البنك الدولي يطالب إسرائيل بوقف الاقتطاع من العائدات الفلسطينية

السلطة تواجه فجوة تمويل كبيرة ومساهمة غزة تراجعت إلى 10 %

صيد السمك في غزة الذي يتعرض من وقت لآخر للمنع وتقنين المساحة (أ.ف.ب)
صيد السمك في غزة الذي يتعرض من وقت لآخر للمنع وتقنين المساحة (أ.ف.ب)
TT

البنك الدولي يطالب إسرائيل بوقف الاقتطاع من العائدات الفلسطينية

صيد السمك في غزة الذي يتعرض من وقت لآخر للمنع وتقنين المساحة (أ.ف.ب)
صيد السمك في غزة الذي يتعرض من وقت لآخر للمنع وتقنين المساحة (أ.ف.ب)

دعا البنك الدولي، إسرائيل، إلى وقف الاقتطاعات من عائدات الضرائب الفلسطينية «المقاصة» ومعالجة الملفات المالية العالقة، كما دعا المانحين إلى استئناف المساعدات للمالية العامة في ظل التحديات المالية الجسيمة التي تواجهها السلطة. وقال تقريره الأخير، إن المالية العامة للسلطة الفلسطينية ما زالت تواجه تحدياتٍ جسيمة، وإنه رغم زيادة العائدات، فإن الإنفاق العام ارتفع بالمعدل نفسه، وهوت المساعدات إلى مستوى قياسي متدنٍ، وزادت الضغوط على المالية العامة، جراء استقطاعات إضافية أجرتها الحكومة الإسرائيلية من الإيرادات الضريبية الشهرية التي تقوم بتحصيلها لحساب السلطة الفلسطينية (إيرادات المقاصة).
التقرير كشف عنه الثلاثاء، ومن المقرر أن يقدمه البنك لاجتماع المانحين في أوسلو في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وقد اعتبر أنه «بعد حساب الدفعات المُقدَمة من إيرادات المقاصة التي قدَمتها الحكومة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية، والتمويل المقدم من المانحين، من المتوقع أن يصل عجز موازنة السلطة الفلسطينية إلى 1.36 مليار دولار في 2021». وقد تواجه السلطة الفلسطينية صعوبات في الوفاء بالتزاماتها الجارية قرب نهاية العام، بحسب تقرير البنك، إذ لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك المحلية، وقد تضطر إلى زيادة تراكم المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص، الأمر الذي يؤدي إلى سحب مزيد من السيولة في السوق، مع التشديد على أن «فجوة التمويل المتوقعة ما تزال كبيرة جداً».
وطالب البنك في تقريره، الحكومة الإسرائيلية، بمعالجة بعض تسرُبات الموارد من المالية العامة التي لا تزال قائمة، فعلى سبيل المثال، تقوم بتحصيل الإيرادات الضريبية من الشركات العاملة في المنطقة (ج)، وتُحصِل رسوم المغادرة على الجسر، ولكن لم يحدث تحويل منتظم لهذه الإيرادات إلى السلطة الفلسطينية كما تقضي الاتفاقيات المُوقَعة. وبحسب البنك، فإنه «إذا تم صرف بعض هذه الأموال، فسوف يتيح تمويلا سريعا تشتد الحاجة إليه في هذه الأوقات الصعبة». كما طالب المانحين، بالمساعدة في خفض عجز الموازنة.
وجاء تقرير البنك الدولي، في وقت تقول فيه السلطة إنها تعاني أسوأ وضع مالي منذ تأسيسها، بسبب خصم إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية وأزمة «كوفيد - 19» وتراجع الدعم الخارجي.
وبحسب آخر البيانات، فإن ما وصل السلطة مع نهاية العام الجاري، لم يتجاوز 10 في المائة مما كان يصل في العادة إلى الخزينة الفلسطينية. وأفادت بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية، بتراجع الدعم والمنح والمساعدات المالية المقدمة للخزينة العامة، بنسبة 89.6 في المائة، بواقع 31.5 مليون دولار خلال الشهور الثمانية الأولى من 2021، مقابل الفترة المقابلة العام الماضي. ورغم أن الاقتصاد الفلسطيني حقق معدل نمو بنسبة 5.4 في المائة في النصف الأول من 2021، ويُتوقع أن يصل إلى 6 في المائة في العام كاملاً، فإنه سيتباطأ إلى 3 في المائة عام 2022 «بسبب تضاؤل سرعة الانتعاش ما بعد كوفيد - 19 وبقاء مصادر النمو محدودة». واعتبر التقرير أن الاقتصاد الفلسطيني بدأ يُظهر بعضَ علاماتٍ التعافي، مرجعاً ذلك إلى «التحسُن في النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية، رغم أن قطاع غزة ما زال يعاني أوضاعاً اقتصادية بالغة الشدة، مع الارتفاع الكبير في معدلات البطالة وتدهور الأحوال الاجتماعية. لكنه أيضاً حذر من حالة من عدم اليقين تشوب آفاق المستقبل، في ضوء محدودية مصادر النمو المستدامة. وقال المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، كانثان شانكار، «إن النمو الحالي الذي يقوده الاستهلاك في الضفة الغربية، يُعزَى إلى انتعاشٍ انطلق من سنة أساس منخفضة في عام 2020، وهو وضعٌ تفاقم بسبب أزمة جائحة كورونا، ولا يزال الاقتصاد يعاني من قيود على الحركة والعبور والتجارة، وهي أكبر عائق للاستثمار والوصول إلى الأسواق».
كما أن المسار القادم لا تزال تخيم عليه حالة من عدم اليقين، ويتوقف على اتخاذ كل الأطراف جهوداً مُنسَقة لإنعاش الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب.
أشار التقرير إلى الآثار التراكمية لسنواتٍ من الحصار على اقتصاد غزة، الذي يعاني حالياً انكماشاً إلى نسبة ضئيلة من إمكاناته التقديرية. وقدر أن مساهمة قطاع غزة في الاقتصاد الفلسطيني الكلي، تقلصت بمقدار النصف خلال العقود الثلاثة الماضية، ووصلت في الوقت الحالي إلى 18 في المائة فقط. وإن قطاع غزة شهد تراجعاً في أنشطة التصنيع، وأصبح اقتصاد القطاع يعتمد بنسبة كبيرة على التحويلات الخارجية.
علاوة على ذلك، أثَر التدهور الاقتصادي في قطاع غزة تأثيراً شديداً على مستويات المعيشة، إذ بلغ معدل البطالة 45 في المائة، ووصل معدل الفقر إلى 59 في المائة جراء جولة الصراع الأخيرة التي استمرت 11 يوماً، وتدهور الأوضاع من جراء تفشي جائحة كورونا.


مقالات ذات صلة

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.