المغرب عازم على طيّ النزاع حول الصحراء

العلمان المغربي والجزائري في منطقة وجدة المغربية على حدود الجزائر (أ.ف.ب)
العلمان المغربي والجزائري في منطقة وجدة المغربية على حدود الجزائر (أ.ف.ب)
TT

المغرب عازم على طيّ النزاع حول الصحراء

العلمان المغربي والجزائري في منطقة وجدة المغربية على حدود الجزائر (أ.ف.ب)
العلمان المغربي والجزائري في منطقة وجدة المغربية على حدود الجزائر (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء، عزم المملكة على «الطي النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل» حول الصحراء دون التفاوض على «حقوقها الشرعية»، في ظل توتر متزايد مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وقال بوريطة في عرض أمام الغرفة الثانية للبرلمان إن خطاب الملك محمد السادس الأخير حول هذه القضية «يروم التوجه بكل حزم وبكل ثقة، نحو الطي النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء» التي تطالب البوليساريو باستقلالها.
وكان العاهل المغربي أكد في خطاب السبت بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لـ«المسيرة الخضراء» أن المغرب «لا يتفاوض على صحرائه»، وإنما من أجل «إيجاد حلّ سلمي» لهذا النزاع.
وجدد بوريطة تأكيد ذلك موضحا أن المغرب «منخرط بشكل بناء في البحث عن حل لنزاع إقليمي مفتعل، نابع من معارضة دولة جارة لحقوق المغرب الشرعية في استكمال وحدته الترابية»، في إشارة إلى الجزائر. وشدد على أن الحل النهائي يكون «في إطار مبادرة الحكم الذاتي ولا شيء غير ذلك»، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
يقترح المغرب منح المنطقة المتنازع عليها حكما ذاتيا تحت سيادته، بينما تطالب البوليساريو مدعومة من الجزائر باستقلالها.
وفي آخر قرار له حول هذا النزاع دعا مجلس الأمن الدولي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) كلًا من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات، «بدون شروط مسبقة وبحسن نية» في أفق التوصل إلى «حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين» بهدف "تقرير مصير شعب الصحراء».
يفترض أن تستأنف هذه المفاوضات، المتوقفة منذ العام 2019، تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا.
لكن الجزائر سبق أن أعلنت رفضها العودة إلى طاولة المفاوضات، بينما أدانت البوليساريو قرارا أمميا «حكم مسبقا بالفشل على مهمة» دي ميستورا.
من جانب آخر، رحب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في اتصال هاتفي مع نظيره المغربي، الثلاثاء، بـ«الجهود الجادة والموثوقة التي يبذلها المغرب في إطار الأمم المتحدة» بخصوص هذا النزاع، وفق بيان مشترك بين الجانبين.
وأشار الوزيران أيضا إلى «أهمية مبادرات مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلقة باتفاقيات الزراعة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي».
وكانت محكمة العدل الأوروبية قضت أواخر سبتمبر (أيلول) بإلغاء اتفاقين تجاريين بين المملكة والاتحاد، لكونهما تشملان منتجات مصدرها الصحراء.
من جهته، توجه العاهل المغربي في خطابه السبت «إلى أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة»، مؤكدا أن «المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».