مؤتمر للأزهر والكنيسة يدعو إلى تعزيز الوعي ومواجهة التطرف

جانب من فعالية مؤتمر «بيت العائلة المصرية» (المركز الإعلامي للأزهر)
جانب من فعالية مؤتمر «بيت العائلة المصرية» (المركز الإعلامي للأزهر)
TT

مؤتمر للأزهر والكنيسة يدعو إلى تعزيز الوعي ومواجهة التطرف

جانب من فعالية مؤتمر «بيت العائلة المصرية» (المركز الإعلامي للأزهر)
جانب من فعالية مؤتمر «بيت العائلة المصرية» (المركز الإعلامي للأزهر)

شدد المشاركون في مؤتمر الأزهر والكنيسة المصرية أمس على أن «(بيت العائلة المصرية) محور مهم من محاور مكافحة الإرهاب من خلال الجهود الحثيثة التي يقوم بها في الحفاظ على النسيج الوطني الواحد». وأكدوا أن «هذا البيت ينشر روح التآخي والمحبة، ويشع السلام منه لكل مصري داخل مصر وخارجها». ودعا المشاركون إلى «ضرورة بناء الوعي، ومواجهة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الوعي بقيم المواطنة».
واحتفل الأزهر والكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمناسبة مرور 10 أعوام على إنشاء «بيت العائلة المصري»، وذلك بحضور شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الإسكندرية تواضروس الثاني، والرئيس المصري السابق عدلي منصور، ووزير العدل عمر مروان نيابة عن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء والسفراء والبعثات الدبلوماسية، وعلماء الدين الإسلامي، وقيادات الكنائس المصرية.
وأكد الطيب أن «الأزهر والكنائس المصرية أسسوا (بيت العائلة) استشعاراً لواجب المؤسسات الدينية في المشاركة في الجهود الوطنية والأمنية والسياسية التي تبذلها الدولة لحماية الوطن»، مشيراً إلى أن «انفتاح الأزهر وعلمائه على كنائس مصر ورجالها وقادتها، ليس كما يصوره البعض محاولة لإذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان، وواضح أن هذا البعض يصعب عليه فهم الفرق بين احترام عقيدة الآخر وبين الإيمان بها، وأن احترام عقيدة الآخر شيء، والاعتراف بها شيء آخر مختلف تمامَ الاختلاف»، موضحاً أن «انفتاح الأزهر على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها، من أجل البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية».
وقال الطيب خلال كلمته في المؤتمر إن «أمانة الكلمة تقتضي التنبيه على أمر مهم قطعاً للشكوك والظنون التي يثيرها البعض، في محاولة منهم لصرف الأنظار عن كيان (بيت العائلة المصرية)»، مؤكداً أن «هذا الأمر هو محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيش في أمن وسلام واستقرار، والخلط بين هذا التآخي وبين امتزاج هذين الدينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكل منهما، وبخاصة في ظل التوجهات التي تنادي بــ(الإبراهيمية) أو الدين الإبراهيمي، نسبة إلى إبراهيم - عليه السلام - أبي الأنبياء ومجمع رسالاتهم، وملتقى شرائعهم، وما تطمح إليه هذه التوجهات - فيما يبدو - من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالة واحدة أو دين واحد يجتمع عليه الناس، ويخلصهم من بوائق النزاعات والصراعات التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس»، مضيفاً أن «هذه الدعوى مثلها مثل دعوى العولمة وغيرها، وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوة إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته؛ إلا أنها، هي نفسها، دعوة إلى مصادرة (حرية الاعتقاد) وحرية الإيمان وحرية الاختيار، وكل ذلك مما ضمنته الأديان، وأكدت عليه في نصوص صريحة واضحة».
من جانبه، قال البابا تواضروس الثاني إن «مصطلح (بيت العائلة) محبوب لدى المصريين حيث يعنى الأصالة والأمان والأخلاق الطيبة»، موضحاً أن «بلادنا المصرية عريقة ولها حضارة قديمة تمتد في جذور الإنسانية، وأن (بيت العائلة المصرية) يهدف إلى تأكيد المواطنة والتعاون معاً من أجل وطن أفضل». ونبّه بابا الأقباط إلى أن «العالم يواجه الآن تحديات صعبة من جراء فيروس (كورونا) الذي أدى إلى جفاف المشاعر بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، إلى جانب وجود تحديات أخرى بسبب ثورات الطبيعة وتغيرات المناخ، وكذلك دخول أفكار أخلاقية غريبة عن مجتمعنا وفي ظل كل هذه التحديات لا بد من تعزيز التعاون للتصدي لكل هذه الأمور».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.