جهود «أوبك بلس» عززت التوازن ونظمت الأسواق العالمية

شهبازوف قال لـ «الشرق الأوسط» إن المستقبل العالمي في مزيج الطاقة والنفط باقٍ لعقود

جهود «أوبك بلس» عززت التوازن ونظمت الأسواق العالمية
TT

جهود «أوبك بلس» عززت التوازن ونظمت الأسواق العالمية

جهود «أوبك بلس» عززت التوازن ونظمت الأسواق العالمية

في وقت تتأهب فيه باكو للاحتفاء بأكبر مصدر طاقة رياح على مستوى المنطقة بقوة 240 ميغاواط، كإحدى ثمرات التعاون بين السعودية وأذربيجان، خلال الأيام المقبلة، أكد وزير الطاقة الآذري برويز شهبازوف، أن مستقبل العالم في مزيج الطاقة، بيد أنه شدد على أن النفط سيظل مصدر الطاقة الرئيسي لعقود مقبلة، مشيراً إلى أن جهود (أوبك+) عززت التوازن ونظمت أسواق الطاقة العالمية.
وأكد شهبازوف في حوار مع «الشرق الأوسط» عزم بلاده التعاون استراتيجياً مع السعودية، خلال الفترة المقبلة في مجالات اقتصادية متعددة، بغية تطوير العلاقة الاقتصادية إلى أقصى حد ممكن خصوصاً في قطاع الطاقة، لافتاً إلى حزمة من المشروعات التي سيتعاون فيها الطرفان لا سيما في الطاقة المتجددة.

مشروعات مشتركة

وزاد: «كنا قد وقّعنا اتفاقية مع شركة (أكوابور) في السعودية، لتنفيذ عقد لتأسيس محطة إنتاج طاقة الرياح في أذربيجان، بقوة 240 ميغاواط وهذه تعد سعة جوهرية وأساسية كبيرة جداً ليس فقط لمصادر الطاقة المتجددة في بلادنا فحسب بل لكل دول الإقليم، ولكن لدينا أيضاً رغبة للتعاون في قطاع الغاز وتوليد الطاقة الغازية والذي من المؤكد سيكون إحدى قنوات التوسع في التعاون بين البلدين في المستقبل القريب».
وتابع: «نتوقع زيارة وفد سعودي خلال الشهر الجاري، للاحتفال معاً بإطلاق محطة طاقة الرياح سعة 240 ميغاواط، ونتطلع أيضاً خلال الزيارة لفرصة جديدة لبحث سبل توسيع تعاوننا الاقتصادي مع الوفد السعودي الزائر قريباً». مشيراً إلى عدة اتفاقيات أخرى سابقة لزيادة التبادل التجاري، إلى جانب اتفاقيات سياسية ودبلوماسية، مشدداً على ضرورة تفعيلها بشكل أقوى مع مزيد من المباحثات والاستشارات، بغية ترجمتها على أرض الواقع في المدى القريب.

