أكبر عملية ضد «منظمات الجريمة» في المجتمع العربي

الشرطة الإسرائيلية نفّذتها تحت شعار «تجفيف المستنقع»

مظاهرة في تل أبيب مارس الماضي تخليداً لضحايا الجريمة المنظمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
مظاهرة في تل أبيب مارس الماضي تخليداً لضحايا الجريمة المنظمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
TT

أكبر عملية ضد «منظمات الجريمة» في المجتمع العربي

مظاهرة في تل أبيب مارس الماضي تخليداً لضحايا الجريمة المنظمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)
مظاهرة في تل أبيب مارس الماضي تخليداً لضحايا الجريمة المنظمة في المجتمع العربي (أ.ف.ب)

قالت الشرطة الإسرائيلية إنها نفّذت أكبر عملية ضد منظمات الجريمة في المجتمع العربي منذ قيام إسرائيل، تخللها ضبط للأسلحة، واعتقال 64 مشتبهاً تتوزع أصولهم بين 25 مدينة وقرية عربية، خلال عملية سرية أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت.
وأكد مفتش الشرطة العام الجنرال يعقوب شابتاي، أن الشرطة توظف حالياً 90% من طاقاتها لمحاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي، وبدأت تمارس ضغوطاً على عصابات الإجرام لن تتوقف، وستزداد حدة حتى يتم استكمال المهمة. وتابع في مؤتمر عُقد في الناصرة، أمس، أنه أوعز بإشراك محققي وحدة النخبة الشرطية 433 في أعمال دحر الجريمة في المدن والقرى العربية إلى جانب وحدات أخرى. وأكد أنه خلال العام الحالي، تم تحقيق رقم قياسي من حيث كميات الأسلحة والذخيرة المضبوطة وعدد المجرمين الذين تم القبض عليهم، موضحاً أنه تم دس 16 عميلاً في صفوف عصابات الإجرام وتم فعلاً تفكيك الكثير منها.
تصريحات شابتاي، جاءت بعد نشر الشرطة معطيات رسمية حول عملية تم خلالها دس عميل على مدى عام كامل، داخل المنظمات الإجرامية في المجتمع العربي، أثمرت عن توجيه لائحة اتهام إلى 78 من أكبر تجار الأسلحة في إسرائيل. وتم وضع اليد على 40 بندقية و13 مسدساً ورشاشين وعبوتين ناسفتين بنظام تشغيل خلوي جاهز للعمل. وكشفت الشرطة أن العميل مجرم سابق قرر الانتقال إلى الطرف المقابل، ليعمل تحت غطاء جندي في منظمة إجرامية تزوّد الرؤساء الكبار بالسلاح.
وبدأ العميل القادم من العالم الإجرامي عمله في وقت مبكر من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، واضطلع بـ48 صفقة، اقتنى خلالها 53 سلاحاً صالحاً وعبوتين ناسفتين مزودتين بنظام خلوي جاهز للتشغيل والكثير من الذخيرة. أما المشتبه بهم فهم من سكان طمرة والناصرة وعيلوط ويافا الناصرة وكابل وشفاعمرو وساجور ودالية الكرمل وغيرها. ووصفت الشرطة الإسرائيلية العملية بأنها سرّية أدت إلى أكبر عدد من الاعتقالات وسط تجار السلاح منذ قيام إسرائيل، وأكبر ضبط لعدد الأسلحة في عملية من هذا النوع.
ترأس العملية المقدم ماني بنيامين، وقد اتّبع سياسة قائد المنطقة الشمالية شمعون لافي الذي وصف المهمة في حينه بأنها ترمي إلى «تجفيف المستنقع وليس مجرد اصطياد البعوض». وشارك في المداهمات 1600 شرطي، بينهم عناصر من حرس الحدود والقوات الخاصة. وعلق وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، على العملية بقوله: «لقد قررنا التعامل مع الجريمة والسلاح في الشارع العربي على أنه هدف وطني رئيسي ونتائج عملية الليلة هي ثمرة الكثير من العمل الجاد والعزم والإبداع والمثابرة. هذا هو الطريق الصحيح لتجفيف المستنقع، وسننجح بتجفيفه».
وفوراً، أشاد رئيس الوزراء نفتالي بنيت، بالعملية الواسعة التي قامت بها الشرطة، وأكد أن هذه العملية لم يسبق لها مثيل. وجاء الكشف عن عملية الشرطة في وقت تستمر فيه الجرائم في المجتمع العربي في إسرائيل.
وحسب إحصائيات رسمية، فإنه منذ مطلع السنة الحالية، قُتل 110 أشخاص بينهم ثلاث عشرة امرأة، ما سلّط الضوء أكثر على مستوى العنف المتزايد، ودفع الحكومة الإسرائيلية إلى تخصيص أكثر من 30 مليار شيكل، لمحاولة «سد» الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وخفض معدلات الجريمة في المجتمع العربي.
وقد وافق مكتب رئيس الوزراء نفتالي بنيت، قبل أسبوعين، على الخطة التي ستخصص «30 مليار شيكل (9.35 مليار دولار)، لتطوير العمالة وتعزيز عمل البلديات وتحسين الخدمات الصحية، وتشجيع الاندماج في مهن التكنولوجيا الفائقة وغيرها من المجالات». ويُفترض أن تنفذ الخطة على مدار خمس سنوات داخل المجتمع العربي الذي يشكو من التمييز في مختلف المجالات.
ويشكل العرب 20% من عدد السكان في إسرائيل الذي يزيد على تسعة ملايين، وهم من أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا على أراضيهم بعد قيام إسرائيل عام 1948. ويشمل المبلغ، ما قيمته 2.5 مليار شيكل (779 مليون دولار) لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي الذي يشهد معدلات قتل وابتزاز عالية. وتهدف الخطة إلى تفكيك المنظمات الإجرامية وزيادة الأمن الشخصي، وتقليل الحيازة غير المشروعة للأسلحة وتعزيز «صمود المجتمع العربي في التعامل مع العنف».
ويطالب العرب الحكومة بوضع حد للجريمة والعنف عبر إجراءات حازمة من الشرطة، وليس التحريض على المجتمع العربي وثقافته. وقال رئيس القائمة المشتركة في الكنيست أيمن عودة، بعد إعلان الشرطة عن أكبر عملية اعتقال ومصادرة أسلحة في المجتمع العربي: «عممت الشرطة أنها قامت بضبط الكثير من قطع السلاح واعتقال مشتبهين. نحن في القائمة المشتركة نطالب الشرطة بالمزيد من العمل لتنظيف قرانا ومدننا من كل أنواع السلاح، ويشمل ذلك منع وصول السلاح من الجيش، الضفة والأردن، ويشمل جمع السلاح واعتقال حامليه. وأن يرفع الشاباك كلياً حمايته لرؤوس الإجرام. نريد مجتمعاً نظيفاً من السلاح، نريد مجتمعاً كريماً حضارياً».


