين توماس واحدة من أوائل المهندسات المتخصصات بالمعادن في البلاد في سبعينات القرن الماضي وعملت في اختبارات شركة «برادكن» في تاكوما إحدى ضواحي سياتل.
وقد يحكم عليها بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة مقدارها مليون دولار عندما يعلن القاضي بنجامين سيتل قراره في 14 فبراير (شباط) المقبل.
ويقع هذا المصنع لصب الفولاذ قرب قاعدة «كيتساب» للغواصات الكبيرة. وهو الوحيد في البلاد القادر على إنتاج فولاذ قوي بدرجة كافية لتلبية متطلبات البحرية الأميركية، وتلجأ إليه المجموعات الكبيرة للصناعات الدفاعية التي تبني الغواصات الهجومية الأميركية مثل «جنرال دايناميكس» و«هانتيغتن إينغالز أنداستريز».
وفي كل مرة يتم فيها صب الفولاذ للغواصات، يجب سكب جزء من المعدن في قالب اختبار بسماكة مماثلة لأجزاء هيكل الغواصة التي يراد تقويتها لتحمل الضغوط الهائلة من أعماق البحار.
ويجري بعد ذلك تحليل قالب الاختبار هذا للتأكد من أن كل منتج مطابق للمعايير الصارمة التي وضعتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
لكن بين 1985 و2017، سنة تقاعد توماس، لم يحقق نصف القوالب التي أنتجها مصنع تاكوما هذه المعايير لكن المهندسة حسنت النتائج التي تم الحصول عليها من خلال تصحيح الأرقام يدويا.
وأوضحت توماس أنها قامت بذلك في بعض الحالات لأنها اعتقدت أنه من «الغباء» أن تطلب البحرية الأميركية إجراء اختبارات لمائة درجة تحت الصفر فهرنهايت (73 درجة مئوية دون الصفر).
وفي حالات أخرى، أوضحت أنها استخدمت «حكمها كمهندسة» وصححت رقما واحدا لأن الأرقام الأخرى بدت سليمة.
وعملت توماس في مصنع تاكوما من 1977 إلى مايو (أيار) 2017 وعُينت مديرة لقسم المعادن في 2009.
واكتشف التزوير عندما قلصت توماس حجم عملها قبل التقاعد وقام متدرب بمراجعة اختباراتها وأبلغ إدارة المصنع. واعترفت شركة برادكن في يونيو (حزيران) 2020 بمسؤوليتها ووافقت على دفع غرامة مقدارها 11 مليون دولار.
وتنص لائحة الاتهام على أن إيلين توماس «أنشأت واستخدمت نظاماً بقصد الاحتيال على البحرية الأميركية، وزوّرت نتائج أكثر من 240 منتجا للصلب وهذا يشكل جزءا كبيرا من إنتاج برادكن من الفولاذ للبحرية».
وتفيد دعوى الحكومة بأن «بيانات توماس الكاذبة وتحريفها للحقائق أديا إلى قيام الشركة المتعاقدة الرئيسية بتركيب مكونات دون المستوى على الغواصات البحرية، وبقبول البحرية لتلك الغواصات ووضعها في الخدمة، ما يعرض أفراد البحرية والعمليات البحرية للخطر».
وفي دفاعها عن نفسها، أكدت توماس أنها «لم يكن لديها نية يوما بالمساس بسلامة المادة». وعبرت عن «ارتياحها لأن الاختبارات الحكومية لا تشير إلى أن السلامة البنيوية لأي غواصة تعرضت في الواقع للخطر»، حسب هيئة الدفاع.
لكن وزارة العدل الأميركية رأت أنه كان على سلاح البحرية الأميركي «اتخاذ إجراءات مهمة لضمان سلامة الغواصات المتضررة».
وامتنعت البحرية الأميركية عن الإدلاء بأي التعليق، لكن وزارة العدل قالت إن البحرية «اتخذت خطوات مكثفة لضمان التشغيل الآمن للغواصات المتضررة». وأضافت أن «هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادة التكاليف والصيانة مع مراقبة الأجزاء التي لا تتطابق مع المعايير».
وبين 1985 و2017، استحوذ البنتاغون على عشرات الغواصات ما زال نحو أربعين منها في الخدمة.



من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».