دور استقرار السوق

وأوضح شهبازوف أن التعاون بين البلدين في قطاع النفط والغاز مهم وحيوي جداً لاستقرار أسواق النفط والغاز العالمية، مقراً بأن المملكة حملت على عاتقها لعقود الإسهام بقوة في تعزيز التوازن في السوق العالمية من أجل استقرار أسعار الطاقة، وهي كانت دائماً تأخذ بزمام المبادرة والقيادة في هذا السوق والقطاع، لافتاً إلى أن أذربيجان انضمّت إلى منظمة (أوبك+) والتي خرجت بصيغة تعد إحدى أهم قنوات ضبط السوق ودعم ودفع العمل المشترك لـ(أوبك+) والدول غير المنضوية في المنظمة، من أجل تحقيق استقرار سوق الطاقة العالمية والحصول على نقطة توازن.
ولفت إلى أن بلاده تقود إحدى أهم اللجان التي تضم معظم الدول الأكثر فاعلية في هذا الصدد والتي تتبنى صيغة عمل التوازن التي يتم المشاركة بها في هذه الصيغة، وللمفارقة فإنه لأول مرة تطلق إحدى أهم الصيغ الخلاقة التي تعالج مسألة التوازن بين دول (أوبك+) والدول غير المنضوية في (أوبك) من رئيس أذربيجان إلهام علييف خلال منتدى دلاس في فبراير (شباط) 2016، حيث اقترح صيغة لضمان مستقبل التعاون بين دول (أوبك) والدول غير المنضوية فيها، إذ بالفعل كان لذلك الاقتراح فاعليته وتحققت نتائجه على أرض الواقع في نهاية عام 2016، على حدّ تعبيره.
وزاد شهبازوف: «حالياً نرى في هذا الصيغة إحدى أهم أدوات تعزيز الاستقرار وتحقيق التوازن في السوق العالمية للطاقة التي يمكن تخاطب مستجدات الأمور بشكل أكثر ملاءمة للسوق في المستقبل وأكثر تأثيراً لأحد أهم مصادر الطاقة في العالم، والتي تعني النفط في المقام الأول حتى الآن».
ورغم توفر عدة مصادر جديدة للطاقة المختلفة، ووجود تقانات وتكنولوجيات جديدة لصنع مصادر جديدة للطاقة في العالم فإن شهبازوف يرى أن النفط سيكون هو مصدر الطاقة الأول والرئيسي والذي سيبقى لعدة أعوام مقبلة، وذلك لعد أسباب، منها أنه من الصعب أن يحل أي مصدر جديد من الطاقة محل مصدر الطاقة التقليدي وهو النفط ولا المواد البتروكيماوية، والمصدر الوحيد المسيطر الذي يمكن أن يحقق استقرار سوق الطاقة في العالم، وهذا ما يؤكد أهمية (أوبك+) كمصدر أساسي لخلق صيغة لاستقرار السوق وتحقيق التوازن للطاقة في العالم، حسب تعبيره.
ومع إقراره بأهمية توفير السعر العادل للطاقة فإنه في الوقت نفسه يعتقد شهبازوف أنه على صعيد أذربيجان على الأقل التي لديها عملاء لشراء الطاقة من الدول المختلفة، الأهم من ذلك ومن تحديد السعر هو ضمان انسياب الطاقة وتوفرها، لأن السعر يمكن أن ينخفض أو يرتفع ولكن لن يكون أثره وأهميته بمقدار توفر الطاقة نفسها فالأهم هو كيفية ضمان استدامة الطاقة واستقرارها، ولذلك لا يرى مَن يتحدث كثيراً عن مشكلات قضايا الطاقة في العالم أكثر لأن سوقها متوازنة جداً ومنظمة، في رأيه، و«من هذا المنطلق، من العدل تقدير جهود (أوبك+) في هذا الصدد».
وعلى صعيد إمدادات الغاز، طرح شهبازوف سؤالاً ملحّاً: لماذا هناك ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا وشح في إمدادات الغاز؟ حيث يقول: «رغم وجود حزمة استراتيجيات لمعالجة المنتج، غير أنها لم تمنع بروز أزمة أسعار وأزمة غاز حالياً مع توقعات باستمرارها لفترة مقبلة خصوصاً خلال الشتاء ولكن هذا الوضع لا يشمل الدول الأخرى في العالم، حيث إن هذا الوضع المتأزم لا ينطبق على قطاع النفط»، مشيراً إلى أن «ذلك مردّه إلى جهود (أوبك+) التي استطاعت أن ترسم خريطة طريق فعالة لاحتواء سوق الطاقة والنفط في العالم وحفظ توازن السوق بشكل مستقر ومنظم دولياً».

الجائحة أفرزت التحديات

وفي حديث ذي صلة، أكد شهبازوف أن جائحة «كورونا» أفرزت أحد أهم التحديات التي خلقت أزمة حقيقية في أسواق الطاقة العالمية على الإطلاق، الأمر الذي تسبب بشكل مباشر ليس فقط في انخفاض إنتاج النفط بشكل كبير جداً بل انخفض إلى ما تحت الصفر في أنحاء العالم، حيث يرى أن هذا كان مؤشراً قوياً لأي مستهلك في أي مكان من العالم على مستوى الأسواق الدولية، بأنه ليس من الضروري فقط إنتاج الطاقة وإنما الحاجة أكبر لخلق أكبر شكل من التعاون من جميع الأطراف المستفيدة من إنتاج واستهلاك النفط في هذا المجال، مبيناً أن هذا ما تم بالفعل خلال الجائحة في وقت انحدر فيه الاقتصاد العالمي إلى أدنى مستوى له.
ولفت إلى أن ذلك خلق حالة حرجة وصعبة للغاية لكل الفاعلين في أسواق الطاقة والاقتصاد، منتجين ومستهلكين في كل أنحاء العالم، في حين استطاع كشف ذلك إلى أي حد هناك حاجة ماسة لإيجاد آلية فعالة لمعالجة الوضع بالتعاون مع أصدقاء (أوبك)، مبيناً أن (أوبك+) تواجه هذا الوضع المعقد الصعب في سبيل أن تجد حلولاً لاحتوائه، بسبب غياب الآلية المناسبة لمواجهة الأزمات، مؤكداً أنه إن لم يتم إيجادها ستقود مستقبلاً إلى أزمة أخرى.
وأضاف: «هذا ما يستدعي استغلال تجاربنا في التعاطي مع مثل هذه الأوضاع لمعالجة المسائل الملحّة التي تواجه عمل آليات (أوبك+) في قضايا الأسواق العالمية للطاقة بين الفينة والأخرى، عموماً بدأنا نتعاون ونعمل بعضنا مع بعض واستطعنا أن نحقق شكلاً من أشكال استدامة الإمدادات النفطية، وحالياً نُقبل على وضعٍ أفضل ومستقر ومنظم في ظل انحسار الجائحة، واستطعنا إطلاق برنامج لزيادة إمدادات إنتاج الطاقة في الأسواق العالمية خطوة بخطوة وشهراً بشهر، وسيستمر معنا هذا البرنامج إلى نهاية هذا العام وكامل عام 2022». وتوقع شهبازوف الحصول على أفضل فرصة لاستقرار واستدامة أسواق الطاقة العالمية، مع الأخذ في الاعتبار نمو الاقتصاد الدولي، والحصول على قيمة إضافية، بإضافة 400 ألف برميل شهرياً، وفي العادي نعمل على عقد اجتماع وزاري لدول (أوبك+) كل شهر للوقوف على الوضع لمزيد من النقاش والتباحث بغية الحصول على الحلول الممكنة، و«كلما اتفقنا على خطوة ننتقل إلى الخطوة التي تليها، وكل هذه الخطوات لأجل بلوغ سوق عالمية مستقرة للطاقة».
المبادرات السعودية الخضراء
وبيّن أن اجتماع وزراء الطاقة في الرياض الأخير بمناسبة المبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، كان بمثابة فرصة لمخاطبة الواقع واستشراف المستقبل بشكل أفضل، ولكنه يرى أن المستقبل بالنسبة إلى أسواق الطاقة العالمية يكمن في مزيج الطاقة، وبطبيعة الحال فإن المصادر الجديدة للطاقة الجديدة تعد عامل ازدهار وتطوير للمنطقة بالتأكيد، خصوصاً أنها تعالج مشكلة عالمية كبيرة وهي مسألة التغير المناخي.
وبرأي شهبازوف أنه برزت أهمية قصوى لتعزيز الاكتشافات والصناعات التكنولوجية لمعالجة التغير المناخي من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية والغازات، واستدامة المخزون الغذائي والنقل صديق البيئة، حيث تعد أهم مستهدفات استدامة الطاقة الاستراتيجية، مبيناً أن ذلك ما اهتمت به المبادرة السعودية الخضراء وتعمل على ترجمته على أرض الواقع.
وقال شهبازوف: «نحتاج إلى مزيد من العمل لتنظيم أسواق الطاقة العالمية، ما من شأنه الإسهام في محاربة الكوارث الناجمة عن التغير المناخي، وهذه المبادرة تدفع العالم نحو تعاون مطلوب للغاية من أجل جودة الحياة ومن دون كوارث مناخية أو بيئية، ونتطلع إلى أن يكون مثل هذا الاجتماع منصة دورية تجمعنا لمزيد من الإنجاز في هذا الاتجاه».

وزير الطاقة الآذري برويز شهبازوف (الشرق الأوسط)



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».