مقالات ذات صلة

الاعتداء بسجن في لندن على والد طفلة باكستانية الأصل عذّب ابنته وقتلها

أوروبا عرفان شريف المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة لتعذيبه وقتله ابنته سارة التي كانت في العاشرة من العمر (رويترز)

الاعتداء بسجن في لندن على والد طفلة باكستانية الأصل عذّب ابنته وقتلها

اعتدى اثنان من نزلاء سجن بلمارش في لندن على عرفان شريف المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة لتعذيبه وقتله ابنته سارة البالغة عشر سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ بطاقة هوية أميركية تالفة لماثيو ليفيلسبرغر وهو جندي بالجيش حددته الشرطة بأنه سائق سيارة «تسلا» التي انفجرت بلاس فيغاس (رويترز)

ينتمي للقوات الخاصة بالجيش... ماذا نعرف عن المشتبه بتفجير سيارة «تسلا» في لاس فيغاس؟

قالت الشرطة إن ليفيلسبرغر أصيب برصاصة في الرأس، وتعتقد أنه أطلق النار على نفسه قبل تفجير السيارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا عناصر من الشرطة البلجيكية (أرشيفية - رويترز)

بلجيكا: القبض على طبيب نفسي متهم بارتكاب جرائم اغتصاب في مركز للمعوقين

أوقف رجل يبلغ 47 عاماً، يعمل طبيباً نفسياً مع الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية، في بلجيكا، بعد سلسلة عمليات اغتصاب في مركز استقبال في أندرلو بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ المشتبه بتنفيذه هجوم نيو أورليانز شمس الدين جبار (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن شمس الدين جبار منفذ هجوم نيو أورليانز؟

قالت أليثيا دنكان، من مكتب التحقيقات الفيدرالي، في مؤتمر صحافي بعد ظهر الأربعاء، إن جبار - الذي توفي في مكان الهجوم - كان مواطناً أميركياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عناصر من الشرطة يدققون بوثائق شخص بالقرب من مكان وقوع حادث اصطدام سيارة بحشد خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في نيو أورليانز (رويترز)

«منطقة حرب»... شهود على هجوم نيو أورليانز يروون «مشاهد رعب»

روى شهود على الهجوم الدامي الذي نفّذه عسكري أميركي سابق عندما دهس بشاحنته حشداً من المحتفلين برأس السنة في مدينة نيو أورليانز مشاهد الرعب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم