زكي يرفض التعامل بـ«استخفاف» مع الأزمة اللبنانية ـ الخليجية

قال من بيروت إن مسار الحل يبدأ من استقالة قرداحي

عون مستقبلاً زكي أمس (الرئاسة اللبنانية)
عون مستقبلاً زكي أمس (الرئاسة اللبنانية)
TT

زكي يرفض التعامل بـ«استخفاف» مع الأزمة اللبنانية ـ الخليجية

عون مستقبلاً زكي أمس (الرئاسة اللبنانية)
عون مستقبلاً زكي أمس (الرئاسة اللبنانية)

أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي من بيروت أمس (الاثنين)، أن حل أزمة لبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي يبدأ من استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، مشدداً على أن مسألة الاستقالة منذ اللحظة الأولى «كان يمكن أن تنزع فتيل الأزمة»، ومسجلاً في جولته على المسؤولين اللبنانيين اختلافاً في وجهات النظر فيما بينهم، لكنه أكد «لا نريد لهذا الجو العام والإشكاليات أن تحول دون حل هذه الأزمة». وشدد على أن تصريحات قرداحي «تخرج عن القرارات العربية في شأن الوضع في اليمن». وأضاف «المسألة ليست بسيطة، هي أبعد وأهم من أن تعامل بشكل فيه استخفاف».
ووصل زكي إلى بيروت أمس في زيارة استطلاعية، بتكليف من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط لـ«التعرف على الموقف فيما يتعلق بالأزمة الأخيرة»، على خلفية تصريحات قرداحي، كما قال بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون.
وأشار زكي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أنه «ليس الهدف من الزيارة في الأصل طرح أي حل لعلاقات دول فيها جانب سيادي وأمور كثيرة تتعلق بقرارات عالية المستوى يتم اتخاذها على أعلى المستويات، وبالتالي التعامل معها يجب أن يكون دقيقا وحريصا»، موضحاً أن «العلاقات العربية العربية همنا أن تكون إيجابية وجيدة، وعندما نجد أن هناك مشكلة بهذا الحجم نسارع إلى محاولة احتواء الأزمة حتى لا تتفاقم وتأخذ أشكالا عديدة تعقد الموقف فيما بعد».
وعما إذا كان بدء الحل يبدأ من استقالة قرداحي، قال زكي: «الموضوع مطروح ومعلوم منذ اللحظة الأولى أن مسألة الاستقالة كان يمكن أن تنزع فتيل الأزمة من البداية، لكن الأمور استمرت بالشكل الذي نحن عليه والأجواء التي استمعت إليها من الرؤساء الثلاثة هي كلها أجواء حريصة على العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولا ترغب باستمرار هذه الأزمة وتعول على الحس الوطني للوزير المعني»، وأضاف «أعتقد أننا نحتاج إلى تأكيد بشكل أكبر على أن هذه الخطوة يجب أن تتم، لكن الأمر فيه تعقيدات سواء من جهة الجانب الشخصي من الوزير المعني أو من الجانب الدستوري الذي يتضمن بعض التعقيدات، حيث تقيد صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الصدد، ونحن نحترم كل هذا، وسنرى إذا كانت تصح هذه النقطة لنبدأ منها لحلحلة الأزمة».
وقال زكي: «هناك مسار أبعد مدى لإشكاليات أخرى موجودة بين الطرفين (...) لا أحد يتعامل معها»، مضيفاً «دعونا نحل وننزع فتيل هذه الأزمة أولاً، لكي نرى إمكانية بوادر حسن نوايا بين الطرفين تمهد لأن ندخل المسار الأصعب والأكثر تعقيداً وهو المسار الخاص بمعالجة تراكمات العلاقة».
وخلال لقائه الرئيس اللبناني في قصر بعبدا، أبلغ عون الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أن «لبنان حريص على إقامة أفضل العلاقات وأطيبها مع الدول العربية الشقيقة، لا سيما منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولم يترك مناسبة إلا وعبر عن هذا الحرص»، لافتا إلى «ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية، وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد أو جماعات، خصوصا إذا ما كانوا خارج مواقع المسؤولية».
ورحب الرئيس اللبناني بـ«أي مسعى تقوم به جامعة الدول العربية لإعادة العلاقات الأخوية بين البلدين إلى سابق عهدها لا سيما أن لبنان لا يكن للمملكة إلا الخير والتقدم والازدهار»، بحسب ما أفادت الرئاسة اللبنانية، معتبرا أن «المصارحة في مثل هذه الأوضاع هي عامل أساسي لتقريب وجهات النظر ورأب أي صدع»، مشيراً إلى أن لبنان «لن يتردد في اتخاذ أي موقف يساعد في تهيئة الأجواء لمثل هذه المصارحة التي تأخذ في الاعتبار السيادة الوطنية والحرص المتبادل على مأسسة العلاقات بين الدولتين الشقيقتين لضمان ديمومتها وعدم تأثرها بأي أحداث فردية وعابرة».
من جهته، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، خلال استقباله زكي، «أن لبنان حريص على عودة علاقاته الطبيعية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وسيبذل كل جهد ممكن لإزالة ما يشوب هذه العلاقات من ثغرات ومعالجة التباينات الحاصلة بروح الأخوة والتعاون». وجدد «التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة اليمنية، المنطلقة من قرار مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية ومبدأ الحوار بين الأطراف المعنية».
وقال زكي إنه قبل وصوله إلى لبنان «لم يكن هناك جهد مبذول لرأب هذا الصدع»، معرباً عن اعتقاده أن هذه الزيارة في حد ذاتها «مبادرة لوضع هذه الأزمة في موضعها الصحيح والتواصل مع لبنان وقياداته».
ولمح زكي في تصريحه في القصر الحكومي، إلى أنه ليس هناك من موقف لبناني موحد. وقال: «كل قيادة تتحدث برؤيتها. واضح أن البعض له آراء مختلفة عن الآراء التي نعتقد أن فيها مصلحة وطنية للبلد، من الوارد أن يكون هناك خلافات في وجهات النظر وحتى في الرأي العام هذا أمر طبيعي، ولكن عندما تدرك أن هناك تحركات مطلوبة لصالح الوطن فهذا الأمر يجب أن يأخذ أسبقية على كل شيء».
وردا على سؤال، قال: «نتعاون مع الأزمة أولا ثم نرى كيف يمكن التعاون مع الأشكال الأكبر والإشكاليات الأخرى الموجودة بين لبنان والخليج والسعودية، لأننا نعلم أن هذه الإشكاليات قائمة ولا أحد ينكرها، ولكن لا نريد لهذا الجو العام والإشكاليات أن تحول دون حل هذه الأزمة التي يدركها الجميع ويراها والأغلبية تعرف الطريق إلى حلها».
وكان زكي التقى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وقال إن «المسألة هي أبعد من توصيف للحرب وما قيل كان موقفا متكاملا من الوضع في اليمن وما قيل رأى فيه الإخوة في المملكة السعودية إساءة، وبالتأكيد هو أمر يخرج عن القرارات العربية في شأن الوضع في اليمن»، وأضاف «المسألة ليست بسيطة، هي أبعد وأهم من أن تعامل بشكل فيه استخفاف».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).