الوسيط الأميركي يهدد بالانسحاب من المحادثات الإسرائيلية ـ اللبنانية

TT

الوسيط الأميركي يهدد بالانسحاب من المحادثات الإسرائيلية ـ اللبنانية

هدد آموس هوشستين، الوسيط الأميركي في عملية التفاوض غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود البحرية، بالانسحاب من المفاوضات إذا لم يجر تقدم حقيقي فيها قبل موعد الانتخابات النيابية في لبنان، المقررة في ربيع عام 2022.
وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، قال موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي، إنه يرى أن الطرفين لا يبذلان جهداً جدياً للتقدم في المفاوضات ويضيعان الفرصة السانحة للتوصل إلى اتفاق. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن هوشستين، كبير مستشاري وزارة الخارجية الأميركية لأمن الطاقة، الذي تم تعيينه وسيطاً في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اجتمع بالرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وغيرهما من المسؤولين هناك، أواخر الشهر الماضي، وبالمسؤولين الإسرائيليين وزيرة الطاقة كارين إلهرار، ومسؤولين رفيعي المستوى في وزارتي الطاقة والخارجية والمؤسسة الأمنية، وقال إنه يعتقد أن الأشهر المقبلة التي تسبق الانتخابات اللبنانية في مارس (آذار) 2022، تشكل فرصة سانحة للتوصل إلى اتفاق. ويريد منهما التقدم باقتراحات ناجعة تعينه على صياغة اقتراحات وساطة واقعية.
وأكد هؤلاء المسؤولون أن هوشستين أبلغ المسؤولين في الطرفين بأنه يعتزم القيام بعدد محدود من الجولات المكوكية بين بيروت والقدس ولكنه لا ينوي استئناف المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة بينهما، إلا إذا تلقى اقتراحات مشجعة تجعله يتقدم باقتراحات حل وسط. وقال إن اقتراحاته للحل لن تكون مرضية للطرفين رضا كاملاً، ولكنها ستكون واقعية لإنهاء الأزمة. وهدد بأنه إذا رأى «في غضون بضعة أشهر أن الطرفين لا يتقدمان باتجاه التوصل إلى اتفاق، فإنه سيرفع يديه عن القضية».
المعروف أن هوشستين هو مواطن إسرائيلي ويحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأميركية، ويشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص لشؤون أمن الطاقة، ويعتبر من أقرب الأشخاص إلى الرئيس بايدن، ومن الملمين بالصراع الإسرائيلي اللبناني حول ترسيم الحدود البحرية، إذ شغل نفس المنصب خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما. وقد عينته الإدارة في واشنطن لتولي مهمة الوساطة في هذا الملف، لقناعتها بأن هناك إمكانية فعلية لتسوية الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية، بين إسرائيل ولبنان، وربما التقدم منها إلى تفاهمات أوسع تشمل الحدود البرية أيضاً. وأوضح خلال لقاءاته معهما أن أسلوبه في الوساطة سيعتمد على إجراء جولات مكوكية بين تل أبيب وبيروت يعقد خلالها مباحثات حثيثة مع الجانبين ويصوغ اقتراح تسوية سيقدمه للطرفين، ولكنه، خلال المباحثات الأولية، لم يقدم أي مقترحات عملية لحل الأزمة، ولم يعبر عن موقف واضح، واكتفى بالاستماع لمواقف الطرفين.
وكانت المفاوضات الإسرائيلية اللبنانية في هذا الموضوع قد بدأت في أكتوبر 2020، من خلال لقاء الوفود في مقر قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في رأس الناقورة، على الجانب اللبناني من الحدود. وعقدت حتى الآن خمس جولات محادثات، كان آخرها في 4 مايو (أيار) الماضي. وحسب اللبنانيين، تبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 2290 كيلومتراً مربعاً، تشمل قسماً من آبار الغاز التي حفرتها إسرائيل، إلا أن إسرائيل تقول إن المساحة المتنازع عليها 860 كيلومتراً فقط.
وتؤكد أن الخرائط المودعة من جانب لبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، تؤكد ذلك. وتتهم لبنان بتقديم خريطة جديدة مضخمة تضيف إلى النزاع 1430 كيلومتراً مربعاً من غير وجه حق. وعلى هذه الخلفية تعثرت المفاوضات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.